كُنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أتَيْنَا علَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وسَيْفُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ، فَاخْتَرَطَهُ، فَقالَ: تَخَافُنِي؟ قالَ: لَا، قالَ: فمَن يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قالَ: اللَّهُ.
فَتَهَدَّدَهُ أصْحَابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وصَلَّى بالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وكانَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرْبَعٌ، ولِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.
وقالَ مُسَدَّدٌ، عن أبِي عَوَانَةَ، عن أبِي بشْرٍ: اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بنُ الحَارِثِ، وقَاتَلَ فِيهَا مُحَارِبَ خَصَفَةَ.
وقالَ أبو الزُّبَيْرِ، عن جَابِرٍ: كُنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بنَخْلٍ، فَصَلَّى الخَوْفَ.
وقالَ أبو هُرَيْرَةَ: صَلَّيْتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَزْوَةَ نَجْدٍ صَلَاةَ الخَوْفِ.
وإنَّما جَاءَ أبو هُرَيْرَةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيَّامَ خَيْبَرَ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4136 | خلاصة حكم المحدث : [ معلق ] [ وقوله: وقال أبو الزبير...
وقال أبو هريرة...
معلقان، وقوله: وإنما جاء ...
وصله البخاري في موضع آخر ]
التخريج : أخرجه البخاري ( 4136 )، ومسلم ( 843 )
تَكفَّلَ
اللهُ سُبحانَه وتعالَى بحِفظِ نَبيِّه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِن القَتلِ، كما تَكفَّلَ بحِفظِ أوْليائِه مِن المؤمِنينَ، ومعَ هذا فقدْ أُمِرْنا بأخْذِ أسْبابِ النَّصرِ، والحَيْطةِ والحَذَرِ مِن العَدوِّ في وَقتِ المَعرَكةِ بكلِّ الوَسائلِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي جابِرُ بنُ عبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما أنَّهم كانوا معَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةِ ذاتِ الرِّقاعِ، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ دَوابَّهمُ الَّتي يَرتَحِلونَ عليها كانت قَليلةً، وقدْ تَقرَّحَتْ ووَرِمَتْ أقْدامُهم منَ الحَفاءِ، فلَفُّوا عليها الخِرَقَ، وهي الرِّقاعُ، وكانت هذه الغَزْوةُ في السَّنةِ الرَّابِعةِ مِن الهِجْرةِ، وقد خرَجَ فيها رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ إلى نَجْدٍ، يُريدُ بَني مُحاربِ بنِ خَصَفةَ، وبَني ثَعْلَبةَ بنِ سَعدِ بنِ غَطَفانَ.
وأخبَرَ جابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّهم كانوا إذا نَزَلوا ليَستَريحوا ووَجَدوا شَجَرةً لها ظِلٌّ، تَرَكوها للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيَنزِلَ تحْتَها ويَستظِلَّ بها، فنزَلَ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ تحْتَ شَجَرةٍ، فجاء رَجلٌ مِنَ المُشرِكينَ اسمُه غَوْرَثُ بنُ الحارِثِ، وكان سَيْفُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلَّقًا بالشَّجَرةِ وهو نائمٌ، فاخْتَرَطَه،
أي: سَلَّه هذا الرَّجلُ وأخَذَه، وقال للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: تَخافُني؟ فأجابَه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: لا، قال: فمَن يَمنَعُكَ منِّي؟ فأجابَه:
اللهُ يَمنَعُني منكَ.
فتَهدَّدَه أصْحابُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وخَوَّفوه، وظاهِرُ ذلك يُشعِرُ بأنَّهم حَضَروا القِصَّةَ، وأنَّه إنَّما رجَعَ عمَّا كان عزَمَ عليه بتَهْديدِهم، وليس كذلك؛ بل وقَعَ في رِوايةٍ أُخْرى في الصَّحيحَينِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ لهم: «
إنَّ هذا اخْتَرَطَ سَيْفي، فقال: مَن يَمْنَعُك؟ قلْتُ: اللهُ، فشَامَ السَّيفَ، فهَا هُوَ ذا جَالِسٌ، ثُمَّ لمْ يُعاقِبْه»، و«
شَامَ السَّيفَ»: أغْمَدَه في جِرابِه مِن تِلْقاءِ نفْسِه.
وبعْدَ ذلك أُقيمَتِ الصَّلاةُ، فصلَّى النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بهم صَلاةَ الخَوفِ، وكانت صِفةُ صَلاتِه لها في هذه الغَزْوةِ: أنْ قامَ بطائفةٍ مِن الجَيشِ رَكعَتَيْنِ، ثمَّ سلَّمَ وسَلَّموا، ثمَّ تأخَّروا إلى جِهةِ العَدُوِّ، وصلَّى النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَنفِّلًا بالطَّائفةِ الأُخْرى الَّتي كانت في جِهةِ العَدوِّ رَكعَتَيْنِ، ثُمَّ سلَّمَ وسَلَّموا، وكانت للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أربَعٌ: ركعتانِ فَرضًا، ورَكعتانِ نَفْلًا، وللقَومِ رَكعَتَيْنِ فَرضًا.
وقال أبو الزُّبَيرِ -أحَدُ الرُّواةِ- عن جابِرٍ: كُنَّا معَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بنَخْلٍ، فصلَّى صَلاةَ الخَوفِ، ويَحْكي أبو هُرَيْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه فيَقولُ: صلَّيْتُ معَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوةِ نَجدٍ صَلاةَ الخَوفِ، وإنَّما جاء أبو هُرَيْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه إلى النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أيَّامَ خَيبَرَ، فدَلَّ على أنَّ غَزْوةَ ذاتِ الرِّقاعِ بعْدَ خَيبَرَ، وتُعُقِّبَ بأنَّه لا يَلزَمُ مِن كَونِ الغَزْوةِ من جِهةِ نَجدٍ ألَّا تَتعدَّدَ؛ فإنَّ نَجدًا وقَعَ القَصدُ إلى جِهَتِها في عِدَّةِ غَزَواتٍ، فيُحتَمَلُ أنْ يَكونَ أبو هُرَيْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه حضَرَ الَّتي بعْدَ خَيبَرَ لا الَّتي قَبْلَها.
وفي الحَديثِ: تَوْقيرُ الصَّحابةِ للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وأدَبُهم معَه.
وفيه: مُعجِزةٌ ظاهِرةٌ للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: الحِرصُ على أداءِ الصَّلَواتِ حتَّى في أوْقاتِ الحَربِ، وبَيانُ أهمِّيَّةِ صَلاةِ الجَماعةِ؛ إذ شُرِعَتْ في حالةِ الخَوفِ؛ فالأَوْلى بالآمِنِ المُطمَئنِّ الحِرصُ عليها.
وفيه: يُسرُ الشَّريعةِ على المُكلَّفينَ في أداءِ الصَّلاةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم