حديث فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب فقال ثم تصنعت له أحسن ما

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث أنس بن مالك

«مَاتَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ، مِن أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقالَتْ لأَهْلِهَا: لا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بابْنِهِ حتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ قالَ: فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إلَيْهِ عَشَاءً، فأكَلَ وَشَرِبَ، فَقالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ له أَحْسَنَ ما كانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلكَ، فَوَقَعَ بهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أنَّهُ قدْ شَبِعَ وَأَصَابَ منها، قالَتْ: يا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لو أنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ قالَ: لَا، قالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ، قالَ: فَغَضِبَ، وَقالَ: تَرَكْتِنِي حتَّى تَلَطَّخْتُ، ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بابْنِي، فَانْطَلَقَ حتَّى أَتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَهُ بما كَانَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكُما في غَابِرِ لَيْلَتِكُما قالَ: فَحَمَلَتْ، قالَ: فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ وَهي معهُ، وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أَتَى المَدِينَةَ مِن سَفَرٍ، لا يَطْرُقُهَا طُرُوقًا، فَدَنَوْا مِنَ المَدِينَةِ، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ، فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: يقولُ أَبُو طَلْحَةَ: إنَّكَ لَتَعْلَمُ، يا رَبِّ إنَّه يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مع رَسولِكَ إذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ معهُ إذَا دَخَلَ، وَقَدِ احْتَبَسْتُ بما تَرَى، قالَ: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يا أَبَا طَلْحَةَ ما أَجِدُ الذي كُنْتُ أَجِدُ، انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، قالَ وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقالَتْ لي أُمِّي: يا أَنَسُ لا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حتَّى تَغْدُوَ به علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ، فَانْطَلَقْتُ به إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ فَصَادَفْتُهُ وَمعهُ مِيسَمٌ، فَلَمَّا رَآنِي قالَ: لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟ قُلتُ: نَعَمْ، فَوَضَعَ المِيسَمَ، قالَ: وَجِئْتُ به فَوَضَعْتُهُ في حِجْرِهِ، وَدَعَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بعَجْوَةٍ مِن عَجْوَةِ المَدِينَةِ، فلاكَهَا في فيه حتَّى ذَابَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا في فِيِّ الصَّبِيِّ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا، قالَ: فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: انْظُرُوا إلى حُبِّ الأنْصَارِ التَّمْرَ قالَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.»

صحيح مسلم
أنس بن مالك
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 2144 -

شرح حديث مات ابن لأبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

اشْتَكَى ابْنٌ لأبِي طَلْحَةَ، قالَ: فَمَاتَ، وأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أنَّهُ قدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شيئًا، ونَحَّتْهُ في جَانِبِ البَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قالَ: كيفَ الغُلَامُ، قالَتْ: قدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وأَرْجُو أَنْ يَكونَ قَدِ اسْتَرَاحَ، وظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أنَّهَا صَادِقَةٌ، قالَ: فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أنَّهُ قدْ مَاتَ، فَصَلَّى مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما كانَ منهمَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُما في لَيْلَتِكُما قالَ سُفْيَانُ: فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لهما تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قدْ قَرَأَ القُرْآنَ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1301 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 1301 )، ومسلم ( 2144 )



الحزنُ على المُصابِ غَريزةٌ طبيعيَّةٌ، ولكنَّ المؤمنَ الصادِقَ يَستطيعُ أن يَتغلَّبَ عليه بالتحلِّي بالصَّبرِ، والرِّضا بقَضاءِ الله وقدَرِه والتَّسليمِ لأمْرِه.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ابنًا لأبي طَلحةَ رَضيَ اللهُ عنه مَرِضَ، وأبو طَلحةَ هو زَيدُ بنُ سَهلٍ زَوجُ أُمِّ أَنسٍ أُمِّ سُلَيمٍ، وهذا الابنُ هو أخو أنسٍ لأُمِّه أمِّ سُلَيمٍ رَضيَ اللهُ عنهم، وقدْ جاء في صَحيحِ ابنِ حِبَّانَ أنَّ هذا الابنَ هو أبو عُمَيرٍ الَّذي كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُداعِبُه بقولِه: «يا أبا عُمَيْر، ما فعَلَ النُّغَيْر؟» فاشتَكَى، أي: مرِضَ هذا الطِّفلُ، ثمَّ مات، وكان أبو طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه خارجَ البَيتِ، فلمَّا رأتِ امرأتُه أمُّ سُلَيمٍ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه قد مات، أحضرَت طعامًا شهيًّا، ولبِسَت وتهيَّأتْ لزَوجِها، وغسَّلتِ ابنَها، وكفَّنَته، «ونَحَّتْهُ» أي: وضَعَتْه في جانبٍ مِن البَيتِ؛ لئلَّا يَراهُ في أوَّلِ دُخولِه، فلمَّا جاء أبو طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: كيف الغلامُ؟ فعرَّضَتْ بإجابتِها؛ فقالت: "قدْ هَدَأَتْ نَفْسُه، وأرجو أنْ يَكونَ قدِ استَراحَ"، فإنَّ كلامَها وإنْ كان صادقًا، فإنَّ له فَهْمًا ومعنًى آخَرَ عندَ أبي طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه، ومعناهُ على الحقيقةِ أنَّه قدْ سكنَتْ رُوحُه عن الحركةِ في جِسمِه، واستراح مِن مَرضِه بالمَوتِ، ومعناهُ عندَ أبي طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصبيَّ قدْ تَحسَّنتْ صحَّتُه، وسكَنَتْ آلامُه، وأخلَد إلى النَّومِ، وهذا هو التعريضُ الذي فيه مَندوحةٌ عن الكَذِبِ.
فظنَّ أبو طَلحةَ أنَّها صادِقةٌ بحسَبِ المعنى الذي فَهِمَه، وإلَّا فهي صادقةٌ بالنِّسبةِ إلى المعنَى الذي أرادتْ هي، فباتَ أبو طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه في طُمأنينةٍ عليه، ولَمَّا أَصْبَحَ اغتَسَلَ، وهو كِنايةٌ عن وُقوعِ الجِماعِ بيْنَه وبيْنَ زَوجتِه في تلك اللَّيلةِ؛ فإنَّها كانتْ قدْ جهَّزتْ له العَشاءَ وتَصنَّعتْ كما تَتصنَّعُ المرأةُ لزَوجِها وتَتزَيَّنُ لزَوجِها تعرُّضًا للجِماعِ، فتعشَّى أبو طَلحةَ وأصابَ منها، واغتسَل مِن جَنابتِه لَمَّا أصبَح، فلمَّا أراد أن يَخرُجَ أعلَمَتْه أنَّه قدْ مات، وكان أبو طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه قد غضِبَ مِن فَعلتِها تلك وتَوريتِها عليه كما في روايةِ مُسلِمٍ، وذهَب إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَشكي له ما صنَعَتْ، فصلَّى مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ أخبَره بما كان بيْنَهما، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لعَلَّ اللهَ أنْ يُبارِكَ لكما في لَيلتِكُما، ويُعوِّضَكما عن فَقيدِكما بالخلَفِ الصَّالحِ، فاستجابَ اللهُ دَعوةَ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورزَقَهما اللهُ تِسعةَ أولادٍ مِن ولدِهما عبدِ الله الَّذي حمَلتْ به تلك اللَّيلةَ، كلُّهم قدْ قرأَ -أي: حَفِظَ- القرآنَ؛ جزاءً لهما على صبرِهما، كما أخبَر بذلك سُفْيانُ بنُ عُيَيْنةَ راوي الحديثِ، والَّذي أخبَرَه بذلك رجُلٌ مِن الأنصارِ، وأنَّه قد تحقَّقَتْ دَعوةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهما بعْدَ زمنٍ.
وفي الحديثِ: فضلُ أمِّ سُلَيمٍ رَضيَ اللهُ عنها، واتِّصافُها بالصَّبرِ على البلاءِ، والرِّضا بالقضاءِ، والتَّسليمِ لأمرِ الله في الضَّرَّاءِ.

وفيه: فضلُ الصَّبرِ، وعاقبتُه الحميدةُ، والتَّعويضُ العاجلُ لكلِّ مَن صبَر عندَ الصَّدمةِ الأولى.
وفيه: الأخذُ بالشِّدَّةِ وترْكُ الرُّخصةِ لِمَن قدَر عليها، وأنَّ ذلك ممَّا يَنالُ به العبدُ رفيعَ الدَّرَجاتِ، وجزيلَ الأجرِ.
وفيه: ذِكرُ المعاريضِ الموهِمةِ إذا دعَتِ الضَّرورةُ إليها، بشَرْطِ ألَّا تُبطِلَ حقًّا لمُسلِمٍ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمكان ابن لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو
صحيح مسلمذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه
صحيح البخاريقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا حين قتل القراء فما رأيت
صحيح البخاريأن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس
صحيح البخاريوجع أبو موسى وجعا شديدا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله
صحيح الجامعأنا بريء ممن حلق و سلق و خرق
صحيح ابن حبانلما حضر أبو موسى صاحوا عليه فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم
صحيح ابن حبانيا أم عبد الله ألا أخبرك بما لعن رسول الله صلى الله عليه
صحيح الجامعليس منا من سلق ومن حلق ومن خرق
صحيح ابن ماجهأنا بريء ممن حلق وسلق وخرق
صحيح مسلمأغمي على أبي موسى وأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة قالا ثم
صحيح مسلموجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب