حديث شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث سلمة بن الأكوع

«غَزَوْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حُنَيْنًا، فَلَمَّا وَاجَهْنَا العَدُوَّ تَقَدَّمْتُ فأعْلُو ثَنِيَّةً، فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ مِنَ العَدُوِّ، فأرْمِيهِ بسَهْمٍ، فَتَوَارَى عَنِّي، فَما دَرَيْتُ ما صَنَعَ، وَنَظَرْتُ إلى القَوْمِ فَإِذَا هُمْ قدْ طَلَعُوا مِن ثَنِيَّةٍ أُخْرَى، فَالْتَقَوْا هُمْ وَصَحَابَةُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَوَلَّى صَحَابَةُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَرْجِعُ مُنْهَزِمًا، وَعَلَيَّ بُرْدَتَانِ مُتَّزِرًا بإحْدَاهُما مُرْتَدِيًا بالأُخْرَى، فَاسْتَطْلَقَ إزَارِي فَجَمَعْتُهُما جَمِيعًا، وَمَرَرْتُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُنْهَزِمًا وَهو علَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ رَأَى ابنُ الأكْوَعِ فَزَعًا، فَلَمَّا غَشُوا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ نَزَلَ عَنِ البَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِن تُرَابٍ مِنَ الأرْضِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ به وُجُوهَهُمْ، فَقالَ: شَاهَتِ الوُجُوهُ، فَما خَلَقَ اللَّهُ منهمْ إنْسَانًا إلَّا مَلأَ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بتِلْكَ القَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَسَمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ غَنَائِمَهُمْ بيْنَ المُسْلِمِينَ.»

صحيح مسلم
سلمة بن الأكوع
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 1777 -

شرح حديث غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما واجهنا العدو


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

بعْدَ أنْ أكرَمَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه بفَتحِ مكَّةَ في العامِ الثَّامنِ مِن الهجرةِ، بَلَغَهم أنَّ مالكَ بنَ عَوفٍ النَّضريَّ جمَعَ القبائلَ الكافرةَ مِن هَوازن وثَقيفَ وتَجمَّعوا في وادي حُنَينٍ لمُحارَبةِ المسْلِمين، فنَدَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه وجَيْشَه للتَّحرُّكِ نحْوَ تَجمُّعاتِهم في حُنَينٍ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي سَلَمةُ بنُ الأكوعِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم غزَوُا الكفَّارَ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ حُنَينٍ، وهو وادٍ بيْن مكَّةَ والطَّائفِ وَراءَ عرَفاتٍ، فلمَّا واجَهوا العدوَّ وكانوا في مُقابَلتَه، تَقدَّمَ سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه على جَيشِ المسْلِمين وسَبَقهم إلى جِهةِ العدوِّ، واعتَلَى «ثنيَّةً» وهي الطَّريقُ في الجبلِ، فاسْتقبَله رجلٌ مِن العدوِّ، فرَماهُ سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه بسَهمٍ، فتَوارى هذا الرَّجلُ واختَفَى واستَتَر عن نَظرِ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنه، فلم يَرَه بعْدَ أنْ ضَرَبه بالسَّهمِ، فلم يَعلَمْ ما صنَع: هلْ مات أمْ أصابَه فقطْ؟ ثمَّ نَظَر سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه إلى العدوِّ ليَعرِفَ ماذا يَصنَعون، فإذا هُم قدْ طلَعوا وصَعِدوا على الجبلِ مِن طَريقٍ آخَرَ غيرِ الَّذي هو فيه، فالتقَوْا وصحابةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوقَعَ بيْنهم القتالُ، فأدْبَرَ وانهَزَمَ بعضُ صحابةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقال سَلَمةُ عن نَفسِه: «وَأَرْجِعُ منهزمًا» أي: كان هو مِن جُملةِ مَن رَجَع وأدْبَرَ عن العدوِّ، وكان عليه مِن الثِّيابِ «بُردتانِ»، أي: رِداءانِ، جَعَل أحدَهما إزارًا يُغطِّي به النِّصفَ الأسفلَ مِن الجسَدِ، والآخَرَ يُغطِّي الجزءُ العُلويَّ مِن الجسدِ، فانحَلَّ رِباطُ الإزارِ، فجمَعَ البُرْدتينِ جميعًا بيَدِه على عاتقِه، أو أمسَكَ الإزارَ والرِّداءَ بيَدٍ واحدةٍ؛ يُشيرُ إلى سُرعةِ فِرارِه، فلمَّا كان على تلكَ الحالِ مَرَّ سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ راكبًا على بَغلتِه الشَّهباءِ، أي: البيضاءِ، ثابتًا لا يَفِرُّ مع الفارِّين، بلْ جَعَل يُقبِلُ على العدوِّ، فلمَّا رَأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنه وهو يُدبِرُ مُسرِعًا، قال: «لقدْ رأى ابنُ الأكوعِ فزَعًا»، أي: خوفًا شديدًا، فلمَّا اقتَرَبَ العدوُّ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، نَزَل رَسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن البَغلةِ، ثمَّ قَبَض بكَفِّه قَبضةً مِن تُرابٍ مِن الأرضِ، ثمَّ استقبَل بذلكَ التُّرابِ وُجوهَ العدوِّ، ودَعا عليهم وقال: «شاهَتِ الوجوهُ»، أي: تغيَّرَتْ وقبُحَتْ بِردِّها خائبةً مُنهزِمةً، فأخبَرَ سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه ما بَقِي منهم أحدٌ، إلَّا ملَأ عَينَيْه تُرابٌ بتلك القبضةِ، فولَّوْا ورَجَعوا مُدبِرينَ بعْدَ أنِ استَنفَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَيْشَ المسْلِمين وأقْبَلوا عليهم مرَّةً أُخرى، فهَزَمهم اللهُ وفرَّقَهم وشَتَّتَهم، ونصَر رسولَه، واستجاب دُعاءَه، وجمَع له بيْن عزِّ الجاهِ، وحُسنِ الحالِ، وغنيمةِ المالِ، كما قال تعالَى: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } [ التوبة: 25، 26 ]، وبعْدَ نِهايةِ المعركةِ قسَم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غنائمَهم وأموالَهُم الَّتي أخَذَها المسْلِمون في الحربِ.
وفي الحديثِ: شجاعةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد
صحيح مسلمكان ينتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء فإذا لم يجدوا
صحيح مسلملا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن
صحيح مسلملا تقولوا الكرم ولكن قولوا الحبلة يعني العنب
صحيح مسلمأنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع
صحيح مسلمأحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
صحيح مسلمإن في عجوة العالية شفاء أو إنها ترياق أول البكرة
صحيح مسلمنعم الأدم أو الإدام الخل وفي رواية نعم الأدم ولم يشك
صحيح مسلمأيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن
صحيح مسلمقلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال
صحيح مسلممن عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب