عن هزَّالٍ أنَّه أمر ماعزًا الأسلميَّ أن يأتيَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيُخبِرَه بحدثِه ، فأتاه ماعزٌ فأخبره بحدثِه فأعرض عنه مِرارًا وهو يُردِّدُ ذلك على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فبعث إلى قومِه فقال : أبه جِنَّةٌ ؟ فقالوا : لا ، فسأل عنه : أثيِّبٌ أم بِكرٌ ؟ قالوا : ثيِّبٌ ، فأمر به فرُجِم ، ثمَّ قال : يا هزَّالُ لو سترتَه بردائِك كان خيرًا لك
الراوي : هزال بن يزيد الأسلمي | المحدث : ابن عبدالبر
| المصدر : التمهيد
الصفحة أو الرقم: 23/125 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الزِّنا مِن أَعظَمِ الجَرائمِ الأخلاقيَّةِ التي يَرتكِبُها الإنْسانُ، وهو مِن كَبائرِ الذُّنوبِ في الإسْلامِ؛ لأنَّ فيها انتِهاكًا للأَعْراضِ، وحَدُّ الزِّنا وعُقوبتُه أَليمةٌ، وقد تَذْهبُ بالنَّفْسِ؛ إذا كان الزَّاني مُتزَوِّجًا، أو ممَّن سَبَقَ لهم الزَّواجُ، ويُقالُ له: مُحصَنٌ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ هَزَّالُ بنُ يَزيدَ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّه أَمَرَ ماعِزًا الأَسْلَميَّ رَضيَ
اللهُ عنه أنْ يأْتيَ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ فيُخبِرَه بحادِثتِه، وهي وُقوعُه في الزِّنا وهو مُحصَنٌ، ليَرى ويَحْكُمَ في أَمرِه وعُقوبتِه، فأَتى ماعِزٌ رَضيَ
اللهُ عنه رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وأَخبَرَه بحادِثتِه، والنَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُعرِضُ عنه، حتى تَكرَّرَ الإخْبارُ مِن ماعِزٍ والإعْراضُ مِن رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد فُسِّرَ إعْراضُه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه زِيادةٌ في التَّبيُّنِ والاستِثْباتِ، وقيلَ: إنَّها شَرطٌ في صِحَّةِ الإقْرارِ بالزِّنا حتى لا يَجِبَ الحُكمُ إلَّا بها، فسَأَلَ النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قومَ ماعزٍ عن كَونِه مجنونًا، فنَفَوا عنه الجُنونَ، وهذا أيضًا مِن بابِ دَرْءِ الحُدودِ بالشُّبُهاتِ، فلمَّا أنْ ثَبَتَ على ماعِزٍ حَدُّ الزِّنا سأَلَه النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عن كَونِه بِكْرًا -وهو: الذي لم يَسْبِقْ له الزَّواجُ-، أو ثَيِّبًا -وهو: الذي سَبَقَ له الزَّواجُ-، والفَرْقُ بيْنَهما أنَّ البِكْرَ يُحَدُّ مِئةَ جَلْدةٍ، أمَّا الثَّيِّبُ فعلَيه الرَّجْمُ، وهو: الرَّمْيُ والقَذْفُ بالحِجارةِ حتى المَوتِ؛ فأَخبَرَه ماعِزٌ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّه ثَيِّبٌ، فأَمَرَ النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ برَجْمِه، ثُمَّ قالَ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لهَزَّالٍ: "يا هَزَّالُ، لو سَتَرْتَه برِدائِك كان خَيرًا لك"، وهَزَّالٌ هو الذي قد أَمَرَه أنْ يأْتيَ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ فيَعْترِفَ عندَه بما وَقَعَ منه، فقالَ له رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ هذا القَولَ مُبَيِّنًا له أنَّ سَترَه علَيه كان أَفْضَلَ وأَولى به، وإذا كان سَترُ المُسلِمِ على المُسلِمِ مَنْدوبًا إليه مَرْغوبًا فيه فسَتْرُ المَرْءِ على نَفْسِه أَولى به، وعلَيه التَّوبةُ ممَّا وَقَعَ فيه.
وفي الحديثِ: أنْ يَستُرَ الرَّجُلُ على أَخيه مَعصيتَه، وأنْ يأْمُرَه بالتَّوبةِ فيما بيْنَه وبيْنَ
اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: أنَّ سَتْرَ المُسلِمِ على نَفْسِه ما وقَعَ فيه مِن الكَبائرِ المُوجِبةِ للحُدودِ، والتَّوبةَ منها، والنَّدَمَ علَيها، والإقْلاعَ عنها؛ أَولى به مِن الإقْرارِ بذلك على نفْسِه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم