حديث بل فعله كبيرهم هذا الأنبياء وقال بينا هو ذات يوم وسارة

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث أبو هريرة

«لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ إلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ منهنَّ في ذَاتِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ؛ قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ} (الصافات: 89)، وقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} (الأنبياء: 63). وقالَ: بيْنَا هو ذَاتَ يَومٍ وسَارَةُ، إذْ أَتَى علَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فقِيلَ له: إنَّ هَاهُنَا رَجُلًا معهُ امْرَأَةٌ مِن أَحْسَنِ النَّاسِ، فأرْسَلَ إلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقالَ: مَن هذِه؟ قالَ: أُخْتِي، فأتَى سَارَةَ قالَ: يا سَارَةُ، ليسَ علَى وجْهِ الأرْضِ مُؤْمِنٌ غيرِي وغَيْرَكِ، وإنَّ هذا سَأَلَنِي فأخْبَرْتُهُ أنَّكِ أُخْتِي، فلا تُكَذِّبِينِي، فأرْسَلَ إلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عليه ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقالَ: ادْعِي اللَّهَ لي ولَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ، فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقالَ: ادْعِي اللَّهَ لي ولَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقالَ: إنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بإنْسَانٍ، إنَّما أَتَيْتُمُونِي بشيطَانٍ! فأخْدَمَهَا هَاجَرَ، فأتَتْهُ وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، فأوْمَأَ بيَدِهِ: مَهْيَا، قالَتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الكَافِرِ -أَوِ الفَاجِرِ- في نَحْرِهِ، وأَخْدَمَ هَاجَرَ. قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تِلكَ أُمُّكُمْ يا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.»

صحيح البخاري
أبو هريرة
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 3358 - أخرجه البخاري (3358)، ومسلم (2371)

شرح حديث لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات ثنتين منهن في ذات


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

فضَّلَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه إبراهيمَ عليه السَّلامُ، وقَصَّ علينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعضًا مِن أخبارِه، وأخبَرَ أنَّ تَصرُّفاتِه وأعمالَه وأقوالَه كانت للهِ وفي اللهِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ النَّبيَّ إبراهيمَ عليْهِ السَّلامُ لم يَكذِبْ إلَّا ثَلاثَ كَذَباتٍ، ثمَّ يُخبِرُ بتَفاصيلِ تلك الكَذَباتِ فيَقولُ: «ثِنْتَينِ مِنهنَّ في ذاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ»، وإنَّما قال عن ثِنتَينِ فقطْ: «إنَّها في ذاتِ اللهِ»؛ لأنَّ الثَّالِثةَ وإنْ كانتْ في ذاتِ اللهِ لكنَّ فيها حَظًّا لنَفسِهِ، وأُطلِقَ الكذِبُ على هذِه الأمورِ؛ لكونِهِ قالَ كلامًا يَظُنُّهُ السَّامِعُ كَذِبًا، لكنَّ حَقيقةَ الأمرِ أنَّهُ لم يَكُنْ كذلِكَ؛ لأنَّهُ مِن المَعاريضِ، فليسَ بكَذِبٍ مَحضٍ.
أمَّا الأُولى: فعِندما طلَبَ منهُ قَومُهُ أنْ يَخرُجَ معَهمْ إلى عِيدِهِمْ، وأرادَ أنْ يَكسِرَ آلِهتَهُم، فقالَ لهمْ: { إِنِّي سَقِيمٌ } [ الصافات: 89 ]؛ ليَظُنُّوا أنَّه مَريضٌ مُصابٌ، فيَترُكوه، وأَرادَ أنَّ قَلْبَهُ مَريضٌ ممَّا يَصنَعونَ مِن الكُفرِ، أو غيرِ ذلكَ.
وأمَّا الثانيةُ: فعِندما حطَّمَ الأَصنامَ ورَجَعوا واتَّهموهُ بِهذا الفعلِ، فقالَ: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } [ الأنبياء: 63 ]، أرادَ أنَّهُ سَببٌ في الفِعلِ لا هُو الفاعلُ نفْسُه؛ لأنَّهُ لَمَّا وَجَدَها مُتراصَّةً حَوْلَهُ تَعظيمًا لهُ، حطَّمها كلَّها إمْعانًا في إذْلالِهِ؛ وقد قال ذلك ليُعمِلوا عُقولَهم فيَعرِفوا أنَّها أحجارٌ لا تَستطيعُ فِعلَ شَيءٍ.
وأمَّا الثَّالِثةُ: فعِندما قدِمَ هُوَ وزَوجَتُه سارةُ أرضًا كانَ يَحكُمُها جبَّارٌ مِن الجَبابِرةِ، فقيلَ لهذا الجَبَّارِ: إنَّ في أرضِكَ رجُلًا معَه امرأةٌ مِن أحسنِ النَّاسِ، أي: مِن أَجمَلِهمْ، فأَرسَلَ إلى إِبراهيمَ عليه السَّلامُ فَسألَه عنْها، فَقالَ: إنَّها أُخْتي، أرادَ أنَّها أُختُه في اللهِ وفي الدِّينِ والإسلامِ؛ إذْ لوْ قَالَ زَوجتي، لَقَتلَهُ الفاجِرُ ليَتخَلَّصَ مِنه، وقيلَ: لأَلزَمَه بِطلاقِها، ثمَّ رجَعَ إبراهيمُ عليه السَّلامُ إلى زَوْجتِهِ، فَقالَ لها: إنَّهُ ليسَ على وَجْهِ الأَرضِ مُؤمنٌ غَيري وغَيرُكِ، أي: الأرضُ التي هُمْ بِها، ثمَّ قالَ لَها: وقدْ سأَلني هَذا الجبَّارُ فأَخبَرْتُه أنَّكِ أُختي، فلا تُكَذِّبيني فتقُولي: هُو زَوجي، فأَرسَلَ إليها هذا الجبَّارُ، فلمَّا دَخَلَتْ عَليهِ ورأَى حُسْنَها غَلَبَه المَيلُ إليها، فذَهَبَ يُمسِكُها بيَدِهِ، «فأُخِذَ»، أي: اختَنقَ حتَّى ركَضَ بِرِجلِه كأنَّهُ مَصروعٌ، فقالَ لها: ادْعي اللهَ لي وَلا أضُرُّكِ، فدَعتِ اللهَ فقَالَت -كما في صَحيحِ البُخاريِّ-: «اللَّهُمَّ إنْ يَمُتْ يَقولوا: هيَ قَتلَتْه»، فاستجابَ اللهُ لها فعادَ سَليمًا، غيرَ أنَّه غَلَبتْه شَهوتُه، فَحاوَلَ أنْ يُمسِكَها مرَّةً ثانِيةً، فأُخِذَ أشدَّ مِن المرَّةِ الأُولى، فقالَ: ادْعي اللهَ لي وَلا أضُرُّكِ، فدَعتْ فأُطلِقَ، فلمَّا يَئِسَ منها دَعا بَعضَ حَجَبتِهِ وخدَمِهِ فقالَ: «إنَّكمْ لَمْ تَأْتوني بإنسانٍ، إنَّما أَتَيْتمُوني بِشَيطانٍ!» حيثُ لم يَقدِرْ عَليها، بلْ صُرِع كلَّما اقْتَرَبَ مِنها، ثمَّ لَمَّا رَأى مِنها ذلكَ أَعْطاها هاجَرَ خادِمةً لها، فرَجَعَت سارةُ إلى إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فوَجدَتْهُ يُصلِّي، «فأَوْمأَ بِيدِهِ»، أيْ: أَشارَ إِليها، «مَهْيَا»، أي: ما شَأنُكِ وحالُكِ معَه؟ فقالتْ: ردَّ اللهُ كيدَ الكافرِ -أو الفاجِرِ- في نَحرِهِ، أي: صَرَفَه وأذَلَّه، فلمْ يَصِلْ إلَيَّ بِشَيءٍ، وأعْطانا هاجَرَ خادمةً.
قال أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «تِلكَ أمُّكُمْ يا بَني ماءِ السَّماءِ»، أرادَ بِهمُ العَربَ؛ لأنَّهم يَعيشونَ بالمَطرِ ويَتَّبِعونَ مَواقعَ القَطرِ في البَوادي لأَجْلِ المَواشي، والمرادُ: فتِلكَ المرأةُ -التي هيَ هاجرُ- هيَ أمُّكمْ أيُّها العربُ؛ لأنَّها أمُّ إسماعيلَ عليه السَّلامُ، وهو جَدُّ العَدْنانيِّينَ مِن العرَبِ، وإلَّا فقدْ ورَدَ عندَ البُخاريِّ في حَديثِ هِجرةِ هاجَرَ إلى مكَّةَ ما يُفيدُ أنَّ العرَبَ لَيسوا جَميعًا مِن نَسْلِ إسماعيلَ عليه السَّلامُ؛ لأنَّ قَبيلةَ جُرهُمَ العربيَّةَ كانت قبْلَ إسماعيلَ.
وفي الحديثِ: إجابةُ الدُّعاءِ بإخلاصِ النِّيَّةِ، وبَيانُ حِفظِ اللهِ لِعبادِهِ الصَّالحينَ.
وفيه: أنَّ في المَعاريضِ نَجاةً مِن الوُقوعِ في الكَذبِ.
وفيه: حِفظُ اللهِ لأنبيائِه وأوليائِه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريدخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم
صحيح البخاريكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكباث وإن رسول الله
صحيح البخاريأول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها
صحيح البخاريأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثلي ومثل الناس كمثل
صحيح البخاريقلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول قال المسجد الحرام قلت ثم
صحيح البخاريأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما يعني
صحيح البخاريقلت لابن عباس أنسجد في ص فقرأ ومن ذريته داوود وسليمان حتى أتى
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحن أحق بالشك من إبراهيم
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك
صحيح البخاريسمعت النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الذي عقر الناقة قال انتدب لها
صحيح البخاريكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان
صحيح البخاريلقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, November 25, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب