إنَّ اللهَ زَوى ليَ الأرضَ، فرَأيتُ مشارِقَها ومغارِبَها [ وإنَّ مُلكَ أُمَّتي سيَبلُغُ ما زُوِيَ لي منها ]، وإنِّي أُعطيتُ الكَنزَينِ الأبيَضَ والأحمَرَ، وإنِّي سَألتُ ربِّيَ عزَّ وجلَّ ألَّا يُهلِكَ أُمَّتي بسَنَةٍ بعامَّةٍ، وألَّا يُسلِّطَ عليهم عَدُوًّا فيُهلِكُهم بعامَّةٍ، وألَّا يُلبِسَهم شِيَعًا، وألَّا يُذيقَ بعضَهم بأسَ بَعضٍ، فقال: يا مُحمَّدُ، إنِّي إذا قَضَيتُ قَضاءً [ فإنَّه ] لا يُرَدُّ وإنِّي قد أَعطَيتُكَ لأُمَّتِك ألَّا أُهلِكَهم بسَنَةٍ بعامَّةٍ، وألَّا أُسلِّطَ عليهم عَدُوًّا [ ممَّن سِواهم ] فيُهلِكوهم بعامَّةٍ حتى يكونَ بعضُهم يُهلِكُ بعضًا، وبعضُهم يَقتُلُ بعضًا، وبعضُهم يَسبي بعضًا، قال: وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي لا أخافُ على أُمَّتي إلَّا الأئمَّةَ المُضلِّينَ، وإذا وُضِعَ السَّيفُ في أُمَّتي لا يُرفَعُ عنهم إلى يَومِ القيامةِ.
الراوي : شداد بن أوس | المحدث : الهيثمي
| المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم: 7/224 | خلاصة حكم المحدث : رجال أحمد رجال الصحيح
في هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَعضِ ما أَنعَمَ
اللهُ سُبحانَه وَتعالى عَليه وعَلى أُمَّتِه، وعن سَعَةِ انتِشارِها في الأرضِ؛ فيَقولُ: "إنَّ
اللهَ زَوى ليَ الأرضَ"،
أي: قَبَضَها وجَمَعَها، "فرَأيتُ مَشارِقَها ومَغاربَها"،
أي: جميعَ جوانبِها وأطرافِها، "وإنَّ مُلكَ أُمَّتي سيَبلُغُ ما زُوِيَ لي مِنها"،
أي: مِنَ الأرضِ، ومعناهُ: أنَّ الأرضَ زُوِيَت لي جُملتُها مرَّةً واحدةً، فرَأيتُ مَشارقَها ومَغارِبَها، ثُمَّ هيَ تُفتَحُ لأُمَّتي جُزءًا فجزءًا، حتَّى يَصِلَ مُلكُ أُمَّتي ما زُوِيَ لي مِنها، ثُمَّ قالَ: "وإنِّي أُعطِيتُ الكَنزَيْنِ: الأحمرَ والأبيضَ"،
أي: كَنزَ الذَّهبِ، والفضَّةِ، والمُرادُ: كَنزَيْ كِسْرى وقَيصرَ مَلِكَي العراقِ والشَّامِ، ثُمَّ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "وإنِّي سألْتُ رَبِّي عَزَّ وجَلَّ"،
أي: دَعوتُه، "ألَا يُهلِكَ أُمَّتي بسَنةٍ عامَّةٍ"،
أي: بقَحطٍ يَعُمُّهم، بلْ إنْ وَقَع قَحطٌ فيَكونُ في ناحيةٍ يَسيرةٍ بالنِّسبةِ إلى باقِي بلادِ الإِسلامِ، "وألَّا يُسلِّطَ عليهم عدُوًّا فيُهِلَكهم بعامَّةٍ"،
أي: يُهلِكَ جَماعتَهم، "وألَّا يَلبِسَهم شِيعًا"،
أي: لا يُفرِّقَ جماعتَهم، "وألَّا يُذِيقَ بعضَهم بأْسَ بعضٍ"،
أي: لا يكونَ بأْسُهم وشَرُّهم واقعًا بيْنهم، ثمَّ نقَلَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ الجَوابَ لَنا مِنه سُبحانَه وتَعالى، فَقال عَزَّ وجَلَّ: "يا مُحمَّدُ، إِنِّي إذا قضَيتُ قَضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ"،
أي: إذا حَكمْتُ حُكمًا مُبرَمًا فإنَّه لا يَرُدُّه شَيءٌ، "وإنِّي قد أَعطَيتُك لِأُمَّتِك ألَّا أُهلِكَهم بسَنَةٍ عامَّةٍ، وألَّا أُسلِّطَ عَليهم عدُوًّا ممَّن سِواهم بعامَّةٍ فيُهلِكُوهم بعامَّةٍ، حتَّى يكونَ بعضُهم يُهلِكُ بعضًا، وبعضُهم يَقتُلُ بعضًا، وبعضُهم يَسْبي بعضًا"،
أي: سيكونُ هلاكُهم بأيدِيهم فيُحارِبُ بعضُهم بعضًا، ويأْسِرُ بعضُهم بعضًا.
وقال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "إنِّي لا أخافُ على أُمَّتي إلَّا الأئمَّةَ المُضلِّينَ"، الأئمَّةُ جمْعُ إمامٍ، وهو رأسُ القومِ، ومَن يَدْعوهم إلى فِعلٍ أو قولٍ أو اعتقادٍ؛ يعني: أخافُ أنْ يُوجَدَ بيْن أُمَّتِي المُبتدِعون، فيَدْعُونهم إلى البدعةِ والضَّلالةِ، "وإذا وُضِعَ السَّيفُ في أُمَّتي لا يُرفَعُ عنهم إلى يومِ القيامةِ"، كأنَّه قال: أخافُ على أُمَّتي مِن شَرِّ الأئمَّةِ المُضلِّين، وإضلالِهم الَّذي يُؤدِّي إلى الفِتنةِ والمَرجِ، والهَرجِ، وهَيْجِ الحروبِ ووَضْعِ السَّيفِ بيْنهم، فإذا وُضِعَ السَّيفُ في أُمَّتي لم يُرفَعْ، وهذا إخبارٌ منه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ الفِتنةَ إذا وقَعَتْ بيْن الأُمَّةِ استمرَّتْ؛ لِمَا اختارَهُ
اللهُ مِن أنَّ هذه الأُمَّةَ عذابُها بالسَّيفِ في دُنياها، وإذاقةِ بَعضِها بأْسَ بعْضٍ.
وفي الحديثِ: علامةٌ مِن علاماتِ نُبوَّتِه صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم