أتيت عمربن الخطاب رضي اللهُ عنه في أناس من قومي فجعل يفرض للرجل من طَيِّئٍ في ألفين ويعرض عني قال فاستقبلته فأعرض عني ثم أتيته من حيال وجهه فأعرض عني قال فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني قال فضحك حتى استلقى لقفاه ثم قال نعم والله إني لأعرفك آمنت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا وإن أول صدقة بيضت وجه رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووجوه أصحابه صدقة طَيِّئٍ جئت بها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثم أخذ يعتذر ثم قال: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق
الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : أحمد شاكر
| المصدر : تخريج المسند لشاكر
الصفحة أو الرقم: 1/160 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
التخريج : أخرجه أحمد ( 316 )
كان عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ رضِيَ
اللهُ عنه نَصرانِيًّا، وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَرْجُو إسلامَه، فمَنَّ
اللهُ عليه بالإسلامِ، وحَسُنَ إسلامُه، وكَثُرتْ فَضائِلُه.
وفي هذا الحَديثِ تَظهَرُ مَعرِفةُ عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ
اللهُ عنه لفَضْلِ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ رضِيَ
اللهُ عنه ومَكانتِه؛
وفيه: أنَّ عَدِيًّا قدِمَ عليه في خِلافتِه في وَفْدٍ، فجعَلَ عُمَرُ يَدعُو رجُلًا رجُلًا ويُسمِّيهم ويَفرِضُ للرَّجُلِ مِن طيِّئٍ في ألْفَينِ"،
أي: يَفرِضُ لهم في سِجلَّاتِ العَطاءِ ألْفينِ من الدَّراهم، وهو يُؤخِّرُ في ذلك عَدِيَّ بنَ حاتِمٍ رضِيَ
اللهُ عنه ويُعرِضُ عنه، فلمَّا رَأَى عَدِيٌّ رضِيَ
اللهُ عنه ذلك اسْتَقْبَلَ عُمَرَ فأعرَض عنه عُمرُ، ثُمَّ أتاه عَدِيٌّ مِن حِيالِ وَجهِه،
أي: مِن قِبَلِ وَجْهِه، فأعرَضَ عنه عُمرُ أيضًا، فقال عَدِيٌّ لِعُمَرَ رضِيَ
اللهُ عنه: "أتَعْرِفُني"؟ قال عَدِيٌّ رضِيَ
اللهُ عنه: "فضَحِكَ"،
أي: عمَرُ رضِيَ
اللهُ عنه، "حتَّى استَلْقى لِقفاهُ"، كِنايةً عن شِدَّةِ ضَحِكِه، فقال عُمَرُ رضِيَ
اللهُ عنه: "نعمْ، و
اللهِ إنِّي لَأعرِفُك؛ آمنْتَ إذ كَفَروا، وأقبلْتَ إذ أدْبَروا، ووفَّيْتَ إذ غَدَروا"، يُشِيرُ بذلك إلى وَفاءِ عَدِيٍّ رضِيَ
اللهُ عنه بالإسلامِ، وأنَّه أحضَرَ صَدقةَ قومِه بعدَ موتِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عندما منَعَها أكثرُ العَربِ، وكان المُوجِبُ لانصرافِ عُمرَ عن عَديٍّ قولَه: "إنَّما فرضْتُ"،
أي: أعطاهم دونَ غيرِهم، "لقومٍ أجحَفَتْ بهم الفاقَةُ"،
أي: أفقرَتْهم الحاجةُ وأذهَبَتْ أموالَهم، "وهم سادةُ عَشائرِهم لِمَا يَنوبُهم مِن الحُقوقِ"،
أي: ولأنَّ النَّاسَ يَقصِدونَهم في حوائجِهم ومُهِمَّاتِهم.
وفي الحديثِ: فضْلٌ ومَنقبةٌ لعَدِيِّ بنِ حاتمٍ الطَّائيِّ رضِيَ
اللهُ عنه.
وفيه: ضَرورةُ مَعرفةِ الإمامِ بأحوالِ رَعيَّتِه، ومُعاملتِه كلٍّ منهم على قدْرِ مَكانتِه.
وفيه: مَشروعيةُ زِيادةِ إعطاءِ الإمامِ لسيِّدِ العشيرةِ إذا كان ممَّن ينوبُه الحُقوقُ ويَفِد عليه الوافدون.
وفيه: مَشروعيةُ إعطاءِ الإمامِ للفَقيرِ ما لا يُعطيه للغنيِّ من المادياتِ؛ وإنْ كان الغنيُّ أفضلَ منه في نفْسِه، مع تَرضيةِ الغنيِّ بالأمورِ المعنويةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم