شرح حديث أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
أيُّما رجلٍ ظلَم شبرًا من الأرضِ كلَّفه اللهُ عزَّ وجلَّ أن يحفِرَه حتَّى يبلُغَ به سبعَ أرضين ثمَّ يُطوِّقَه يومَ القيامةِ حتَّى يقضيَ بين الناسِ
الراوي : يعلى بن مرة الثقفي | المحدث : المنذري
| المصدر : الترغيب والترهيب
الصفحة أو الرقم: 3/72 | خلاصة حكم المحدث : [ إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما ]
حرَّمَ
اللهُ الظُّلمَ على نفْسِه، وجعَلَه بين عِبادِه مُحرَّمًا، وبيَّن عاقبةَ ذلك، ومِن الظُّلمِ: الغَصْبُ والاستيلاءُ على حَقِّ الغَيرِ بِغيرِ وجْهِ حَقٍّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "أيُّما رجُلٍ ظلَمَ شِبرًا مِن الأرضِ"،
أي: أخَذَهُ بغيرِ وَجهِ حَقٍّ، وقولُه: "شِبرًا" ليسَ المَقصودُ منه المقدارَ، بلِ المقصودُ التَّقليلُ؛ فَيشمَلُ ما فوقَه وما دُونَه، "كلَّفَه
اللهُ عَزَّ وجَلَّ"،
أي: كلَّفَ
اللهُ سُبحانَه هذا السَّارِقَ "أنْ يَحفِرَه حتَّى يَبلُغَ به سَبْعَ أرَضينَ"،
أي: يَحفِرَ القَدْرَ الَّذي اغتَصبَهُ إلى عُمقِ سَبْعِ أرَضينَ، "ثمَّ يُطَوَّقهُ يَومَ القِيامةِ"، وفي روايتَينِ للإمامِ أحمدَ "ثُم يطوَّقه إلى يومِ القيامةِ"، أو " كُلِّفَ أنْ يَحمِلَ تُرابَها إلى المحشَرِ"،
أي: أَنه يُخْسَفُ بِهِ بعد مَوتِه في قبرِه، أَو فِي حشْرِه، وَلَكِن بعد أَن ينْقل جَمِيع مَا أَخذه إِلَى سبع أَرضين، ويُجْعَلُ هذا المِقدارُ مِن الأرضِ كالطَّوقِ يُحيطُ به.
وقيل: يُطوَّقُ ما يَكونُ ثِقَلُه المَغْصوب مِن سَبْعِ أرَضينَ.
وقيل: إنَّه يُخسَفُ به الأرضُ؛ فتَصيرُ البُقعةُ المغصوبةُ في عُنقِه كالطَّوقِ.
وقيل: معناه: يُطوَّقُ حمْلَها يَومَ القِيامةِ؛ مِن
( طوَّقَه ): إذا كَلَّفَه، وقيل: معنى يُطوَّق: يَحتمِلُ أنْ يقومَ بها كما غَصبَها فهو يُعذَّب ليَقومَ وهو لا يَقومُ، ويَستمِرُّ ذلك "حتَّى يُقْضَى بيْن النَّاسِ"،
أي: حتَّى يُفرَغَ مِن حِسابِ النَّاسِ.
والتوفيقُ بين قولِه: "ثم يُطوَّقه يومَ القِيامَةِ" وقوله: "حتى يُقْضَى بين الناسِ": أنَّ غايةَ انتِهاءِ التطويقِ هي يَومُ القيامةِ، وحرف
( حتى ) دلَّ على أنَّ القضاءَ بيْنَ الناسِ يكونُ فيهِ؛ فالغاية يومُ القيامةِ، وهي داخلةٌ في الحُكمِ إلى قَضاءِ الحقِّ بين الناسِ؛ فيكون قوله:
( حتَّى يَقضي ) كالبَيانِ للغايةِ؛ فيكونُ المعنى: أنَّ التكْليفَ بالحَفرِ يكونُ مُبتدِئًا في قَبرِه، أو في أَوَّلِ الحَشرِ، مُنتهيًا إلى يومِ القِيامةِ بعدَ انقضاءِ الفَصلِ بينَ الناسِ.
وفي الحَديثِ: النَّهْيُ عن غَصْبِ الأرضِ، والوَعيدُ الشَّديدُ لِمَن يَفعَلُ ذلك.
وفيه: أنَّ الأرَضينَ سَبعٌ كالسَّمواتِ.
وفيه: تَغليظُ عُقوبةِ الظُّلمِ والغَصْبِ، والتَّشديدُ في أمْرِ غصبِ الأرضِ والاستِيلاءِ عليها بغيرِ وجهِ حقٍّ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم