حديث آخذه لك فأشار برأسه أن نعم فتناولته فاشتد عليه وقلت ألينه لك

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث عائشة أم المؤمنين

«إنَّ مِن نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُوُفِّيَ في بَيْتِي، وفي يَومِي، وبيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللَّهَ جَمَع بيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ دَخَلَ عَلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ وبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وعَرَفْتُ أنَّه يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عليه، وقُلتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ، فأمَرَّهُ، وبيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أوْ عُلْبَةٌ؛ يَشُكُّ عُمَرُ- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في المَاءِ فَيَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى، حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ.»

صحيح البخاري
عائشة أم المؤمنين
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 4449 -

شرح حديث إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كانت مُصيبةُ المُسلِمينَ الكُبْرى بوَفاةِ رَسولِهمُ الكَريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ كان في مَرَضِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذي مات فيه عِبَرٌ، وعِظاتٌ، وأحْكامٌ، وتَوْجيهاتٌ للصَّحابةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم وللأمَّةِ جَميعًا.
وفي هذا الحَديثِ تَحْكي أمُّ المؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ مِن نِعَمِ اللهِ عليها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا مات، ماتَ في حُجرَتِها، وفي يَومِها، وبيْنَ سَحْرِها ونَحْرِها، والسَّحْرُ هو أعْلى البَطنِ، والنَّحرُ مَوضِعُ العِقدِ منَ الصَّدرِ، والمَعنى: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاضَت رُوحُه وهي مُحتَضِنةٌ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على صَدرِها، ورأسُه الشَّريفُ عندَ ذَقَنِها، وأنَّ اللهَ جمَعَ بينَ ريقِه وريقِها عندَ مَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجعَلَ ريقَها رَضيَ اللهُ عنها يصِلُ إلى فَمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورِيقَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصِلُ إلى فَمِها قُبَيلَ وَفاتِه بلَحظةٍ قَصيرةٍ، وسَببُ ذلك أنَّ أخاها عبدَ الرَّحمنِ بنَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهم دخَلَ عليهم ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُستنِدًا إلى صَدرِها، وكان بيَدِ عبدِ الرَّحمنِ سِواكٌ -وهو عودٌ يكونُ مِن جُذورِ شَجَرِ الأَراكِ، ويُتَّخَذُ لتَنْظيفِ الأسْنانِ وتَطْهيرِ الفَمِ-، فرَأتْ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنظُرُ إلى السِّواكِ، وكانت أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها تَعلَمُ أنَّ مِن طَبْعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُبَّ السِّواكِ مُطلَقًا، أو عندَ تَغيُّرِ الفَمِ خُصوصًا، فسَألَتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: آخُذُه لكَ منه؟ فأشارَ إليها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «نَعَم»، فأخَذَتْه مِن أخِيها، وناوَلَتْه إليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فاستَعْمَلَه، فاشتَدَّ السِّواكُ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّه لم يَزَلْ قاسيًا لم يُستَخدَمْ قبْلُ، فسَألَتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تُليِّنَه له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوافَقَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَتِ السِّواكَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان في فَمِه، وعليه مِن رِيقِه الشَّريفِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَضَغَتْه بأسْنانِها لتُلَيِّنَه له، وأخَذَه منها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّةً أُخْرى، فجمَعَ اللهُ بذلك بيْنَ ريقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِيقِها رَضيَ اللهُ عنها.
وتَحْكي أمُّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها عن شدَّةِ ما كان يُعانيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن سَكَراتِ المَوتِ؛ فتَذكُرُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان بيْنَ يَدَيْه رَكْوةٌ فيها ماءٌ، أي: قِرْبةٌ مِن جِلدٍ مَمْلوءةٌ ماءً، فجعَلَ يُدخِلُ يَدَه، فيَأخُذُ ماءً منها، ثمَّ يُمرِّرُها على وَجهِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ تَخْفيفًا لحَرارةِ الحُمَّى ووَجَعِه الَّذي به، ويقولُ: «لا إلهَ إلَّا اللهُ، إنَّ للمَوتِ سَكَراتٍ»، أي: شَدائِدَ وأهْوالًا وآلامًا عَظيمةً، ثمَّ مَدَّ يَدَه ورَفَعَها مُشيرًا بها إلى الأعْلى، فجعَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «اللَّهُمَّ في الرَّفيقِ الأعْلى»، والرَّفيقُ الأعْلى: همُ الَّذين أنعَمَ اللهُ عليهم منَ النَّبيِّينَ، والصِّدِّيقينَ، والشُّهَداءِ، والصَّالِحينَ، وحسُنَ أولئك رَفيقًا، وقيلَ: هو الجَنَّةُ، وقيلَ: هو جَماعةُ الأنْبياءِ الَّذين يَسكُنونَ أعْلى عِلِّيِّينَ، واخْتارَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يكونَ عندَ اللهِ في الجنَّةِ، وفي رُفْقةِ المَلأِ الأعْلى بدَلًا منَ البَقاءِ في الدُّنْيا، وفي رِوايةِ الصَّحيحينِ قالت: «وعرَفْتُ أنَّه الحَديثُ الَّذي كان يُحدِّثُنا به»، أي: مِن إخْبارِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأمْرِ تَخيُّرِ الأنْبياءِ، قالت: فكانت تلك آخِرَ كَلِمةٍ تكلَّمَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانت وَفاتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في السَّنةِ الحاديةَ عَشْرةَ مِن الهِجْرةِ.
فجعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «في الرَّفيقِ الأعْلى»، حتَّى قُبِضَت رُوحُه، وسَقَطَت يَدُه بعدَ أنْ كان يُشيرُ بها إلى الأعْلى، وهو إشارة إلى نَزعِ الرُّوحِ منَ الجسَدِ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ أمِّ المؤمِنينَ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها وفِطنتِها.
وفيه: بشَريَّةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه يَعْتَريه ما يَعْتَري البشَرَ منَ الصِّحَّةِ والمرَضِ، والقوَّةِ والضَّعفِ.
وفيه: صَبرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على شدَّةِ الألَمِ.
وفيه: حُبُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للسِّواكِ، وحِرصُه عليه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات
صحيح البخاريسمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن تبوك قال فلما سلمت على
صحيح البخاريصلى أبو بكر رضي الله عنه العصر ثم خرج يمشي فرأى الحسن يلعب
صحيح البخاريكان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا بعيد ما بين المنكبين له شعر
صحيح البخاريسمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال كان ربعة
صحيح البخاريأنه سأل عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال
صحيح البخاريسئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال لا
صحيح البخاريكأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل صلوات الله
صحيح البخاريعن ابن عمر قال دخلت على حفصة ونسواتها تنطف قلت قد كان من
صحيح البخاريكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين يديه حتى نرى
صحيح البخاريما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا
صحيح البخاريكان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها وفي


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب