حديث فحلبت له كثبة من لبن فأتيته بها فشرب حتى رضيت

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث أبو بكر الصديق

«لَمَّا خَرَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ مَرَرْنَا برَاعٍ، وَقَدْ عَطِشَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَحَلَبْتُ له كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، فأتَيْتُهُ بهَا فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ.»

صحيح مسلم
أبو بكر الصديق
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 2009 -

شرح حديث لما خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى أَبِي في مَنْزِلِهِ، فَاشْتَرَى منه رَحْلًا، فَقالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي، قالَ: فَحَمَلْتُهُ معهُ، وخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقالَ له أَبِي: يا أَبَا بَكْرٍ، حَدِّثْنِي كيفَ صَنَعْتُما حِينَ سَرَيْتَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: نَعَمْ؛ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا ومِنَ الغَدِ، حتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وخَلَا الطَّرِيقُ لا يَمُرُّ فيه أَحَدٌ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَأْتِ عليه الشَّمْسُ، فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وسَوَّيْتُ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَانًا بيَدِي يَنَامُ عليه، وبَسَطْتُ فيه فَرْوَةً، وقُلتُ: نَمْ يا رَسولَ اللَّهِ وأَنَا أَنْفُضُ لكَ ما حَوْلَكَ، فَنَامَ وخَرَجْتُ أَنْفُضُ ما حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا برَاعٍ مُقْبِلٍ بغَنَمِهِ إلى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ منها مِثْلَ الذي أَرَدْنَا، فَقُلتُ له: لِمَن أَنْتَ يا غُلَامُ؟ فَقالَ: لِرَجُلٍ مِن أَهْلِ المَدِينَةِ -أَوْ مَكَّةَ- قُلتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: أَفَتَحْلُبُ؟ قالَ: نَعَمْ، فأخَذَ شَاةً، فَقُلتُ: انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ والشَّعَرِ والقَذَى، قالَ: فَرَأَيْتُ البَرَاءَ يَضْرِبُ إحْدَى يَدَيْهِ علَى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ في قَعْبٍ كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، ومَعِي إدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرْتَوِي منها، يَشْرَبُ ويَتَوَضَّأُ، فأتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ المَاءِ علَى اللَّبَنِ حتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلتُ: اشْرَبْ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟ قُلتُ: بَلَى، قالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَما مَالَتِ الشَّمْسُ، واتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بنُ مَالِكٍ، فَقُلتُ: أُتِينَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَقالَ: لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ معنَا، فَدَعَا عليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَارْتَطَمَتْ به فَرَسُهُ إلى بَطْنِهَا -أُرَى- في جَلَدٍ مِنَ الأرْضِ، -شَكَّ زُهَيْرٌ- فَقالَ: إنِّي أُرَاكُما قدْ دَعَوْتُما عَلَيَّ، فَادْعُوَا لِي، فَاللَّهُ لَكُما أَنْ أَرُدَّ عَنْكُما الطَّلَبَ، فَدَعَا له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَجَا، فَجَعَلَ لا يَلْقَى أَحَدًا إلَّا قالَ: قدْ كَفَيْتُكُمْ ما هُنَا، فلا يَلْقَى أَحَدًا إلَّا رَدَّهُ، قالَ: ووَفَى لَنَا.

الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3615 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



كانتِ الهِجرةُ مِن مكَّةَ إلى المَدينةِ حدَثًا فارِقًا في تاريخِ الإسْلامِ، وقدْ كانتِ الرِّحلةُ مَليئةً بالأحْداثِ المُهمَّةِ والدَّالَّةِ على تَأْييدِ اللهِ سُبحانَه لنَبيِّه ولدَعوَتِه.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي البَراءُ بنُ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ رَضيَ اللهُ عنه، جاءَ إلى أبيهِ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنه في مَنزِلِه بالمَدينةِ، فاشْتَرى منه رَحْلًا، وهو ما يُوضَعُ فوقَ ظَهْرِ الجَملِ أوِ النَّاقةِ ليُركَبَ عليه، وهو للنَّاقةِ كالسَّرْجِ للفَرَسِ، فطلَب أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن عازِبٍ أنْ يَبعَثَ ابنَه البَراءَ ليَحمِلَ معَه الرَّحْلَ، فقال البَراءُ: فحَمَلْتُه معه، وخرَج أبي «يَنتَقِدُ ثَمنَه»، أي: يَستَوْفي ثَمنَ الرَّحْلِ مِن أبي بَكرٍ بالنَّقدِ مِن الذَّهبِ أوِ الفضَّةِ، فطلَب عازِبٌ رَضيَ اللهُ عنه  مِن أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يُحدِّثَه عن رِحْلةِ الهِجْرةِ، وكيف صَنَع هو والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذلك حِينَ خرَجا مِن غارِ ثَورٍ في طَريقِ الهِجْرةِ مِن مكَّةَ إلى المَدينةِ، فأجابَه أبو بَكرٍ إلى ما أرادَ، وأخبَرَه أنَّهما مَشَيا لَيلةً كامِلةً، وأكْمَلا المَسيرَ منَ الغَدِ حتَّى اشتَدَّ حَرُّ الشَّمسِ عندَ مُنتَصَفِ النَّهارِ، وخَلا الطَّريقُ مِن السَّالكِ فيه، فظهَرَتْ أمامَهما صَخْرةٌ طَويلةٌ كان ظِلُّها مَمْدودًا ثابِتًا، فنَزَلا عندَ الظِّلِّ، ثمَّ سوَّى أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكانًا يَنامُ عليه، وفرَش فيه فَرْوةً مِن جِلدِ حَيَوانِ مَذْبوحِ، وقال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَمْ يا رَسولَ اللهِ، وأنا أنفُضُ لكَ ما حَولَكَ مِن الغُبارِ ونَحوِه، حتَّى لا يُثيرَه الرِّيحُ، أو أحرُسُكَ، وهذا مِن حُسنِ الأدَبِ، ومِن حُسنِ الكَلامِ وَقتَ الشِّدَّةِ ليُطَمْئنَ كلُّ طَرفٍ الآخَرَ، فنامَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخرَج أبو بَكرٍ ليُنظِّفَ ما حَولَ الصَّخرةِ، وما يُوجَدُ منَ الغُبارِ، وليَحرُسَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وبيْنَما هما كذلك، إذا بِراعي غَنمٍ مُقبِلٍ بغَنَمِه إلى الصَّخرةِ ليَستَظِلَّ بِها أيضًا، فسَألَه أبو بَكرٍ: لمَن أنتَ يا غُلامُ؟ فأجابَه بأنَّه لرَجلٍ مِن أهلِ المَدينةِ أو مكَّةَ -على الشَّكِّ مِن أحدِ رُواةِ الحديثِ-،  فسَألَه: أفي غَنَمِكَ لَبنٌ؟ فأجابَ الغُلامُ: نَعمْ، يُوجَدُ لَبنٌ في الضُّروعِ، فسَألَه: أفتَحلُبُ لعابِري السَّبيلِ؟ وهلْ معكَ إذْنٌ مِن مالِكِها في الحَلْبِ لمَن يمُرُّ بكَ على سَبيلِ الضِّيافةِ؟ قال: نَعمْ، فأخَذ الرَّاعي شاةً، وطلَب الصِّدِّيقُ مِن الغُلامِ أنْ يَنفُضَ الضَّرعَ -أي: ثَدْيَ الشَّاةِ- مِنَ التُّرابِ والشَّعرِ والقَذى، يُريدُ الأوْساخَ؛ ليَكونَ اللَّبنُ أكثَرَ نَقاءً وصَفاءً، ولا يَعلَقَ به شَيءٌ مِنَ القذَرِ، فحلَبَ الرَّاعي في «قَعْبٍ»، وهو قَدَحٌ مِن خشَبٍ مُقعَّرٍ، «كُثْبةً» شَيئًا قَليلًا «من لَبنٍ» قَدْرَ حَلْبةٍ، وكان معَ أبي بَكرٍ أيضًا «إداوةٌ»، وهي إناءٌ مِن جِلدٍ فيها ماءٌ، فحمَلَها للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليَرتَويَ منها، فلمَّا جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَدَه نائمًا، فكَرِهَ أنْ يُوقِظَه مِن نَومِه، فاننتَظَرَ حتَّى استَيقَظَ، فصَبَّ منَ الماءِ الَّذي في الإداوةِ على اللَّبَنِ الَّذي في القَعْبِ حتَّى برَدَ أسفَلُه، فقال: اشرَبْ يا رَسولَ اللهِ، فشَرِب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى رَضيَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، أي: طابَتْ نفْسُه، واطْمأنَّ لشِبَعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لكَثْرةِ ما شَرِب، ثمَّ سَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصِّدِّيقَ: ألمْ يَأتِ وَقتُ الارتِحالِ؟ فأجابَه الصِّدِّيقُ: بَلى.
فارتَحَلا بعْدَما مالَتِ الشَّمسُ وانكَسرَتْ سَوْرةُ الحَرِّ، أي: شِدَّتُه، وكان سُراقةُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه -وهو يومَئذٍ على الكُفرِ- يَتبَعُهم ويَبحَثُ عنهم، فقال أبو بَكرٍ: أُتينا يا رَسولَ اللهِ، أي: أدرَكَنا هذا الفارسُ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَحزَنْ، إنَّ اللهَ مَعَنا، فدَعا عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فارتَطَمَت به فَرَسُه، أي: غاصَتْ به قَوائمُها إلى بَطنِها، في «جَلَدٍ»، أي: في صُلبٍ منَ الأرْضِ وجَوفِها، فقال سُراقةُ: إنِّي أظُنُّكُما قدْ دَعَوتُما عَلَيَّ حتَّى ارتَطَمَت بي فَرَسي، فادْعُوَا لي بالخَلاصِ، «فاللهُ لكما»، أي: فهو ناصِرُكُما وحافِظُكُما حتَّى تَبلُغا مَقصِدَكما، وتَعهَّدَ لهما أنْ يرُدَّ عنهما مَن يَبحَثُ عنهما ويَطلُبُهما، فدَعا له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فنَجا، فشَرَع فيما وعَدَ مِن رَدِّ مَن لَقيَ، فكان لا يَلْقى أحَدًا يَطلُبُهما إلَّا قال له: كَفَيتُكُم الطَّلبَ في هذه الجِهةِ؛ لأنِّي سبَقْتُ في البَحثِ عنهما فيها، ولم أجِدْهما، فلا يَلْقى أحَدًا إلَّا رَدَّه، قال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: ووَفَى سُراقةُ لنا ما وعَدَ به مِن رَدِّ الطَّلبِ.
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنْقَبةٌ لأبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلملما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فأتبعه
صحيح البخاريانطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه فقلت لمن أنت قال لرجل من
صحيح البخارياشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال
صحيح البخاريلما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك
صحيح البخاريابتاع أبو بكر من عازب رحلا فحملته معه قال فسأله عازب عن مسير
صحيح ابن حبانوضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم
صحيح الجامعأنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك يجمع الله
صحيح الجامعيجمع الله الناس يوم القيامة فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة
صحيح الترمذيأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا
صحيح الترمذيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع فأكله وكانت
صحيح الترمذييجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب
صحيح مسلموضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب