حديث من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

«إنَّ اللَّهَ زَوَى لي الأرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها، وإنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِيَ لي مِنْها، وأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ، وإنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتي أنْ لا يُهْلِكَها بسَنَةٍ عامَّةٍ، وأَنْ لا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وإنَّ رَبِّي قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي إذا قَضَيْتُ قَضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ، وإنِّي أعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أنْ لا أُهْلِكَهُمْ بسَنَةٍ عامَّةٍ، وأَنْ لا أُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، ولَوِ اجْتَمَع عليهم مَن بأَقْطارِها -أوْ قالَ: مَن بيْنَ أقْطارِها- حتَّى يَكونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، ويَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا.»

صحيح مسلم
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 2889 -

شرح حديث إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبشِّرُ أصْحابَه بالفُتُوحاتِ؛ ليُثبِّتَ قُلُوبَهم، ودَليلًا على صِدقِ رِسالتِه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَعضِ ما أنْعَمَ اللهُ سُبحانَه وتَعالَى عَليه وعَلى أُمَّتِه، وعن سَعةِ انتِشارِها في الأرضِ؛ فيَقولُ: «إنَّ اللهَ زَوى ليَ الأرضَ»، أي: قَبَضَها وجَمَعَها مرَّةً واحدةً أمامي، فرَأيْتُ مَشارقَها ومَغاربَها وجَميعَ أقطارِها ونَواحِيها، حتَّى أبصَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما تَملِكُه أُمَّتُه مِن أقْصى المشارِقِ والمغارِبِ منها، «وإنَّ مُلْكَ أُمَّتي سَيَبلُغُ ما زُوِيَ لي» مِنَ الأَرضِ، ثُمَّ هيَ تُفتَحُ لأُمَّتي جُزءًا فجُزءًا حتَّى يَصِلَ مُلكُ أُمَّتي ما زُوِيَ لَه مِنها، «وأُعْطِيتُ الكَنزَيْنِ الأَحمرَ والأَبيضَ»، أي: كَنزَ الذَّهبِ والفضَّةِ، والمُرادُ كَنزَيْ كِسْرى وقَيصَرَ مَلِكَي العراقِ والشَّامِ.
ثُمَّ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سَألتُ رَبِّي ودَعوتُه لأُمَّتي أنْ لا يُهلِكَها بسَنَةٍ عامَّةٍ»، أي: بقَحطٍ يَعُمُّهم، بلْ إنْ وَقَع قَحطٌ فيَكونُ في ناحيةٍ يَسيرةٍ بالنِّسبةِ إلى باقِي بلادِ الإِسلامِ، «وألَّا يُسلِّطَ عليهم عدُوًّا مِن الكافرينَ مِن سِوى أَنفسِهم، فيَستبِيحَ بَيْضتَهم»، أي: يُفْني جَماعتَهم وأَصلَهم، والبَيضةُ أيضًا العزُّ والمُلكُ.

ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما قاله له رَبُّ العِزَّةِ، وأنَّه سُبحانه قال: «يا مُحمَّدُ، إِنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ»، أي: إذا حَكمتُ حُكمًا مُبرَمًا، فإنَّه لا يُرَدُّ بشَيءٍ بلْ يَنفَذُ لا مَحالةَ، وإنِّي أَعطيتُك لأُمَّتِك ألَّا أُهلِكَهم بسَنَةٍ عامَّة بقَحطٍ وجُوعٍ وشِدَّةٍ، وألَّا أُسلِّطَ عَليهم عدوًّا مِن سِوى أَنفسِهم، يَستبيح بَيضتَهم، وَلو اجتَمعَ عَليهم مَن بأَقطارِها، والمَعنى: فَلا يَستبيحُ عدوٌّ منَ الكُفَّار بَيْضتَهم، ولوِ اجتمعَ على مُحاربتِهم أعداءُ المسْلِمين جميعًا، حتَّى يَكونَ بعضُ المسْلِمين يُهلِكُ بعضًا آخَرَ منهم، ويَسبِي ويَأسِرُ بَعضُهم بَعضًا، فإذا كان مِن المسْلِمين ذلكَ تَفرَّقَت جَماعتُهم واشتَغَلَ بعضُهم ببَعضٍ عن جِهادِ العَدوِّ، فتَقْوى شَوكةُ العدوِّ ويَسْتولى عليهم.
وهذا الحديثُ يُبيِّنُ أنَّ للهِ تعالَى في خَلقِه قَضاءينِ: قَضاءً مُبْرَمًا وقَضاءً مُعلَّقًا، أمَّا القضاءُ المعلَّقُ وهو المكتوبُ في الصُّحفِ الَّتي في أيْدي الملائكةِ، فهو عبارةٌ عمَّا قَدَّره في الأزلِ مُعلَّقًا بفِعلٍ، مثلُ: إنْ فُعِلَ الشَّيءُ الفُلانيُّ كان كذا وكذا، وإنْ لم يُفعَلْ فلا يكونُ كذا وكذا، فهذا القضاءُ هو مِن قَبيلِ ما يَتطرَّقُ إليه المحْوُ والإثباتُ، وأمَّا القضاءُ المُبْرَمُ فهو عبارةٌ عمَّا قَدَّره سُبحانَه وتَعالَى في الأزلِ مِن غيرِ أنْ يُعلِّقَه بفِعلٍ، فهو في الوقوعِ نافذٌ غايةَ النَّفاذِ، بحيث لا يَتغيَّرُ بحالٍ، ولا يَتوقَّفُ على المَقْضي عليه، ولا المَقْضي له؛ لأنَّه مِن عِلمِه بما كان وما يكونُ، وخِلافُ مَعلومِه مُستحيلٌ قطْعًا، وهذا مِن قَبيلِ ما لا يَتطرَّقُ إليه المحْوُ والإثباتُ.
وفي الحديثِ: بَيانُ عَظَمةِ مَنزِلةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ اللهِ سُبحانَه وتَعالَى؛ حيثُ أكرَمَه بإعطاءِ ما سَألَه في أُمَّتِه.
وفيه: بَيانُ عَظَمةِ هذا الدِّينِ، وأنَّه يَملَأُ الأرضَ كلَّها.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمأن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعتم بمدينة جانب منها في البر
صحيح مسلميكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده
صحيح مسلمكنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال وكنت رجلا حديد البصر فرأيته
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت
صحيح مسلملأنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء
صحيح مسلميتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة
صحيح مسلمعليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك
صحيح مسلممن خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت
صحيح مسلمإنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع
صحيح مسلمخيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم
صحيح مسلمإذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما
صحيح مسلمتقوم الساعة والرجل يحلب اللقحة فما يصل الإناء إلى فيه حتى تقوم والرجلان


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب