جاءت عجوزٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو عندي فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : من أنتِ ؟ قالت : أنا جثَّامةُ المُزنيَّةُ فقال : بل أنتِ حسَّانةُ المُزنيَّةُ كيف أنتُم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتُم بعدنا ؟ قالت بخيرٍ بأبي أنت وأمِّي يا رسولَ اللهِ فلما خرجتُ قلتُ : يا رسولَ اللهِ تُقبِلْ على هذه العجوزِ هذا الإقبالَ فقال : إنها كانت تأتينا زمنَ خديجةَ وإنَّ حسنَ العهدِ من الإيمانِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني
| المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 1/424 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
ظَلَّتْ أُمُّ المُؤمِنينَ خديجةُ بِنتُ خُوَيلدٍ رضِيَ
اللهُ عنها حَبيبةً إلى قَلْبِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ حتى بعدَ وَفاتِها، وظَلَّ وَفِيًّا لها ولأصْدِقائِها؛ فقد كانت نِعْمَ العَونِ والزَّوْجةِ عندَ بَدءِ البَعْثةِ الشَّريفةِ، وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لبَعضِ ذلك حيث تَروي عائشةُ أُمُّ المُؤمِنينَ رضِيَ
اللهُ عنها: "جاءَتْ عَجوزٌ"،
أي: امرَأةٌ كَبيرةُ السِّنِّ، "إلى النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عندي"،
أي: في بَيتِها وحُجْرَتِها، "فقال لها رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أنتِ؟ قالت: أنا جَثَّامةُ المُزَنيَّةُ، فقال: بل أنتِ حسَّانةُ المُزَنيَّةُ"، وهذا من تَغْييِر الأسْماءِ القَبيحةِ إلى أسماءَ جَميلةٍ؛ لأنَّ مَعْنى جَثَّامةَ هو: البَليدُ أو الكَسْلانُ، " كيف أنتُم؟ كيف حالُكم؟ كيف كُنتُم بعدَنا؟" وهذا أسئلةٌ للتَّرحيبِ بها، والتَّودُّدِ إليها؛ لِتَشعُرَ بالأُنسِ والمَوَدَّةِ، "قالت: بخَيرٍ بأبي أنتَ وأمي يا رسولَ
اللهِ"،
أي: فِداكَ أبي وأُمِّي، قالت عائشةُ رضِيَ
اللهُ عنها: "فلمَّا خَرَجَتْ، قُلتُ: يا رسولَ
اللهِ، تُقبِلُ على هذه العَجوزِ هذا الإقْبالَ؟!" وهذا سُؤالٌ يَحمِلُ مَعْنى التَّعجُّبِ من فِعلِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مع ما أظْهَرَه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ من اهتِمامٍ ورِعايةٍ لتلك المرْأةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّها كانت تَأتينا زَمَنَ خَديجةَ"،
أي: أنَّها من صَديقاتِ خَديجةَ بِنتِ خُوَيلدٍ أوَّلِ زَوْجاتِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانتْ تَزورُهم في مكَّةَ قَبلَ الهِجْرةِ، "وإنَّ حُسنَ العَهدِ"،
أي: العَقدِ والمِيثاقِ الذي كان بيْنَهما من الزَّوجيَّةِ، "من الإيمانِ"،
أي: أنَّ حِفظَ العُهودِ والمَواثيقِ من الصِّفاتِ الداخلةِ في الإيمانِ، ومن سِماتِ المُؤمِنِ.
وكان هذا من حُبِّه ووَفائِه لها بعدَ مَوتِها حيث تَزَوَّجَتْه وهو فَقيرٌ وواسَتْه بنَفْسِها ومالِها في أشَدِّ المِحَنِ في مكَّةَ، وآمَنَتْ به حين كذَّبَه النَّاسُ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ خَديجةَ رضِيَ
اللهُ عنها، الذي يَتَجلَّى في شِدَّةِ مَحبَّتِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لها، وإكْرامِ صَديقاتِها.
وفيه: دَلالةٌ على حُسنِ العَهدِ، وحِفظِ الوُدِّ، ورِعايةِ حُرمةِ الصَّاحبِ والمُعاشِر؛ حيًّا وميِّتًا .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم