هَل عندَكَ غنًى يُغنيكَ ؟، قالَ : لا قالَ : فَكُلوها قالَ : فجاءَ صاحبُها فأخبرَهُ الخبرَ فقالَ : هلَّا كنتَ نحرتَها قالَ: استَحييتُ مِنكَ
الراوي : جابر بن سمرة | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3816 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
التخريج : أخرجه أبو داود ( 3816 ) واللفظ له، وعبدالله بن أحمد في ( (زوائد المسند )) ( 20903 )
أَكْلُ الميتةِ مِنَ الأمورِ الَّتي نَهى عنها الشَّرعُ، إلَّا في بعضِ الحالاتِ، التي حدَّدها الشَّرعُ الحنيفُ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ سَمُرةَ رضِيَ
اللهُ عنه: "أنَّ رَجُلًا نزَل الحَرَّةَ"، وهي أرضٌ بظاهرِ المدينةِ وخارجِها بها حِجارةٌ سَوداءُ، "ومعَه أهلُه وولَدُه؛ وفي روايةٍ: "أنَّ أهلَ بيتٍ كانوا بالحَرَّةِ مُحتاجِين"، "فقال رَجُلٌ"،
أي: قال رجلٌ آخَرُ: "إنَّ ناقةً لي ضَلَّتْ"، يعني: ضاعتْ منه وهو صاحِبُها، "فإنْ وَجَدْتَها"،
أي: يقولُ هذا صاحبُها للرجُلِ الذي نزَلَ الحَرَّة هو وأهلُه، والمرادُ: إنْ وَجدتَ النَّاقةَ فأَمْسِكْها وأَبْقِها؛ حتَّى آتِيَ وآخذَها، "فوَجَدَها"،
أي: وجَد الناقةَ الرَّجُلُ الذي نزَل الحَرَّةَ، "فلم يَجِدْ صاحِبَها"،
أي: تأخَّر عنه صاحبُ الناقةِ، "فمَرِضَتِ"،
أي: النَّاقةُ، فقالتِ امرأتُهُ: "انْحَرْها"،
أي: عاجِلْها بالذبحِ قبلَ أن تموتَ وتَنفَقَ، فأبَى الرَّجُلُ ذلك، "فنَفَقَتِ النَّاقةُ" يعني: ماتَتْ، فقالتِ امرأتُهُ: "اسْلُخْها"،
أي: انْزِعْ جِلْدَها، "حتَّى نُقَدِّدَ شَحْمَهَا ولَحْمَها"، يعني نتَّخِذَ شَحْمَها ولَحْمَها قَديدًا ونأكُلَه، فقال الرجلُ: "حتَّى أسألَ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم"،
أي: لن أقربَها حتَّى أستفتيَ في أكْلِها رسولَ
الله صلَّى
الله عليه وسلَّم، "فأتاه فسألَه" فقال له النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "هل عِندَك غِنًى يُغْنيكَ؟"،
يَعني: ما تَسْتغني به ويَكْفيكَ عن أكْلِ تِلك الميتةِ، ولا يَضطرُّك إلى أكْلِها، "فقال الرَّجُلُ: لا"، فقال النبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم: "فكُلوها"،
يَعني: النَّاقةَ التي ماتَتْ.
قال جابرٌ رضِيَ
اللهُ عنه: "فجاء صاحِبُ النَّاقةِ"،
أي: إلى الرَّجُلِ الذي وجَدَها، "فأَخْبَرَه الرَّجُلُ الخَبَرَ"،
أي: بمَرضِها ونُفوقِها، وما أخبره به رسولُ
اللهِ صلَّى
الله عليه وسلَّم مِن الانتفاعِ بها بعدَ موتِها، فقال صاحبُ الناقةِ: "هلَّا كنتَ نَحْرتَها"،
أي: ذَبحتَها قبلَ موتِها؛ لتكونَ أكثرَ نفعًا، فقال الرجلُ: "استحيَيتُ منك"،
أي: ما مَنعَني من ذَبحِها إلَّا الحياءُ؛ خشيةَ أنْ أتعدَّى على ما لا أملِكُ.
قيل: والذي أباحَه له رَسولُ
اللهِ صلَّى
الله عليه وسلَّم من الأكْلِ منها هو فَقطْ ما يَدفَعُ به اضطرارَه، لا أنَّه أباحَ له أنْ يأكُلَها كما يأكُل المذبوحَ؛ لأنَّ
الله تعالى قال:
{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [
البقرة: 173 ]؛ فقصَر ذلك على الضرورةِ؛ لأنَّ الميتةَ نَجسِةٌ وخبيثةٌ فلا يُتناولُ مِن الخبيثِ إلَّا مِقدارُ ما يُسَدُّ به الرَّمقُ ويُسَدُّ به الجُوعُ الذي يُخشَى معه الهلاكُ.
أو لعلَّ النبيَّ صلَّى
الله عليه وسلَّم عَلِمَ مِن حالِ الرَّجُلِ أنَّه واقعٌ في حُكمِ المضطرِّ وليس عندَ النبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم ما يُغنِيه به؛ فأباحَ له أكْلِ الميتةِ بقَدْر حاجتِه.
وفي الحَديثِ: أَكْلُ الميتةِ للمُضطرِّ.
بيانُ ما كان عِندَ الصَّحابةِ رضِيَ
الله عنهم مِن حِرصٍ على أكْلِ الحلالِ وتَحرِّيه
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم