شرح حديث من سأل و عنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
قدِمَ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عُيَيْنةُ بنُ حِصنٍ ، والأقرعُ بنُ حابسٍ ، فسألاهُ ، فأمرَ لَهُما بما سألا ، وأمرَ معاويةَ فَكَتبَ لَهُما بما سألا ، فأمَّا الأقرَعُ ، فأخذَ كتابَهُ ، فلفَّهُ في عمامتِهِ وانطلقَ ، وأمَّا عُيَيْنةُ فأخذَ كتابَهُ ، وأتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ مَكانَهُ ، فقالَ : يا محمَّدُ ، أتراني حامِلًا إلى قومي كتابًا لا أدري ما فيهِ ، كصَحيفةِ المتلمِّسِ ، فأخبَرَ معاويةُ بقولِهِ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : مَن سألَ وعندَهُ ما يغنيهِ ، فإنَّما يستَكْثرُ منَ النَّارِ وقالَ النُّفَيْليُّ في موضعٍ آخرَ : من جَمرِ جَهَنَّمَ فقالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، وما يُغنيهِ ؟ وقالَ النُّفَيْليُّ في موضعٍ آخرَ : وما الغِنى الَّذي لا تنبغي معَهُ المسألةُ ؟ قالَ : قدرُ ما يغدِّيهِ ويعشِّيه وقالَ النُّفَيْليُّ في موضعٍ آخرَ : أن يَكونَ لَهُ شِبَعُ يومٍ وليلةٍ ، أو ليلةٍ ويومٍ ، وَكانَ حدَّثَنا بِهِ مختَصرًا على هذِهِ الألفاظِ الَّتي ذَكَرتُ
الراوي : سهل ابن الحنظلية الأنصاري | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 1629 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
علَّم الإسلامُ أتباعَه تَحمُّلَ الشَّدائدِ، وعدَمَ ذُلِّ النَّفسِ بالسُّؤالِ، ما دام أنَّ معَه ما يَكْفيه ولو شيئًا يسيرًا،
وفي هذا الحديثِ يقول سهل ابن الحنظلية: "قَدِم على رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم عُيَينةُ بنُ حِصْنٍ، والأقرَعُ بنُ حابِسٍ، فسَأَلاه"،
أي: طلَبا مِنه مالًا أو عَطاءً، "فأمَر لهما بما سأَلا"؛ لأنَّه كان يتَألَّفُ قُلوبَهما على الإسلامِ، "وأمَر مُعاويةَ"،
أي: ابنَ أبي سُفيانَ رَضِي
اللهُ عَنهما وكان كاتِبَه، "فكَتَب لهما بِما سأَلا"، "فأمَّا الأقرَعُ فأخَذَ كِتابَه، فلَفَّه في عِمامتِه وانطلَق"، والعِمامةُ: هي ما يُلبَسُ فوقَ الرَّأسِ، "وأمَّا عُيينَةُ فأخَذ كِتابَه، وأتى النَّبيَّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم مَكانَه"،
أي: في المكانِ الَّذي يَكونُ فيه النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، "فقال: يا محمَّدُ، أتُراني حامِلًا إلى قَومي كِتابًا لا أَدري ما فيه، كصَحيفَةِ المُتلَمِّسِ!"، والمُتلمِّسُ: شاعرٌ جاهليٌّ هَجا مَلِكَ الحِيرَةِ، فكَتَب له كِتابًا إلى عامِلِه يوهِمُه أنَّ فيه عطاءً، ولكنَّه كتَب فيه أن يَقتُلَه، فارتابَ المتلمِّسُ ففتَح الكتابَ وقَرَأه، فلَمَّا عرَف ما فيه رَماه ونَجا، فصار يُضرَبُ به المثَلُ لِمَن يَحمِلُ شيئًا فيه هَلَكتُه، فأخبَر معاويةُ بقَولِه رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، فقال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن سأَل وعِندَه ما يُغْنيه"،
أي: عن السُّؤالِ، "فإنَّما يَستَكثِرُ مِن النَّارِ"،
أي: يَسأَلُ الزِّيادةَ مِن عَذابِه في النَّارِ، وقال النُّفيليُّ، أحَدُ رُواةِ الحديثِ في موضِعٍ آخَرَ: "مِن جَمرِ جهَنَّمَ"،
أي: يَستكثِرُ مِن جَمعِ جَمْرِ النَّارِ، "فقالوا: يا رسولَ
اللهِ، وما يُغْنيه؟"،
أي: ما المِقْدارُ الَّذي يَكْفيه عَن السُّؤالِ؟ وقال النُّفيليُّ في موضِعٍ آخَرَ: "وما الغِنى الَّذي لا تَنبَغي معَه المسألةُ؟ قال: قَدْرَ ما يُغدِّيه ويُعشِّيه"،
أي: يَكونُ معَه مِن المالِ أو يَقدِرُ أن يَكتسِبَ قَدْرُ ما يَكْفيه طعامَ الغَداءِ والعَشاءِ، وقال النُّفيليُّ في موضِعٍ آخَرَ: "أن يَكونَ له شِبْعُ يومٍ وليلةٍ"،
أي: مِقدارُ ما يُشْبِعُه في طولِ يومٍ وليلةٍ، "أو ليلةٍ ويومٍ"، شكٌّ مِن راوي الحديثِ.
وفي هذا الحديثِ: بيانٌ لِسَعَةِ صَدرِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم وحِلْمِه، وحُسنِ تَعْليمِه لأصحابِه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم