استَعْمَلَ عمرُ بنُ الخطابِ أبا عبيدةَ بنَ الجراحِ على الشامِ ، وعزلَ خالدَ بنَ الوليدِ ، قال : فقال خالدُ بنُ الوليدِ بُعِثَ عليكم أمينُ هذهِ الأمةِ ، سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : أمينُ هذهِ الأمةِ أبو عبيدةَ بنُ الجراحِ ، فقال أبو عبيدةَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : خالدٌ سيفٌ من سيوفِ اللهِ عزَّ وجلَّ نِعْمَ فتى العشيرةِ
الراوي : أبو عبيدة عامر بن الجراح وخالد بن الوليد | المحدث : الألباني
| المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 4/441 | خلاصة حكم المحدث : رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، إلا أن عبد الملك لم يدرك عمر لكن للحديث شواهد يتقوى بها
للصَّحابةِ رَضِي
اللهُ عنهم فَضلٌ عَظيمٌ ومَكانةٌ كَبيرةٌ، وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُنزِلُ كلَّ امرئٍ مَنزلتَه، وكان يُثْني على بعضِ أصْحابِه، ويُظهِرُ فَضائلَهم إكْرامًا لهم، ولِيَعلَمَ النَّاسُ لهم ذلك، وليَقتَدوا بهمْ في حُسنِ أعْمالِهم وسِيَرِهم، وقدْ حفِظَ الصَّحابةُ رَضِي
اللهُ عنهم لبَعضِهم هذا الفَضلَ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ عبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيرٍ أنَّ الخَليفةَ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ
اللهُ عنه استَعمَلَ أبا عُبَيدةَ بنَ الجرَّاحِ رَضيَ
اللهُ عنه، وجعَلَه أميرًا على بِلادِ الشَّامِ، وعزَل عنها خالدَ بنَ الوَليدِ رَضيَ
اللهُ عنه الَّذي كان أميرًا عليها في عَهدِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ
اللهُ عنه، فتَنازَلَ له خالدٌ رَضيَ
اللهُ عنه استِجابةً لأمرِ عُمَرَ رَضيَ
اللهُ عنه، ثمَّ قال للنَّاسِ مُعرِّفًا لهم فَضْلَ أبي عُبَيدةَ رَضيَ
اللهُ عنه: «
بُعِثَ عليكم أمينُ هذه الأُمَّةِ؛ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: أمينُ هذه الأُمَّةِ أبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ»؛
أي: أبلَغُ الأُمَّةِ في أداءِ الأَمانةِ، وإنَّما خصَّه النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بالأمانةِ، وإنْ كانتْ مُشتَرَكةً بيْنَه وبيْنَ غَيرِه مِن الصَّحابةِ؛ لِغلَبَتِها فيه بالنِّسبةِ إليهم، وقيلَ: لكَونِها غالبةً بالنِّسبةِ إلى سائرِ صِفاتِه، وقدْ فتَح
اللهُ تعالَى على يَديْهِ فُتوحًا كَثيرةً في خِلافةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ.
فقال أبو عُبَيدةَ رَضيَ
اللهُ عنه مُعرِّفًا للنَّاسِ فَضْلَ خالدٍ رَضيَ
اللهُ عنه: «
سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: خالدٌ سَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ عزَّ وجلَّ»، والمَعنى: أنَّ
اللهَ سَلَّهُ على المُشرِكينَ، وسلَّطَهُ على الكافِرينَ؛ ليُجبِرَهم على الحقِّ، وقيلَ: أي هو في نفْسِهِ كالسَّيفِ في إسْراعِهِ لتَنْفيذِ أوامِرِ
اللهِ تعالى، لا يَخافُ فيه لَومةَ لائمٍ،«
نِعمَ فَتى العَشيرةِ»، وهذا مَدْحٌ لخالدٍ رَضِي
اللهُ عنه، وأنَّه مِن أفضَلِ فِتْيانِ قَبيلتِه، وفَتى العَشيرةِ وابنُ العَشيرةِ المُرادُ بهما أحَدُ أفْرادِ القَبيلةِ، وهي مِن الكَلِماتِ الشَّائعةِ عندَ العربِ.
وهذا الحَديثُ صَريحٌ في تَعدُّدِ جِهاتِ الخَيرِ في الصَّحابةِ رَضيَ
اللهُ عنهم، معَ تَفضيلِ أعْيانٍ منهم، كلُّ واحدٍ بأمرٍ مَخصوصٍ ومِيزةٍ تُميِّزُه، وقدْ ثبَت لكَثيرٍ مِن الصَّحابةِ رَضِي
اللهُ عنهم غَيرِ هؤلاء فَضائلُ على العُمومِ والانفِرادِ، ولا يَلزَمُ مِن إثْباتِ فَضيلةٍ لأحدِ الصَّحابةِ في شَيءٍ أنْ يكونَ أفضَلَ مِن الآخَرينَ مِن كلِّ وَجهٍ، إلَّا الخُلفاءَ الأربَعةَ؛ فهُم مُفضَّلونَ على تَرتيبِ الخِلافةِ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ ظاهِرةٌ لأبي عُبَيدةَ رَضيَ
اللهُ عنه.
وفيه: فَضيلةٌ ومَنقَبةٌ لخالدِ بنِ الوَليدِ رَضيَ
اللهُ عنه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم