حديث وافقت ربي قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى

أحاديث نبوية | تفسير القرآن العظيم | حديث أنس بن مالك

«قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: وافَقَني ربِّي في ثلاثٍ -أوْ: وافَقْتُ ربِّي-؛ قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لوِ اتَّخَذْتَ مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلًّى؛ فنزلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (البقرة: 125)، وقلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو حَجَبْتَ النِّساءَ؛ فنزلَتْ آيةُ الحِجابِ، والثَّالثةُ: لمَّا ماتَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ جاءَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُصَلِّيَ عليه، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، تُصَلِّي على هذا الكافرِ المُنافِقِ؟! فقال: إيهًا عنك يا بنَ الخطَّابِ؛ فنزلَتْ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (التوبة: 84).»

تفسير القرآن العظيم
أنس بن مالك
ابن كثير
إسناده صحيح

تفسير القرآن العظيم - رقم الحديث أو الصفحة: 1/245 - أخرجه البخاري (4483) بنحوه، ومسلم (2399) مختصراً.

شرح حديث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وافقني ربي في ثلاث أو


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: { وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } [ البقرة: 125 ] وآيَةُ الحِجَابِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لو أمَرْتَ نِسَاءَكَ أنْ يَحْتَجِبْنَ، فإنَّه يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ والفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، واجْتَمع نِسَاءُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الغَيْرَةِ عليه، فَقُلتُ لهنَّ: ( عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبَدِّلَهُ أزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ )، فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 402 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



كان عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه رجُلًا مُلهَمًا، ذا فِراسةٍ حادَّةٍ، وبصيرةٍ متوقِّدةٍ، وكان رُبَّما نطَقَ ببعضِ القُرآنِ قبْلَ أن يَنزِلَ به جِبريلُ، وأحيانًا أخرى كان الوحيُ يَنزِلُ فيُؤيِّدُ رأيَه مِن فَوقِ سَبعِ سَمواتٍ.
وهذا الحَديثُ مِن أجَلِّ مَناقِبِ عُمَرَ بن الخطَّاب رَضيَ اللهُ عنه وفضائِلِه، وفيه يقولُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه: «وافقْتُ ربِّي في ثلاثٍ»، وما أحسَنَ عبارَتَه وألْطَفَها! حيثُ راعَى فيها حُسْنَ الأدبِ؛ فَلَم يَقُلْ: وافَقَني ربِّي في ثلاثٍ؛ لأنَّ الآياتِ إنَّما نَزَلَت مُوافِقةً لرَأْيِه واجتِهادِه، وإنَّما ذَكَر عُمرُ ذلك ليَحسُنَ ظَنُّ السامِعينَ به، ولا يُنازِعوه في حقٍّ يقولُه، ولِكَيْ يَقتديَ به المؤمنونَ في إيثارِه الحقَّ وقولِه الصَّوابَ، ثمَّ ذَكَر هذه الثلاث؛ وهي: الأُولى: أنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه قال: يا رسولَ اللهِ، لو اتَّخَذْنا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلًّى؟ فنزَلَتْ: { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } [ البقرة: 125 أي: فاتَّخِذوا أيُّها الناسُ مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصلًّى تُصَلُّون عِندَه؛ عِبادةً منكم للهِ تَعالى، وتَكرمةً لإبراهيمَ عليه السَّلامُ مِن اللهِ سبحانَه، وذلك عَقِبَ الانتهاءِ مِن الطَّوافِ بالكَعبةِ؛ فيَكون المَقامُ بيْنَ البَيتِ وبيْنَ المُصلِّي، ومَقامُ إبراهيمَ هو مَوضِعُ قيامِه، وهو الحَجَرُ الَّذي كان يَقِفُ عليه إبراهيمُ عليه السَّلامُ عندَ بِنائِه لِلكَعبةِ، وفيه أثَرُ قَدَمِه عليه السَّلامُ، ومَكانُه مَعروفٌ الآنَ إلى جانبِ الكعبةِ.الثانيةُ: آيةُ الحِجابِ؛ فقد قال عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، لوْ أَمَرْتَ نِساءَك أن يَحتَجِبْنَ؛ فإنَّه يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ والفاجِرُ، فنزلَتْ آيةُ الحِجابِ، وهي قولُه تعالى: { يَا أَيُّهَا النبيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [ الأحزاب: 59 ]، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعلمُ أنَّ حَجْبَهُنَّ خَيرٌ مِن غَيرِه، لكنَّه كان يَترقَّبُ الوَحْيَ؛ ويدُلُّ على ذلِك أنَّه لم يُوافِقْ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه حينَ أشارَ عليه بذلِك.
وكان الحِجابُ في السَّنةِ الخامسةِ، أو في ذي القَعْدةِ سنةَ أربَعٍ، أو في السَّنةِ الثَّالثةِ.الثَّالثةُ: أنَّ نِساءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اجتمَعْنَ في الغَيْرةِ عليه، ولهذه القَضيَّةِ قِصَّةٌ طويلةٌ؛ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا دَخَل على حَفصةَ بنتَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما مُسَلِّمًا حَبَسَتْه وسَقَتْه مِن عَسلٍ أُهدِيَ إليها، وأنَّ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها أَنكرَتِ احتِباسَه عِندَها، فأمرَتْ جُوَيْرِيةً عِندَها حَبَشيَّةً يُقالُ لها خضرةُ أن تَنظُرَ ماذا تَصنَعُ حَفْصةُ إذا دخَلَ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخبَرَتْها الخبرَ وشأنَ العَسلِ، فغارَتْ، فأرْسلَتْ إلى صواحبِها أن يُخبِرْنَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهُنَّ يَجِدْنَ منه رِيحَ مَغافِيرَ - وهو صَمْغٌ حلوٌ له رائحةٌ كريهةٌ- مِن أثَرِ شربِه العسَلَ، وكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَشتدُّ عليه أن يوجَدَ منه ريحٌ غيرُ طَيِّبٍ؛ لأنَّه يأتيه المَلَكُ بالوحْيِ، فامتنَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن شربِ العسلِ الَّذي يُحِبُّه، ثمَّ إنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا بلَغَه ذلك دخَل على نِساءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فوعَظَهُنَّ وزَجرَهُنَّ، ومِن جملةِ ما قال عُمرُ لهنَّ: { عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ }، فنزلَتْ هذه الآيةُ؛ فهذا مِن جُملةِ ما وافَقَ عُمرُ ربَّه عزَّ وجلَّ ووافَقَه ربُّه، وليس في الآيةِ ما يدُلُّ على أنَّ في النِّساءِ خَيرًا مِنهُنَّ؛ لأنَّ المُعَلَّقَ بما لم يَقَعْ لا يجِبُ وُقوعُه، والآيةُ وردَتْ في الإخبارِ عن القُدرةِ لا عن الكَونِ في الوقتِ؛ لأنَّه تعالى قال: { إِنْ طَلَّقَكُنَّ }، وقد عَلِم سُبحانَه أنَّه لا يُطلِّقُهنَّ، وهذا كقولِه: { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم } [ محمد: 38 ]؛ فهذا إخبارٌ عن القُدرةِ وتخويفٌ لهم، لا أنَّ في الوجودِ مَن هو خيرٌ مِن أُمَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ويحتملُ أنَّ مَقامَ الخَيريَّةِ لزَواجِهِنَّ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكلُّ مَن تزَوَّجَها وسيَتزَوَّجُها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَرتَقي إلى هذا المَقامِ، فإنْ طَلَّقها تخلَّتْ عن هذا المَقامِ.
وليس في تَخصيصِ عُمرَ العَدَدَ بالثَّلاثِ في هذا الحَديثِ ما يَنفي الزِّيادةَ عليها؛ لأنَّه حصلَتْ له الموافقةُ في أشياءَ غيرِ هذه؛ مِن مَشْهورِها قِصَّةُ أُسارى بدرٍ، وقصَّةُ الصَّلاةِ على المنافِقينَ، وهُما في صحيحِ البُخاريِّ.
وفي الحديثِ: دَليلٌ على مشروعيَّةِ الاجتِهادِ في الدِّينِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
المطالب العاليةقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم ما الرقوب
المطالب العاليةأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من كتف شاة ثم صلى
المطالب العاليةإن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدث عمر بن الخطاب رضي
تفسير القرآن العظيمويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار
التلخيص الحبيرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن مس الذكر في الصلاة
سير أعلام النبلاءكل مسكر حرام أوله وآخره
جامع العلوم والحكممر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل واضع رجله على صفحة شاة
سير أعلام النبلاءاعتدلوا في صفوفكم وتراصو فإني أراكم من وراء ظهري زاد
سير أعلام النبلاءأوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاث الغسل في كل
السيل الجرارخرجنا في سفر وأصاب رجل منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل
سير أعلام النبلاءلا يحل لأحد يحمل السلاح بمكة
صحيح الجامعإناء كإناء و طعام كطعام


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, December 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب