شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
لَيلةُ القَدْرِ في العَشْرِ البَواقي، مَن قامهنَّ ابتِغاءَ حِسبتِهنَّ، فإنَّ اللهَ يَغفِرُ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه وما تَأخَّرَ، وهي لَيلةٌ وِترٌ: تِسعٌ، أو سَبعٌ، أو خامسةٌ، أو ثالثةٌ، أو آخِرُ لَيلةٍ، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أمارةَ لَيلةِ القَدْرِ أنَّها صافيةٌ بَلْجةٌ، كأنَّ فيها قَمرًا ساطعًا، ساكنةٌ ساجيةٌ لا بَرْدَ فيها ولا حَرَّ، ولا يَحِلُّ لكَوكبٍ أنْ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإنَّ أمارتَها أنَّ الشَّمسَ صَبيحتَها تَخرُجُ مُستَويةً ليس لها شُعاعٌ، مِثلَ القَمرِ لَيلةَ البَدرِ، لا يَحِلُّ للشَّيطانِ أنْ يَخرُجَ معها يومئذ.
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 22765 | خلاصة حكم المحدث : الشطر الأول من الحديث حسن، وأما الشطر الثاني فمحتمل للتحسين لشواهده.
التخريج : أخرجه أحمد ( 22765 ) واللفظ له، والطبراني في ( (مسند الشاميين )) ( 1119 )، والضياء في ( (الأحاديث المختارة )) ( 342 )
أمَرَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بالْتِماسِ لَيلةِ القَدْرِ، وهو الاجتِهادُ في تَحرِّي وَقتِها؛ وذلك لِفَضلِها وعِظَمِ أجْرِ مَن يَقومُ لَيلَها، وكَثرةِ ثَوابِه، وقد وَرَدَ عنِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في تَحديدِ وَقتِها رِواياتٌ وأحاديثُ؛ منها ما جاءَ في هذا الحَديثِ، حيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "لَيلةُ القَدْرِ في العَشرِ البَواقي" وهي العَشرُ الأواخِرُ مِن رَمَضانَ، وتَبدأُ بلَيلةِ الحادي والعِشرينَ مِنَ الشَّهرِ، "مَن قامَهُنَّ ابتِغاءَ حِسبَتِهِنَّ" مَن قامَ تلك اللَّياليَ بالصَّلاةِ وحُسنِ التَّعبُّدِ؛ إيمانًا بما جاء عنِ
اللهِ تَعالى واحتِسابًا لِلثَّوابِ والأجْرِ، "فإنَّ
اللهَ يَغفِرُ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه وما تأخَّرَ" فيَكونُ جَزاؤُه أنْ يُغفَرَ له ما سَبَقَ مِن ذَنبِه وما سيأتي في قادِمِ عُمُرِه، وذلك مِن تَرغيبِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه في الخَيرِ والأعمالِ الصَّالِحةِ في هذه اللَّيلةِ، والتي تَكونُ سَبَبًا في تَكفيرِ الذُّنوبِ، وفي زيادةِ ثَوابِهم وأُجورِهم.
ثم قال -مُحدِّدًا لَيلةَ القَدْرِ في تلك العَشرِ: "وهي لَيلةُ وِتْرٍ: تِسعٍ، أو سَبعٍ، أو خامِسةٍ، أو ثالِثةٍ، أو آخِرِ لَيلةٍ" والمَعنى: اطلُبوها وتحَرَّوْها في ليالي الوِترِ مِنَ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ، كلَيلةِ الحادي والعِشرينَ، ولَيلةِ الثالِثِ والعِشرينَ، ولَيلةِ الخامِسِ والعِشرينَ، وهكذا، وذلك باعتِبارِ تَمامِ الشَّهرِ، ونَقصِ التِّسعِ مِنَ الشَّهرِ؛ فالشَّهرُ ثَلاثونَ يَومًا، نَنقُصُ منه تِسعًا فتَكونُ لَيلةَ الثاني والعِشرينَ، وقيل: لَيلةَ الحادي والعِشرينَ، وذلك باعتِبارِ نُقصانِ الشَّهرِ، ونَقصِ التِّسعِ مِنَ الشَّهرِ؛ فالشَّهرُ تِسعةٌ وعِشرونَ يَومًا، نَنقُصُ منه تِسعةً فتَكونُ لَيلةَ الحادي والعِشرينَ، وقيلَ: في ظاهِرِ تأويلِه التاسِعةَ: لَيلةَ اثنَتَيْنِ وعِشرينَ، والسابِعةَ: لَيلةَ أربَعٍ وعِشرينَ، وهكذا، وهذا على تَمامِ الشَّهرِ، وتأوَّلَ البَعضُ أنَّ التاسِعةَ لَيلةُ إحْدى وعِشرينَ، والسابِعةَ لَيلةَ ثَلاثٍ وعِشرينَ، وهكذا، وقد قيلَ: إنَّها تَختَلِفُ باختِلافِ الأعوامِ.
وقال رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ أمارةَ لَيلةِ القَدرِ أنَّها صافيةٌ بَلْجةٌ"،
أي: مُشرِقةٌ، ومنه تَبَلَّجَ،
أي: ظَهَرَ نُورُه، بلا سَحابٍ ولا غُبارٍ، بل هي واضِحةٌ وغَيرُ مُغبَرَّةٍ، "كأنَّ فيها قَمَرًا ساطِعًا"؛ حيث يَكونُ ضَوءُها هادئًا مِثلَ ضَوءِ القَمَرِ الساطِعِ في نُورِه، "ساكِنةٌ ساجيةٌ"،
أي: هادِئةٌ أصواتُها، فهو تأكيدٌ لِلأوَّلِ، "لا بَردَ فيها، ولا حَرَّ" فهي مُعتَدِلةُ الحَرارةِ "ولا يَحِلُّ لِكَوكَبٍ أنْ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ"؛ لِعَدَمِ الحاجةِ إلى ذلك؛ لِأنَّه إنَّما تُرمى الشياطينُ بالشُّهُبِ والكَواكِبِ عِندَ إرادةِ استِراقِ السَّمعِ، وهم في هذه اللَّيلةِ لا يَجرُؤونَ على ذلك؛ لِكَثرةِ المَلائِكةِ في جَميعِ بِقاعِ الأرضِ والسَّماءِ "وإنَّ أمارَتَها أنَّ الشَّمسَ صَبيحَتَها تَخرُجُ مُستَويةً، ليس لها شُعاعٌ، مِثلَ القَمرِ لَيلةَ البَدرِ" فتَطلُعُ الشَّمسُ مُستَديرةً لا يَشوبُ دائِرَتَها شُعاعٌ كالمُعتادِ، بل تَكونُ كالقَمَرِ لَيلةَ البَدرِ، فيَنتَشِرُ ضَوْءُها بلا شُعاعٍ، كما يُضيءُ القَمَرُ بلا شُعاعٍ "لا يَحِلُّ لِلشَّيطانِ أنْ يَخرُجَ معها يَومَئِذٍ" ففي هذا اليَومِ لا يَخرُجُ معها الشَّيطانُ كعادَتِه؛ فقد جاءَ في الصَّحيحَيْنِ: "فإذا طَلَعتِ الشَّمسُ فأمسِكْ عنِ الصَّلاةِ؛ فإنَّها تَطلُعُ بَينَ قَرنَيْ شَيطانٍ" ولكِنَّه في هذا اليَومِ لا يَستَطيعُ فِعلَ ذلك؛ لِكَثرةِ المَلائِكةِ في الأرجاءِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم