حديث اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم قالوا خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا نختار أبناءنا

أحاديث نبوية | الشفاعة للوادعي | حديث [جد عمرو بن شعيب]

«شهِدْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ يومَ حُنَيْنٍ، وجاءتْه وُفودُ هَوازِنَ، فقالوا: يا مُحمَّدُ، إنَّا أصْلٌ وعَشيرةٌ؛ فمُنَّ علينا مَنَّ اللهُ عليكَ؛ فإنَّهُ قد نزل بنا مِنَ البلاءِ ما لا يَخْفى عليكَ، فقال: اختاروا بينَ نسائِكم وأموالِكم وأبنائِكم، قالوا: خَيَّرْتَنا بينَ أحسابِنا وأموالِنا، نختارُ أبناءَنا، فقال: أمَّا ما كان لي ولبَني عبدِ المُطَّلِبِ فهو لكم، فإذا صُلِّيَتِ الظُّهرُ فقولوا: إنَّا نَستَشفِعُ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ على المؤمنينَ، وبالمؤمنينَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ في نسائِنا وأبنائِنا، قال: ففَعَلوا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ: أمَّا ما كان لي ولبَني عبدِ المُطَّلِبِ فهو لكم، وقال المهاجِرونَ: ما كان لنا فهو لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ، وقالتِ الأنصارُ مِثْلَ ذلكَ، وقال عُيَيْنةُ بنُ بَدْرٍ: أمَّا ما كان لي ولبَني فَزارةَ فلا، وقال الأقرَعُ بنُ حابِسٍ: أمَّا أنا وبنو تَميمٍ فلا، وقال عبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ: أمَّا أنا وبنو سُليمٍ فلا، فقالتِ الحَيَّانِ: كَذَبْتَ، بل هو لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم: يا أيُّها النَّاسُ، رُدُّوا عليهم نساءَهم وأبناءَهم، فمَن تمسَّكَ بشيءٍ مِنَ الفَيْءِ فله علينا سِتَّةُ فرائضَ مِن أوَّلِ شيءٍ يُفِيئُهُ اللهُ علينا، ثم رَكِبَ راحلتَهُ وتعلَّقَ به النَّاسُ، يقولونَ: اقْسِمْ علينا فَيْئَنَا بينَنا، حتَّى أَلجَؤُوهُ إلى سَمُرَةٍ؛ فخطَفَتْ رِداءَهُ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، رُدُّوا عليَّ رِدائي، فواللهِ لو كان لكم بعددِ شَجَرِ تِهامةَ نَعَمٌ لَقسمْتُهُ بينَكم، ثم لا تُلْفُوني بخيلًا ولا جبانًا ولا كَذوبًا، ثم دنا مِن بعيرِهِ، فأخَذَ وَبَرَةً مِن سَنامِهِ، فجعلها بينَ أصابعِهِ السَّبَّابةِ والوُسطَى، ثم رفعها، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، ليس لي مِن هذا الفَيْءِ ولا هذه الوَبَرةِ إلَّا الخُمُسُ، والخُمُسُ مَرْدودٌ عليكم، فرُدُّوا الخِيَاطَ والمَخْيَطَ؛ فإنَّ الغُلُولَ يَكونُ على أهلِهِ يومَ القِيامةِ عارًا ونارًا وشَنارًا، فقام رجُلٌ معه كُبَّةٌ مِن شَعرٍ، فقال: إنِّي أخذْتُ هذه أُصلِحُ بها بَرْدَعةَ بعيرٍ لي دَبِرٍ، قال: أمَّا ما كان لي ولبَني عبدِ المُطَّلِبِ فهو لكَ، فقال الرجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أمَّا إذا بلَغَتْ ما أَرَى فلا أَرَبَ لي، ونَبَذَها.»

الشفاعة للوادعي
[جد عمرو بن شعيب]
الوادعي
تمام الحديث بسند أحمد ضعيف لعنعنة ابن إسحاق , وما في سيرة ابن إسحاق لأنه لم يسبق سنده فهو معضل

الشفاعة للوادعي - رقم الحديث أو الصفحة: 307 -

شرح حديث شهدت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم حنين وجاءته


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كنَّا عندَ رسولِ اللَّهِِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذ أتتهُ وفدُ هَوازنَ ، فقالوا : يا محمَّدُ ، إنَّا أصلٌ وعشيرةٌ ، وقد نزلَ بنا منَ البلاءِ ما لا يخفَى علَيكَ ، فامنُنْ علَينا مَنَّ اللَّهُ علَيكَ ، فقالَ : اختاروا مِن أموالِكُم أو مِن نسائِكُم وأبنائِكُم ، فقالوا : قد خَيَّرتَنا بينَ أحسابِنا وأموالِنا بل نختارُ نساءَنا وأبناءَنا ، فقالَ رسولُ اللَّهِ أمَّا ما كانَ لي ولبَني عبدِ المطَّلبِ فَهوَ لَكُم ، فإذا صلَّيتُ الظُّهرَ فقوموا ، فقولوا : إنَّا نستَعينُ برسولِ اللَّهِِ علَى المؤمنينَ أوِ المسلمينَ في نسائِنا وأبنائِنا فلمَّا صلَّوا الظُّهرَ قاموا فقالوا ذلِكَ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ فما كانَ لي ولبَني عبدِ المطَّلبِ فَهوَ لَكُم ، فقالَ المُهاجرونَ : وما كانَ لَنا فَهوَ لرسولِ اللَّهِِ وقالتِ الأنصارُ : ما كانَ لَنا فَهوَ لرسولِ اللَّهِِ فقالَ الأقرعُ بنُ حابسٍ : أمَّا أنا وبنو تَميمٍ فلا ، وقالَ عُيَيْنةُ بنُ حصنٍ : أمَّا أنا وبنو فَزارةَ فلا ، وقالَ العبَّاسُ بنُ مِرداسٍ : أمَّا أنا وبنو سُلَيْمٍ فلا ، فقامت بنو سُلَيْمٍ فقالوا : كذبتَ ، ما كانَ لَنا فَهوَ لرسولِ اللَّهِِ فقالَ رسولُ اللَّهِ يا أيُّها النَّاسُ ، ردُّوا علَيهِم نساءَهُم وأبناءَهُم ، فمَن تمسَّكَ مِن هذا الفَيءِ بشيءٍ فلَهُ ستُّ فرائضَ مِن أوَّلِ شيءٍ يفيئُهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ علَينا ، ورَكِبَ راحلتَهُ ورَكِبَ النَّاسُ اقسِمْ علَينا فَيئَنا ، فألجَئُوهُ إلى شجرةٍ فخَطَفَت رداءَهُ ، فقالَ : يا أيُّها النَّاسُ ، ردُّوا علَيَّ رِدائي ، فواللَّهِ لَو أنَّ شجرَ تِهامةَ نَعمًا قسَمتُهُ علَيكُم ثمَّ لم تَلقوني بخيلًا ولا جبانًا ولا كذوبًا ، ثمَّ أتَى بعيرًا فأخذَ مِن سَنامِهِ وَبَرَةً بينَ إصبَعَيهِ ثمَّ يقولُ : ها إنَّهُ لَيسَ لي منَ الفَيءِ شيءٌ ولا هذِهِ إلَّا خُمُسٌ ، والخُمُسُ مَردودٌ فيكُم فقامَ إلَيهِ رجلٌ بِكُبَّةٍ مِن شَعرٍ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، أخذتُ هذِهِ لأُصْلِحَ بِها بَردَعةَ بعيرٍ لي فقالَ : أمَّا ما كانَ لي ولبَني عبدِ المطَّلبِ فَهوَ لَكَ ، فقالَ : أوَ بلَغَت هذِهِ ؟ فلا أرَبَ لي فيها ، فنبذَها وقالَ : يا أيُّها النَّاسُ ، أدُّوا الخِياطَ والمَخيطَ ، فإنَّ الغَلولَ يَكونُ علَى أهلِهِ عارًا وشَنارًا يَومَ القيامةِ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 3690 | خلاصة حكم المحدث : حسن



أحلَّ اللهُ الغَنيمةَ لنَبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأُمَّتِه، وحدَّد كيفيَّةَ تَقسيمِها؛ فتقسَّمُ قِسمين: الأولُ: الخمسُ وهو للهِ ورَسُولِه ويُعطَى منه ذوو قُربى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم واليتامى والمساكينُ وابنُ السَّبيلِ، والقِسم الثَّاني: وهو باقي الغنائم ويُوزَّعُ على المقاتلين، وقد حرَّم اللهُ الغُلولَ والسَّرِقةَ مِنها.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضِي اللهُ عَنهما، أنَّهم كانوا عندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "إذ أتَتْه وفدُ هَوازِنَ"، أي: جماعةٌ مِن قَبيلةِ هَوازِنَ، وكانوا قد قاتَلوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في حُنينٍ بعدَ فتْحِ مكَّةَ، وحُنينٌ وادٍ وراءَ عرَفةَ، دونَ الطَّائفِ، وقيل: بينَه وبينَ مكَّةَ لَيالٍ، وتُقدَّرُ بحوالي ( 27كم )، وتُسمَّى غَزْوةَ حُنينٍ، وكانتِ الغنائمُ فيها مِن السَّبيِ والأموالِ أكثَرَ مِن أن تُحْصى، فقال الوفدُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا محمَّدُ، إنَّا أصلٌ وعَشيرةٌ"، أي: لَنا أصلٌ في العرَبِ، وبَطنٌ مِن بُطونِها، "وقد نزَل بِنا مِن البَلاءِ ما لا يَخْفى عليك"، أي: يَذكُرون ما أصابَهم مِن هَزيمةٍ مِن المسلِمين، وما اجْتاحَهم فيها مِن سلبِ أموالِهم وذُرِّيَّاتِهم، "فامْنُنْ علينا مَنَّ اللهُ عليك"، أي: أنعِمْ علينا بما أنعَم اللهُ عليك، وفيه: أنَّهم يَطلُبون مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يَرُدَّ عليهم ما سُبِي مِن نِسائِهم وذَراريِّهم وأموالِهم، فقال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "اختاروا مِن أموالِكم أو مِن نِسائِكم وأبنائِكم"، أي: وافَقهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وخَيَّرهم بين أن يَرُدَّ عليهِم أموالَهم أو النِّساءَ والأبناءَ، فقال الوفدُ: "قد خيَّرتَنا بينَ أحسابِنا وأموالِنا"، والمرادُ بالأحسابِ: النِّساءُ والذُّرِّيَّةُ، "بل نَختارُ نِساءَنا وأبناءَنا"، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أمَّا ما كان لي ولِبَني عبدِ المطَّلِبِ"، أي: ما وقَع مِن نِسائِكم وذُرِّيَّتِكم في القِسمِ الَّذي هو لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ولأقاربِه، "فهُو لكم"، أي: فهو راجِعٌ لكم ومردودٌ عليكم، وهذا بيانٌ للقَدْرِ الَّذي يتَصرَّفُ فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وهو نَصيبُه ونصيبُ أقاربِهِ وليس مِن مالِ باقي المسلِمين.
ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للوفدِ: "فإذا صلَّيتُ الظُّهرَ"، أي: انتهيتُ مِنه بالتَّسليمِ، "فقوموا، فقولوا: إنَّا نَستعينُ برَسولِ اللهِ على المؤمِنين أو المسلِمين في نِسائِنا وأبنائِنا"، أي: نُريدُ أن يَشفَعَ لنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فيما لنا مِن نساءٍ وذُرِّيَّةٍ عندَ المسلِمين وما وقَع لكلِّ واحدٍ مِنهم في قِسْمةِ الغنيمةِ، والمرادُ بالاستعانةِ بالرسولِ هنا: هي الاستعانةُ بشَفاعتِه ووساطتِه عِندَ الناسِ؛ لِمَا له مِن مَكانةٍ ومَحبَّةٍ في قُلوبِ المُسلِمين، وهي في حِياتِه ويَقدِرُ عليها، كما يَتوسَّطُ كبارُ القومِ ووُجهاؤُهم عندَ بَعضِ النَّاسِ لقَضاءِ مَصالِحِ البَعضِ الآخَرِ، وليستِ الاستعانةُ هنا مِن بابِ الاستعانةِ الشِّركيَّةِ أو اتِّخاذِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شَريكًا ولا شَفيعًا مِن دُونِ اللهِ تعالى.
قال عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضِي اللهُ عَنهما: "فلمَّا صلَّوُا الظُّهرَ قاموا"، أي: وفْدُ هوازِنَ، "فقالوا ذلك"، أي: فعَلوا ما أمَرهم به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فردَّ عليهم رسولُ اللهِ أمامَ باقي أصحابِه، فقال: "فما كان لي ولِبَني عبدِ المطَّلِب فهو لَكُم"، فلمَّا سَمِع الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم ترَفُّقَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بوفدِ هَوازِنَ وما ردَّه عليهم مِن النِّساءِ والذُّريَّةِ، قال المهاجِرون: "وما كان لنا فهو لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: له حقُّ التَّصرُّفِ فيما وقَع في قَسْمتِنا مِن النِّساءِ والذُّريَّةِ؛ فيَضَعُه كيفما شاء دونَ عِوَضٍ، والمهاجِرون: هم مَن وفَدوا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم المدينةَ قبلَ الفتحِ، وقالت الأنصارُ: "ما كان لنا فهو لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، والأنصارُ: هم الذين ناصروا الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، فقال الأقرَعُ بنُ حابسٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أمَّا أنا وبَنو تَميمٍ فلا"، أي: لن يَرُدُّوا ما كان لهم مِن غَنيمةٍ على هَوازِنَ، وبَنو تَميمٍ: قبيلةٌ مِن العرَبِ، وقال عُيَينةُ بنُ حِصْنٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أمَّا أنا وبَنو فَزارةَ فلا"، أي: لن نَرُدَّ عليهم نِساءَهم وذُرِّيَّاتِهم، وقال العبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أمَّا أنا وبَنو سُليمٍ فلا"، فقام بَنو سُليمٍ فقالوا: "كذَبتَ"، أي: أخطَأتَ، وأهلُ الحِجازِ يَقولون: كذَبتَ موضِعَ أخطَأتَ، "ما كان لنا فهو لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: اعتَرضوا على سيِّدِهم، وجعَلوا نَصيبَهم فيما جعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نصيبَه فيه؛ امتِثالًا واتِّباعًا لرغبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا أيُّها النَّاسُ"، والنِّداءُ لجميعِ الصَّحابةِ، "رُدُّوا عليهم نِساءَهم وأبناءَهم"، أي: إنَّ الكلَّ مأمورٌ برَدِّ ما عِندَه مِن نساءِ وذُرِّيَّةِ هوازِنَ على أهلِهم، "فمَن تَمسَّك مِن هذا الفَيْءِ بشَيءٍ"، أي: ومَن أراد أن يَحفَظَ حقَّه فيهم، وهذا اختصاصٌ لِمَن امتنَع عن ردِّ ما كان مِن نصيبِه، والمرادُ بالفيءِ: غنيمتُهم مِن أهلِ هَوازِنَ، "فله سِتُّ فَرائِضَ"، جمعُ فريضةٍ، والمرادُ بها: البعيرُ بمثلِ الَّتي تُؤخَذُ في الزَّكاةِ، "مِن أوَّلِ شيءٍ يُفِيئُه اللهُ عزَّ وجلَّ علينا"، أي: إنَّه يُعوَّضُ عن ذلك بما يكونُ مِن غنائمَ، والمرادُ: أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُعوِّضُهم عن ذلك مِن الخُمسِ الخاصِّ به، لا مِن كلِّ الغنيمةِ.
قال عبدُ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه: ورَكِب النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "راحِلتَه"، أي: دابَّتَه، "ورَكِب النَّاسُ"، وفي نسخةٍ: "ورَكِبه النَّاسُ"، أي: أحاطوا به، "اقْسِمْ علينا فَيْئَنا"، أي: قَسِّمْ بينَنا الغنيمةَ، ولعلَّ المرادَ: هي غَنيمتُهم مِن هَوازِنَ، وأنَّ ما حدَث مِن الوفدِ كان قبلَ أن تُوزَّعَ تلك الغَنيمةُ، "فأَلجَؤوه إلى شجرةٍ"، أي: إنَّهم مِن ازدِحامِهم عليه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم اضطرُّوه إلى شَجرةٍ، "فخَطِفَت رِداءَه"، أي: سَلَبَتْه وشَدَّتْه، وفي هذا كِنايةٌ عن شِدَّةِ مُطالَبةِ بعضِ النَّاسِ له، فقال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا أيُّها النَّاسُ، رُدُّوا علَيَّ رِدائي؛ فواللهِ لو أنَّ شجَرَ تِهامةَ نَعَمًا"، أي: مِثلَ شجَرِ منطقةِ تِهامةَ مالًا، وأكثَرُ ما تُطلَقُ النَّعَمُ على الإبلِ، وتِهامةُ: مكَّةُ وما حولَها مِن البُلدانِ، "قَسَمْتُه عليكم"، أي: لن يَكونَ هناك تَراخٍ منِّي في قِسْمةِ تلك الأنعامِ عليكم، "ثمَّ لم تَلْقَوْني"، أي: لا تَجِدوني، "بَخيلًا"، أي: حَريصًا ومُمتنِعًا عن بَذْلِه فيكم، "ولا جَبانًا"، أي: ضَعيفًا ولا خائفًا، "ولا كَذوبًا"، أي: لا أعمَلُ بالكذبِ فيكم حِرصًا على مثلِ تلك الأموالِ.
قال عبدُ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه: ثمَّ أتى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "بَعيرًا، فأخَذ مِن سَنامِه"، والسَّنامُ: ما عَلا وارتفَع مِن ظَهرِ الجَملِ، "وَبرَةً بينَ إصبَعَيه"، أي: أمسَك بإصبَعيه شَعرةً مِن شعَرِ هذا البعيرِ، "ثمَّ يقولُ: ها إنَّه ليس لي مِن الفيءِ"، أي: مِن الغَنيمةِ، "شيءٌ ولا هذه"؛ إشارةً إلى الشَّعرةِ الَّتي بينَ إصبَعَيه، والمرادُ: أنَّه ليس له حقٌّ في أخذِها قَبلَ قِسْمتِها، "إلَّا خُمُسٌ"، أي: ولكنَّها تَحِلُّ له إذا أخَذَها بعدَ القِسْمةِ ووَقَعَتْ في الخُمسِ الَّذي أخبَر به اللهُ عزَّ وجلَّ في قولِه تعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } [ الأنفال: 41 ]، "والخُمسُ مردودٌ فيكم"، أي: مردودٌ في مَصالحِكم.
قال: "فقام إليه رجُلٌ بِكُبَّةٍ مِن شَعرٍ"، أي: أخرَج للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حَبْلًا مَعقودًا مِن شَعرٍ كان قد أخَذه مِن الغَنيمةِ قَبلَ أنْ تُقسَمَ، مُستَهينًا بقَدْرِه في الغنيمةِ، فقال الرَّجلُ: "يا رسولَ اللهِ، أخَذتُ هذه لِأُصلِحَ بها بَرْدعَةَ بعيرٍ لي"، والبَرْدَعةُ والبَرْذَعةُ: ما يُوضَعُ على ظَهرِ البَعيرِ، ويُوضَعُ عليها الرَّحْلُ والأمتعةُ، وأشهَرُ ما تُطلَقُ الآنَ للحِمارِ كالسَّرْجِ للفَرَسِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أمَّا ما كان لي ولِبَني عبدِ المطَّلِبِ فهو لك"، أي: إنَّه لو كان مِن نَصيبِنا وفي قَسْمتِنا فقدْ أحلَلْناها لك، وهذا بيانٌ لِسَماحَتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وتَطييبٌ لخاطرِ الرَّجلِ، وفي الوقتِ ذاتِه تَعظيمٌ وإكبارٌ لتلك الكُبَّةِ الَّتي ما زالَت تقَعُ في حقِّ المسلمين، فقال الرَّجلُ: "أوَبَلَغَت هذه؟"، أي: هل بلَغ التَّحذيرُ في مِثلِ هذا القَدْرِ؟ "فلا أرَبَ"، أي: لا حاجةَ، "لي فيها، فنَبَذها"، أي: ترَكها ورَدَّها في الغنيمةِ.
ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا أيُّها النَّاسُ، أدُّوا الخِياطَ والمخيطَ"، أي: اجْمَعوا مِثلَ هذا القَدْرِ ورُدُّوه في الغَنيمةِ ولا يَغُرَّنَّكم قلَّةُ قَدْرِها، والمرادُ بالخِياطِ: الخيطُ الَّذي يُحاكُ به الثَّوبُ، والمخيطُ: الإبرةُ والآلةُ الَّتي تُستعمَلُ في الخِياطةِ، وهذا كِنايةٌ عن أنَّ قليلَ ما يُغنَمُ وكثيرَه مَقسومٌ بينَ مَن شَهِد الوَقْعةَ ليس لأحَدٍ أن يَستبِدَّ منه بشَيءٍ وإنْ قلَّ، "فإنَّ الغلولَ"، والغلولُ: ما سُرِق وأُخِذ من الغَنيمةِ قبلَ أن تُقسَمَ، "يكونُ على أهلِه"، أي: على مَن أخَذه، "عارًا وشَنَارًا يومَ القِيامةِ"، أي: جَزاؤُه العيبُ والقُبحُ في الآخِرةِ بما يُفضَحُ به على الخَلائقِ، والعارُ: كلُّ شيءٍ لَزِم به عَيبٌ، والشَّنارُ: أقبَحُ العيبِ والعارِ.
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن حُسنِ الخُلقِ، وتَحمُّلِه لأذى الآخَرين، وعدَمِ مُؤاخَذتِهم به.
وفيه: بيانُ ما كان عندَ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم مِن حبٍّ لنبيِّهم أكثرَ مِن أموالِهم .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
التمهيدعن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ذخيرة الحفاظأجنب رجل مريض في يوم بارد على عهد رسول الله صلى الله عليه
المحلىرأيت بلالا يؤذن ويدور فأتتبع فاه ها هنا وها هنا وأصبعاه في
المحلىأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاصي
فتح الباري لابن حجرنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو بغائط
فتح الباري لابن حجرمن قال السلام عليكم كتب له عشر حسنات ومن زاد ورحمة الله
السنن الكبرى للنسائيإذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين أتموا
السنن الكبرى للنسائيالشهر هكذا وهكذا وهكذا وصفق محمد بن عبيد بيديه يتبعها ثلاثا ثم قبض
تذكرة الحفاظيمينك على ما يصدقك عليه صاحبك
إتحاف المهرةمن أدرك ماله بعينه عند إنسان قد أفلس أو عند رجل قد
تذكرة الحفاظتخيروا لنطفكم
المحلىأوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, December 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب