حديث أقلتم كذا وكذا قالوا نعم

أحاديث نبوية | فتح الباري لابن حجر | حديث أنس بن مالك

«أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أعطى أبا سفيانَ وعُيَيْنةَ والأقرعَ وسُهَيْلَ بنَ عمرٍو في آخرينَ يومَ حُنَيْنٍ فقالتِ الأنصارُ: سيوفُنا تقطرُ من دمائِهِم وَهُم يذهبونَ بالمغنمِ، فذَكَرَ الحديثَ وفيهِ ثمَّ قالَ: أقلتُمْ كذا وَكَذا. قالوا: نعَم»

فتح الباري لابن حجر
أنس بن مالك
ابن حجر العسقلاني
إسناده على شرط مسلم

فتح الباري لابن حجر - رقم الحديث أو الصفحة: 7/647 -

شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا سفيان وعيينة والأقرع وسهيل


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ نَاسًا مِنَ الأنْصَارِ قالوا لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حِينَ أفَاءَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أمْوَالِ هَوَازِنَ ما أفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالًا مِن قُرَيْشٍ المِئَةَ مِنَ الإبِلِ، فَقالوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ يُعْطِي قُرَيْشًا ويَدَعُنَا، وسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِن دِمَائِهِمْ! قَالَ أنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَقالتِهِمْ، فأرْسَلَ إلى الأنْصَارِ، فَجَمَعهُمْ في قُبَّةٍ مِن أدَمٍ، ولَمْ يَدْعُ معهُمْ أحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: ما كانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ قَالَ له فُقَهَاؤُهُمْ: أمَّا ذَوُو آرَائِنَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَقولوا شيئًا، وأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أسْنَانُهُمْ فَقالوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ يُعْطِي قُرَيْشًا ويَتْرُكُ الأنْصَارَ، وسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِن دِمَائِهِمْ! فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بكُفْرٍ، أمَا تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالأمْوَالِ، وتَرْجِعُوا إلى رِحَالِكُمْ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟! فَوَاللَّهِ ما تَنْقَلِبُونَ به خَيْرٌ ممَّا يَنْقَلِبُونَ به، قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قدْ رَضِينَا، فَقَالَ لهمْ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ ورَسولَه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى الحَوْضِ.
قَالَ أنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3147 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على أنْ يَدخُلَ النَّاسُ جَميعُهم في دِينِ اللهِ، وكان يُعامِلُ النَّاسَ بما يَرى فيه مَصلحتَهم، فما كان يُصلِحُه المالُ أعطاهُ، وما كان يُصلِحُه قُرْبُه منه قرَّبَه منه، إلى غيرِ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ناسًا مِنَ الأنصارِ قالُوا لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حينَ أفاءَ اللهُ عليه مِنْ أموالِ هَوازِنَ بعْدَ غَزوةِ حُنَينٍ في السَّنةِ الثَّامِنةِ مِنَ الهِجرةِ -وهَوازِنُ هي قَبيلةٌ مِن قَبائِلِ العَرَبِ- فشَرَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعطي رِجالًا مِن قُرَيشٍ المِئةَ مِنَ الإبِلِ، يَتألَّفُهم بذلك؛ لِأنَّهم سادةٌ في أقوامِهم، فلَمَّا رأى الأنصارُ -وهُم أهلُ المَدينةِ- ما فَعَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كأنَّهم غاروا مِن ذلك أو حَزِنوا في أنْفُسِهم؛ لِأنَّهم رَأوْا في أنْفُسِهم أنَّهم أحَقُّ بهذا المالِ، فقالوا: يَغفِرُ اللهُ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
فكَأنَّهم رأوْا ذلك خَطأً منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستَحِقُّ أنْ يَغفِرَه اللهُ له، أو قالوا ذلك على سَبيلِ إظهارِ شِدَّةِ مَحَبَّتِهم له، حتَّى إنَّهم لا يَستَطيعون أنْ يَقولوا: إنَّه وَقَعَ في الخَطأِ صَراحةً، وعلَّلوا قَولَهم هذا بأنَّه يُعطي قَومَه قُريْشًا ويَترُكُ الأنصارَ فلا يُعطِيهم، وإنَّ سُيوفَ الأنصارِ ما زالتْ بها آثارٌ مِن دِماءِ قُرَيشٍ في الحُروبِ التي دارتْ بيْنهم لِيُسْلِموا، وكأنَّهم يُريدون منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعطيَهم كما أعطى قُرَيشًا، وكأنَّ الذين قالوا هذا حَزِنوا واستَشْعَروا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَدأ يَميلُ إلى أهْلِه وعَشيرَتِه مِن قُرَيشٍ، ويُفضِّلُهم بالعَطاءِ، فعَلِم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما قالوا، قيلَ: أخبَرَه سَعدُ بنُ عُبادةَ رَضيَ اللهُ عنه، فأرسَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الأنصارِ، فجَمَعَهم في خَيْمةٍ مِن أدَمٍ، وهو الجِلدُ، ولم يَدْعُ معهم أحَدًا غَيرَهم، فاقتَصَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليهم فقطْ، فلَمَّا اجتَمَعوا جاءَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسَأَلَهم: ما الخبَرُ الذي بَلَغَني عنكم؟ يَستَفهِمُ منهم عمَّا قالوه، فقال له فُقَهاؤُهم -وهُم أصحابُ الفَهْمِ-: أمَّا ذَوو آرائِنا -وهُمُ العُقَلاءُ وذَوو الرَّأْيِ- يا رَسولَ اللهِ، فلم يَقولوا شَيئًا، وأمَّا أُناسٌ مِنَّا صِغارُ السِّنِّ، وصِغارُ العُقولِ، فقالوا: يَغفِرُ اللهُ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ يُعطي قُرَيشًا ويَترُكُ الأنصارَ، وسُيُوفُنا تَقطُرُ مِن دِمائِهم! فقال لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنِّي أُعطي رِجالًا حَدِيثٌ عَهدُهم بكُفرٍ»، يَعني: أُريدُ تَأليفَهم وثَباتَهم على الإسلامِ بأنْ أُعطيَ لهمُ المالَ؛ لا لِأنَّهم مِن قُرَيشٍ، أو لِأيِّ غَرَضٍ آخَرَ.
ثمَّ قال لهم -مُبَشِّرًا، ومُبيِّنًا حُبَّه واختيارَه لهم دُونَ غَيرِهم مِنَ المُسلِمينَ: «أمَا تَرضَوْنَ أنْ يَذهَبَ النَّاسُ بالأموالِ» فيَأخُذوها إلى بُيوتِهم وأهلِيهم، وتَرجِعوا إلى رِحالِكم وبُيوتِكم برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فيَكونَ ذلك خَيرًا مِنَ الأموالِ، ثمَّ أقسَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم بقولِه: «فوَاللهِ ما تَنقَلِبونَ به» فتَرجِعونَ به إلى دِيارِكم ومَدينَتِكم «خَيرٌ ممَّا يَنقَلِبونَ به» هَؤُلاءِ مِنَ الأموالِ، وهنا ظَهَرَ لِلأنصارِ مَكانَتُهم عِندَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمَكانَتُهم فَوقَ كُلِّ مَن أخَذوا الأموالَ؛ تَأليفًا لِقُلوبِهم، فقالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قد رَضِينا، فقال لهم: «إنَّكم ستَرَوْنَ بَعدِي أثَرةً شَدِيدةً»، يَعني: ستَجِدونَ استِبدادًا عليكم وانفِرادًا بالأموالِ والحُقوقِ مِنَ الأُمَراءِ دُونَكم بما لكمْ بغَيرِ حَقٍّ، فيُعطِي المَسؤولُ غَيرَكم ما لا يُعطِيكم، ويَستَعمِلُهم في الوَظائفِ والوِلاياتِ ما لا يَستَعمِلُكم، ثمَّ قال لهم مُوصيًا ومُرشِدًا: «فاصبِروا حتى تَلْقَوُا اللهَ ورَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الحَوضِ»، والمَعنى: فاصبِروا على ما تَلقَوْنَه في الدُّنيا مِن بَعدي، حتَّى تَلقَوْني على الحَوضِ في القيامةِ سالِمينَ مِنَ التَّنافُسِ والتَّباغُضِ في حُطامِ الدُّنيا، فعِندَها تُوَفَّوْنَ أُجورَكم مِنَ اللهِ تَعالى، فتَظْفَرونَ بالثَّوابِ الجَزيلِ على الصَّبرِ.
وحَوضُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَجمَعُ ماءٍ عَظيمٌ يَرِدُه المُؤمِنونَ في عَرَصاتِ القيامةِ.
وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: «قالوا: سنَصبِرُ» على الأذى.
ثمَّ قال أنَسٌ: فلم نَصبِرْ على الأثَرةِ والاستِبدادِ، كما أمَرَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ إعطاءِ المُؤلَّفةِ قُلوبُهم مِنَ الغَنائِمِ وما في حُكمِها مِن أموالِ الدَّولةِ؛ تَأليفًا لِقُلوبِهم، وتَثبيتًا لهم على الإسلامِ.
وفيه: فَضلُ الأنصارِ.
وفيه: اختِصاصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالأنصارِ، واختِصاصُهم بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: الأمْرُ بالصَّبرِ على استِبدادِ الأُمَراءِ وتَفضيلِهم لِغَيرِ ذَوي الاستِحقاقِ.
وفيه: إثباتُ الحَوضِ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ القيامةِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
فتح الباري لابن حجركنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثا فسكت حتى
التمهيداحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة فأمر له
التلخيص الحبيرعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال رأيت عليا توضأ فغسل وجهه ثلاثا
التمهيدعن عائشة قالت إن الناس كانوا عمال أنفسهم وكانت ثيابهم الأنمار قالت فكانوا
التلخيص الحبيرحديث عائشة أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في
موافقة الخبر الخبرعن أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه قال أغارت خيل النبي صلى
المحلىمن علامة النفاق ثلاثة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم إذا
المحلىأنه نهى عن النذر وقال إنه لا يرد شيئا ولكن يستخرج به من
المحلىأن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم
المحلىاللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة
مختصر الأحكامكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس
مختصر الأحكامإذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها أجر ولزوجها مثل ذلك وللخازن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, December 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب