حديث ذات أنواط قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال

أحاديث نبوية | عمدة التفسير | حديث أبو واقد الليثي

«أنَّهم خرجوا من مكَّةَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى حُنينٍ , قال : وكان للكفَّارِ سدرةٌ يعكُفون عندها , ويعلِّقون بها أسلحتَهم , يُقالُ لها : ذاتُ أنواطٍ , قال : فمررنا بسدرةٍ خضراءَ عظيمةٍ , قال : فقلنا : يا رسولَ اللهِ , اجعلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ ! ! فقال : قلتم والَّذي نفسي بيدِه , كما قال قومُ موسَى لموسَى : { اجْعَلْ لَنا إِلهًا كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (139)»

عمدة التفسير
أبو واقد الليثي
أحمد شاكر
[أشار في المقدمة إلى صحته]

عمدة التفسير - رقم الحديث أو الصفحة: 2/54 -

شرح حديث أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا خرَجَ إلى حنين، مَرَّ بشجرةٍ للمشركينَ يُقالُ لها: ذاتُ أَنْواطٍ، يُعلِّقونَ عليها أسلحتَهم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ اجعَلْ لنا ذاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذاتُ أَنْواطٍ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: سُبحانَ اللهِ! هذا كما قال قَومُ موسى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } [ الأعراف: 138 ]، والذي نَفْسي بيدِه، لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَن كان قَبلَكم.
الراوي : أبو واقد الليثي | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 2180 | خلاصة حكم المحدث : صحيح



كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُربِّي أصحابَه بحسَبِ المواقفِ الَّتي تمُرُّ عليهم؛ فالبيانُ في وقتِ الحاجةِ أوقَعُ في القلوبِ وأكثرُ تأثيرًا، وفي هذا الحديثِ يَحْكي أبو واقدٍ اللَّيثيُّ رضِيَ اللهُ عَنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا خرَج إلى "خَيبَرَ"، أي: غزوةِ خيبرَ، وخَيبرُ مَكانٌ على ثَمانيةِ بُرُدٍ مِن المدينةِ مِن جهةِ الشَّامِ - أي: ( 173 كم تقريبًا )-، وكانتْ غزوةُ خيبرَ في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهجرةِ بين المسلِمين واليهودِ، "مرَّ بشَجرةٍ للمُشرِكين"، قيل: هي شجرةٌ كان يُعظِّمُها المشرِكون ويُقدِّسونها، ويَفعَلون عندَها عاداتٍ جاهليَّةً ويَأتونَها كلَّ عامٍ، "يُقال لها"، أي: اسمُ الشَّجرةِ: "ذاتُ أنواطٍ"، جمعُ نَوْطٍ، وهو ما يُعلَّقُ على المنوطِ به، وذاتُ أنواطٍ أي: ذاتُ مُعلَّقاتٍ، "يُعلِّقون عليها أسلِحَتَهم"، أي: يُعلِّقُ المشرِكون على هذه الشَّجرةِ أسلحتَهم ومُتعلَّقاتِهم، "فقالوا"، أي: قال الصَّحابةُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، اجعَلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ"، أي: اجعَلْ لنا شجرةً مثلَ المشرِكين نُعلِّقُ عليها أسلِحتَنا؛ ظنًّا منهم أنَّ هذا أمرٌ محبوبٌ لله تعالى فقَصدوا التقرُّبَ إلى اللهِ بذلك، وظنًّا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أمَرَهم بالتبرُّكِ بها سيصيرُ فيها برَكةٌ؛ وإلَّا فأصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يَعرِفونَ أنَّها لا تَخلُقُ ولا تَرزُقُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "سُبحانَ اللهِ"! كأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يتَعجَّبُ منهم ويُنكِرُ عليهم أن يَطلُبوا مِثلَ هذا الطَّلبِ، وقد كرَّمَهم اللهُ بالإسلامِ ونبْذِ عاداتِ الجاهليَّةِ، فأنكَرَ عليهم الاقتِداءَ بهم؛ لأنَّ ذلك دَاعيةٌ إلى اتِّباعِهم فيما لا يَحِلُّ فِعلُه؛ ولذلك ضرَب النَّبيُّ عليه السَّلامُ المثَلَ، "هذا كما قال قومُ موسى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } [ الأعراف: 138 ]"، أي: طلَبُكم هذا كطلَبِ بَني إسرائيلَ مِن نبيِّ اللهِ موسى عندَما طلَبوا منه أن يَجعَلَ لهم أصنامًا كما للمُشرِكين أصنامٌ، ثمَّ ما لَبِثوا أنْ جعَل لهم السَّامريُّ عِجلًا مِن ذهَبٍ فعَبَدوه، مع أنَّ هارونَ عليه السَّلامُ كان معَهم، وكان موسى عليه السَّلامُ في ميقاتِ ربِّه، فكأنَّ هذا إشارةٌ إلى أنَّ سُنَّةَ اللهِ ماضيةٌ في الأمَّةِ، وقد بدَأَت في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
ثمَّ قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "والَّذي نَفْسي بيَدِه"، أي: يُقْسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم باللهِ الَّذي يَملِكُ أمرَ نفْسِه: "لتَركَبُنَّ سُنَّةَ مَن كان قبْلَكم"، أي: لسَوف تَفعَلون يا أُمَّةَ الإسلامِ مِثلَما فعَل مَن كان قَبلَكم مِن المشرِكين واليهودِ والنَّصارى، ولسَوف تَسلُكون سَبيلَهم، وتنهَجون منهجَهم، وتَسيرون على مِنوالِهم، وهذا إنكارٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِمَن اقتَدَى بهم أو فعَل فِعلَهم أو تشَبَّه بهم؛ فلم يترُكِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم البيانَ لهم وَيسكُتْ على قولِهم، بل بيَّن لهم وغلَّظ هذا الأمْرَ؛ سدا للذريعة لئلا يتساهل بأمثال هذه العبارة، ولم يحَكُمْ عليهم بالكفرِ؛ لعدم تَوفُّرِ شُروطِ التكفير؛ فقد كانوا حَديثِي عهدٍ بكفر, ويَجهلونَ المحظورَ في قولِهم؛ قيل: والمرادُ هنا اتِّباعُ طَريقةِ أهلِ الأهواءِ والبِدَعِ التي ابتدَعوها مِن تِلْقاءِ أنفُسِهم بعدَ أنبيائِهم، مِن تَغييرِ دينِهم وتَحريفِ كِتابِهم، كما أتَى على بَني إسرائيلَ حَذْوَ النَّعلِ بالنَّعلِ، وقيل: بل المرادُ الموافقةُ في المعاصي والمخالَفاتِ، لا في الكُفرِ.
وقيل: المرادُ أنَّ سُنَّةَ اللهِ قد جَرَتْ على الأمَّةِ مِن الانقِسامِ بعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقَتْلِ النَّاسِ لبعضِ خُلفاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا اتِّباعٌ لليهودِ الَّذين قتَلوا أنبياءَ اللهِ، ولكن لَمَّا حَفِظ اللهُ نبيَّه محمَّدًا وقَع القتلُ على خُلَفائِه.
وفي الحديثِ: حِمايةُ جَنابِ التَّوحيدِ، وسدُّ ذَرائِع الشِّركِ.
وفيه: النَّهيُ عن التَّشبُّهِ بالكفَّارِ والمشرِكين، أو الاقتِداءِ بهم، والأمرُ بنَبذِ عاداتِ الجاهليَّةِ وأفعالِها.
وفيه: الغضبُ عندَ التَّعليمِ.
وفيه: أنَّ الشِّركَ قد يَقعُ ممَّن هو أعلمُ الناسِ وأصلحِهم وهو لا يَدْرِي.
وفيه: مُعجَزةٌ ظاهرةٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقد وقَع ما أخبَر به عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
عمدة التفسيرخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا بسدرة
عمدة التفسيرعن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فلما تجلى ربه
مختصر المقاصداستعيذي بالله من شر هذا فإنه الغاسق إذا وقب يعني القمر
مختصر المقاصدما نزعت الرحمة إلا من شقي
الأحكام الشرعية الصغرىإن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي قال
الأحكام الشرعية الصغرىآخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى
الأحكام الشرعية الصغرىكانت للنبي صلى الله عليه وسلم سكة يتطيب منها
الأحكام الشرعية الصغرىيا أنس إني أريد الصيام أطعمني شيئا فأتيته بتمر وإناء فيه ماء وذلك
الأحكام الشرعية الصغرىأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد وإن
الأحكام الشرعية الصغرىإذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامدا فألقوها وما حولها
الأحكام الشرعية الصغرىلا نكاح إلا بولي
هداية الرواةالعامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, June 16, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب