أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ خرجَ يريدُ مَكَّةَ وَهوَ محرِمٌ ، حتَّى إذا كانوا بالرَّوحاءِ ، إذا حمارُ وحشٍ عقيرٌ فذُكرَ ذلِكَ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ دَعوهُ فإنَّهُ يوشِكُ أن يأتِيَ صاحبُه فجاءَ البَهزيُّ وَهوَ صاحبُهُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْكَ وسلَّمَ شأنَكم بِهذا الحمارِ فأمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ أبا بَكرٍ فقسَّمَهُ بينَ الرِّفاقِ ثمَّ مَضى حتَّى إذا كانَ بالأثايةِ بينَ الرُّويثةِ وَالْعَرْجِ إذا ظَبيٌ حاقِفٌ في ظلٍّ وفيهِ سَهمٌ فزعمَ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ أمرَ رجُلًا يقِفُ عندَهُ لا يَريبُهُ أحدٌ منَ النَّاسِ حتَّى يجاوِزَه
الراوي : زيد بن كعب البهزي | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 2817 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
للصَّيدِ أحكامٌ وآدابٌ شرعيَّةٌ، على المُسلمِ أنْ يتَّبِعَها، ويَسيرَ عليها.
وفي هذا الحديثِ: "أنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم خرَج يُريدُ مكَّةَ وهو مُحرِمٌ"،
أي: مِن المدينةِ ذاهِبًا إلى مَكَّةَ، وأحرَم بالحجِّ أو العُمرةِ، والإحرامُ أن يُحرَّمَ عليه ما كان حَلالًا قَبلَ إحرامِه؛ مِثلُ الصَّيدِ، والنِّساءِ، "حتَّى إذا كانوا بالرَّوْحاءِ"،
أي: حتَّى وصَلوا في سَيرِهم إلى الرَّوحاءِ، وهو مكانٌ يقَعُ بينَ المدينةِ ومكَّةَ على بُعدِ ثلاثينَ أو أربعين مِيلًا من المدينةِ،
أي: حوالي
( 48 أو 46كم )، "إذا حِمارُ وَحشٍ عَقيرٌ"،
أي: وجَدنا حِمارًا وَحشيًّا أُصيبَ مِن الصَّيدِ، فقُتِل بجِراحِه، "فذُكِر ذلك لرسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: دَعُوه؛ فإنَّه يُوشِكُ أن يأتيَ صاحبُه"،
أي: ذُكِر أمرُه للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، والمعنى: أنَّهم سأَلوا النَّبيَّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أن يأذَنَ لهم أن يأكُلوا منه، فقال لهم النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: اترُكوه؛ فإنَّ له صاحبًا يَقترِبُ مَجيئُه، إنْ شاء أذِنَ لكم أن تأكُلوا، وإن شاء منَعَكم، "فجاء البَهزيُّ وهو صاحبُه"،
أي: جاء رجُلٌ مِن بَني بَهْزٍ- وهو صاحبُ الحمارِ- إلى رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم فقال: "يا رسولَ
اللهِ، صلَّى
اللهُ عليك وسلَّم، شَأنَكم بهذا الحمارِ"،
أي: دونَكم هذا الحِمارُ، فهو لكم، والمقصودُ: أنَّه أذِن لهم بالأكلِ منه، فأمَر رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أبا بكرٍ، "فقسَمه بينَ الرِّفاقِ"،
أي: أمَر النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ أن يقومَ بقِسْمةِ هذا الحِمارِ الوَحشِيِّ بينَ الصَّحابةِ الَّذين رافَقوا النَّبيَّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم في سفَرِه، ويُعطي كلَّ واحدٍ منهم نصيبَه، وفي هذا: أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أمَر أصحابَه أن يأكُلوا مِن حمارِ الوحشِ وهم مُحْرِمون؛ فقيل: لأنَّ المحرِمَ يأكُلُ ما صادَه الحَلالُ، ما لم يَكُن صادَه مِن أجْلِ المحرِمِ، وعليه يُحمَلُ ما ورَد في حَديثِ الصَّعبِ بنِ جَثَّامةَ، واعتذارُ النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم له عن قَبولِ الصَّيدِ، بقولِه: "إنَّا حُرُمٌ"، وقيل: ما صيدَ للمُحرِمِ قبلَ إحرامِه، فيَأكُلُ، أمَّا بعْدَ إحرامِه فلا.
قال: "ثمَّ مضى حتَّى إذا كان بالأُثايَةِ بين الرُّويثةِ والعَرْجِ"،
أي: فلمَّا انصرَف النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم مِن الرَّوْحاءِ، وذهَب حتَّى إذا وصل إلى مكانٍ يُسمَّى بالأُثَايةِ، وهو مكانٌ أو بِئرٌ يقَعُ بينَ الرُّوَيثةِ والعَرْجِ، وهُمَا مَكانان وموضِعان يقَعانِ بينَ المدينةِ ومَكَّةَ، "إذا ظَبْيٌ حاقِفٌ في ظلٍّ،
وفيه سَهمٌ"،
أي: حتَّى إذا كانوا بموضِعِ الأُثايةِ وجَدوا ظبْيًا حاقِفًا، والحاقِفُ : الواقفً المنثَنِي والمنحني ،أي: صار رأسُه منحَنِيًا بينَ يدَيه إلى رِجْلَيه، وقيل: نام وقد انحَنى في نَومِه، وكان هذا الظَّبيُ فيه سهمٌ، فقيل: إنَّ هناك مَن رَماه بسهمٍ فبَقي فيه السَّهمُ ولم يَقتُلْه، وقيل: إنَّ هناك سَهمًا في هذا الظِّلِّ للاصْطِيادِ، فزعَم أنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم "أمَر رجُلًا يقِفُ عنده لا يَريبُه أحدٌ مِن النَّاسِ حتَّى يُجاوِزَه"،
أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أمَر واحدًا مِن أصحابِه أن يَقِفَ عندَ هذا الظَّبيِ كالحارسِ له؛ حتَّى لا يتَعرَّضَ له أحدٌ، ويُزعِجَه؛ فقيل: لأنَّ المحرِمَ لا يَجوزُ له أن يُنفِّرَ الصَّيدَ.
وفي الحديثِ: أنَّه لا يَحِقُّ لأحدٍ أن يأخُذَ شيئًا إلَّا بإذنِ صاحبِه.
وفيه: نهيُ المُحرِمِ عن الصَّيدِ، والنهيُ عن الإعانةِ عليه أو الإشارةِ إليه، والنَّهيُ عن الأكلِ منه.
وفيه: أنَّ الصَّيدَ الَّذي يَصيدُه المتحلِّلُ لا لأجْلِ المحرمِ، قد أُذِنَ للمُحْرِمِ بالأكلِ منه .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم