شرح حديث سيكون أمراء تعرفون و تنكرون فمن نابذهم نجا ومن اعتزلهم
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
للأمْرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ مَنزلةٌ كُبرى ومَكانةٌ عُظمى؛ وقد نالتْ بها أُمَّةُ الإسلامِ الخيريَّةَ على سائرِ الأُمَمِ، ولو طُويَ بِساطُ الأمْرِ بالمَعروفِ وأُهمِلَ عِلمُه وعملُه؛ لاضْمحَلَّتِ الدِّيانةُ، وفشَتِ الضَّلالةُ، وشاعتِ الجَهالةُ، واسْتَشرى الفَسادُ، وخَرِبَتِ البِلادُ، وهلَكَ العِبادُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه: "سيَكونُ أُمَراءُ، تَعرِفونَ وتُنكِرونَ"، أي: سيَلي أمْرَكم أُمَراءُ مِن صِفاتِهم أنَّهم يَعمَلون فيكم بأعمالٍ، بعضُها حَسنٌ، وتَعرِفونَه بصِفاتِه وعَلاماتِه، وبعضُها قَبيحٌ تُنكِرونها عليهم، "فمَن نابَذَهم؛ نَجا"، أي: قَويَ على الإنكارِ عليهم بيَدِه ولِسانِه؛ نَجا مِن الهَلاكِ، ومِن العَذابِ يومَ القيامةِ، "ومَن اعتزَلَهم؛ سَلِمَ"، أي: مَن ترَكَهم، وابتعَدَ عنهم، ولم يَرْضَ فِعلَهم، وأنكَرَ عليهم بقَلبِه؛ لعَدمِ قُدرتِه على الإنكارِ باليَدِ أو اللِّسانِ؛ سَلِمَ مِن مُشاركتِهم في الوِزرِ والإثمِ، "ومَن خالَطَهم؛ هلَكَ"، والمعنى: مَن شارَكَهم في أفعالِهم القَبيحةِ؛ ولم يَبرَأْ مِنهم، ولم يَسلَمْ مِن مُشاركتِهم في الوِزرِ برِضاه بفِعلِهم، ومُتابعتِهم في أعمالِهم، فهذا له الهَلاكُ والخُسرانُ في الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي رِوايةِ التِّرمِذيِّ مِن حَديثِ أُمِّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها: "فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، أفَلا نُقاتِلُهم؟"، أي: نَخرُجُ عليهم، فنُقاتِلُ هؤلاء الأُمَراءَ؟ فقال النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا"، أي: نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الخُروجِ عليهم وقِتالِهم، "ما صَلَّوْا"، أي: لا يَحِقُّ قِتالُهم إذا ظَلُّوا يُصلُّون، فإنْ ترَكوا الصَّلاةَ أو منَعوها؛ قوتِلوا.
وكذلك إقامتُهم الشَّريعةَ تَمنَعُ مِن الخُروجِ عليهم، كما ورَدَ في صَحيحِ مُسلمٍ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: "إنْ أُمِّرَ عليكم عبدٌ مُجدَّعٌ يَقودُكم بكِتابِ اللهِ تعالى، فاسمَعوا له وأطيعوا".
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن المُشاركةِ في إثمِ الوُلاةِ، والحَثُّ على الإنكارِ عليهم، أو البُعدِ عن ذلك إنْ لم يَستطِعِ الإنكارَ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم