شرح حديث لا هامة ولا عدوى ولا طيرة وإن تكن الطيرة في شيء ففي
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
لا هامَةَ ، ولا عَدْوَى ، و لاطِيَرَةَ ، وإن تَكُنِ الطِّيَرَةُ في شيءٍ ، ففي الفَرَسِ ، والمرأةِ ، والدارِ
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 7562 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
لَمَّا جاءَ الإسلامُ هدَمَ مُعتقَداتِ الجاهِليَّةِ، وبَنى للمُسلمِ العَقيدةَ الصَّحيحةَ المَبنيَّةَ على صِحَّةِ التوحيدِ، وقوَّةِ اليَقينِ، والابتعادِ عنِ الأَوْهامِ والخَيالاتِ التي تَعبَثُ بالعقولِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا هامَةَ"، وهي اسمٌ لطائرٍ يَطيرُ باللَّيلِ كانوا يَتشاءمونَ به، وكانوا يَعتقِدونَ أنَّ رُوحَ القَتيلِ إذا لم يُؤخَذْ بثأرِهِ صارتْ طائرًا يقولُ: "اسْقُوني اسْقُوني"؛ حتى يُثأرَ له، "ولا عَدْوَى"، وهي انتقالُ المرضِ مِن المريضِ إلى غَيرِه، "ولا طِيَرةَ"، وهي التَّشاؤُمُ، وكان أهلُ الجاهِليَّةِ إذا خرَجوا لحاجةٍ لهم مِن سفرٍ أو تجارةٍ، فإذا شاهَدوا الطَّيرَ يطيرُ عن يَمينِهم استَبشَروا به، وإذا طارَ عن يَسارِهم تَشاءَموا به ورَجَعوا.
والمعنى: أنَّ تلك الأشياءَ لا تُؤثِّرُ بطبعِها؛ وإنَّما يَحدُثُ هذا بقَدَرِ
اللهِ وتقديرِه.
ثُمَّ قال النبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم: "وإنْ تكُنِ الطِّيرةُ في شيءٍ، ففي الفَرَسِ، والمرأةِ، والدارِ" يعني: أنَّ النُّفوسَ يَقَعُ فيها التشاؤمُ بهذه أكثَرَ ممَّا يقَعُ بغيرِها، ومِن شُؤمِ الدَّارِ سُوءُ جوارِها، وكونُها بعيدةً مِن المَسجِدِ لا يُسمَعُ منها الأذانُ، ومِن شُؤمِ المرأةِ أنْ تكونَ غيرَ وَلُودٍ أو غيرَ صالحةٍ، ومِن شؤمِ الفَرسِ ألَّا يُغزَى عليه، ولهذه الأشياءِ الثلاثةِ
( المرأةِ، والدَّارِ، والفَرَسِ ) أهميَّةٌ عُظمَى، وأثرٌ كبيرٌ في حياةِ الإنسانِ، فإنْ كانتِ المرأةُ ملائمةً لزوجِها خُلُقًا، متفاهِمةً معه، مُخلِصةً له، مُطيعةً وَفِيَّةً، وكانتِ الدَّارُ صِحِّيَّةً واسِعةً مناسِبةً له ولأُسرتِه، وكانتِ الفَرَسُ -وما في مَعانيها ممَّا يُركَبُ؛ مِثلَ السَّيَّارةِ- قَوِيَّةً مُرِيحَةً؛ ارْتَاحَ الإنسانُ في حياتِه، وشَعَرَ بالسَّعادةِ، وأَحَسَّ بالاطمِئنانِ والاستقرارِ النَّفْسِيِّ.
وأمَّا إذا كانتِ الزوجةُ غيرَ صالحةٍ، أو الدَّارُ غيرَ مناسِبةٍ، أو الفَرَسُ أو السَّيَّارةُ غيرَ مُريحةٍ؛ فإنَّ الإنسانَ يَشعُرُ بالتَّعاسَةِ والقَلَقِ، ويَتْعَبُ تَعَبًا جِسْمِيًّا ونَفْسِيًّا معًا.
وقيلَ: الشُّؤمُ في هذه الثَّلاثةِ إنَّما يَلحَقُ مَن تشاءَمَ بها وتطيَّرَ بها، أمَّا مَن توكَّلَ على
اللهِ، ولم يتشاءَمْ، ولم يتطيَّرْ لم تكُنْ مَشْؤومةً عليه، ويدلُّ عليه ما رواه ابنُ حِبَّانَ عن أنسِ بنِ مالِكٍ رضِيَ
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "الطِّيَرةُ على مَن تطيَّرَ"، ومَعْناهُ: إثمُ الطِّيَرةِ على مَن تطيَّرَ بَعدَ عِلمِهِ بنَهيِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عن الطِّيَرةِ.
وفي الحَديثِ: دَعْوةٌ إلى حُسنِ التوكُّلِ على
اللهِ، وحُسنِ الاعتقادِ، وعدمِ التأثُّرِ بالمفاهيمِ السَّلبيَّةِ التي لا أساسَ لها
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم