مَن عَبَدَ اللهَ لا يُشرِكُ به شَيئًا، وأقامَ الصَّلاةَ، وآتَى الزَّكاةَ، وصامَ رَمَضانَ، واجتَنَبَ الكبائِرَ؛ فله الجَنَّةُ، أو دَخَلَ الجَنَّةَ.
فسَأَلَه: ما الكبائِرُ؟ فقال: الشِّركُ باللهِ، وقَتلُ نَفْسٍ مُسلِمةٍ، والفِرارُ يَومَ الزَّحْفِ.
الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 23506 | خلاصة حكم المحدث : حسن بمجموع طرقه
التخريج : أخرجه النسائي ( 4009 )، وأحمد ( 23506 ) واللفظ له
كانَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعباداتِ بذِكرِ الأَجْرِ والثَّوابِ عليْها، ويُحذِّرُهم مِن كَبائرِ الذُّنوبِ، والوُقوعِ فيها؛ لأنَّها مُوبِقةٌ، تُهلِكُ صاحِبَها، وتُعرِّضُه لغضَبِ
اللهِ تعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أنَّ المسلِمَالذي يَعبُدُ
اللهَ، ولا يُشرِكُ به شَيئًا، فيُخلِصُ له العباداتِ، ويُفرِدُهُ بها، ويُقيمُ الصَّلَواتِ الخمسَ المَكتوباتِ في أوَّلِ وَقتِها، وبشُروطِها، وأَحْكامِها، ويُخرِجُ زَكاةَ مالِهِ؛ إذا بلَغَ ذلكَ المالُ النِّصابَ؛ وهو المِقْدارُ الَّذي سَمَّاه وحدَّدَه الشَّرعُ في كلِّ أنواعِ المالِ، وحالَ عليه الحَولُ، وهو العامُ القمَريُّ، ويَصومُ رَمَضانَ؛ وهو الإمساكُ بِنِيَّةِ التَّعبُّدِ عنِ الأكْلِ، والشُّرْبِ، وسائرِ المُفطِراتِ، وغِشْيانِ النِّساءِ، مِن طُلوعِ الفَجْرِ إلى غُروبِ الشَّمْسِ.
وكذلكَ يَجتنِبُ الكَبائرَ، وهي الآثامُ والذُّنوبِ الَّتي تَوعَّدَ
اللهُ فاعلَها بنارٍ، أو غَضبٍ، أو لَعْنةٍ، أو عَذابٍ في الآخرةِ، أو أوجَبَ فيه حَدًّا في الدُّنيا.
فإذا استَجابَ المسلِمُ لكلِّ ذلكَ، كان وَعدًا مِنَ
اللهِ ورَسولِهِ أنْ يُدخِلَه الجنَّةَ، والتَّوحيدُ وَحْدَه ضَمانٌ للجَنَّةِ عندَ
اللهِ عزَّ وجَلَّ، وعدَمِ الخُلودِ في النَّارِ، فإذا شَمِلَ هذا التَّوحيدُ المحافظةَ على العِباداتِ، وتَرْكَ المُنكَراتِ؛ غفَرَ
اللهُ له ذَنْبَهُ.
فسُئِلَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عن تلكَ الكَبائرِ الَّتي يُحذِّرُ منها، فقال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «
الشِّرْكُ باللهِ»؛ وهذا أعظَمُ أنواعِ الكَبائرِ؛ فإنَّ مَن أشرَكَ ب
اللهِ عزَّ وجَلَّ بقَولٍ أو فعْلٍ أو اعتِقادٍ، أو اتِّخاذِ شَريكٍ أو نِدٍّ معَ
اللهِ، أو مُطلقِ الكُفْرِ؛ فقدْ وقَعَ في إثْمٍ عَظيمٍ دونَ غَيرِهِ مِنَ الآثامِ؛ فقدْ قال تَعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [
النساء: 48 ]، وقال سُبحانه:
{ إِنَّهُمَنْيُشْرِكْبِاللَّهِفَقَدْحَرَّمَاللَّهُعَلَيْهِالْجَنَّةَوَمَأْوَاهُالنَّارُوَمَالِلظَّالِمِينَمِنْأَنْصَارٍ } [
المائدة: 72 ].
«
وقتْلُ نَفْسٍ مُسلِمةٍ»؛
أي: قتْلُ النَّفْسِ ظُلمًا في غَيرِ الأحوالِ الَّتي قرَّرَها الشَّرعُ؛ لأنَّه إذا كان بالحقِّ-كالقِصاصِ- فإنَّه ليسَ حَرامًا ولا ذَنْبًا، وخصَّ
( الإسلامَ ) بالذِّكْرِ دونَ غَيرِه؛ لأنَّ الإسلامَ يَحفَظُ دِماءَ بعضِهم على بعضٍ، ويَجعَلُ في سَفْكِها حُقوقًا؛ كالقِصاص، والدِّيَاتِ.
«
والفِرارُ يَومَ الزَّحفِ»: وهو الهُروبُ مِن ساحةِ القتالِ أمامَ أعداءِ
اللهِ ورَسولِه، مِن الكُفَّارِ أو البُغاةِ، إلَّا مَن فَرَّ ليَكُرَّ، أو ليَخدَعَ العدُوَّ، كما قال تَعالَى:
{ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ } [
الأنفال: 16 ].
وهنا يُبيِّنُ النَّبيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنواعًا مِن الكَبائرِ، لا أنَّها تلكَ الثَّلاثةُ فقَطْ؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ذكَرَ في أحاديثَ أُخْرى صَحيحةٍ أكثَرَ مِن ثَلاثةٍ؛ فلعلَّه صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُعلِّمُ النَّاسَ شَيئًا فشَيئًا، ثُمَّ أعلَمَ بعْدَ ذلكَ بما زاد، فيَجِبُ الأخْذُ بالزَّائدِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم