شرح حديث خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ، فَقالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ.
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 803 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَه فضْلَ القرآنِ الكريمِ، ويُبيِّنُ أجْرَ تَعلُّمِه وتَعليمِه وقِراءتهِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عُقبةُ بنُ عامرٍ رَضِي
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم جاءهم وهمْ جالِسون في الصُّفَّةِ، وهي مَوضِعٌ مُظلَّلٌ مِنَ المسجدِ النَّبويِّ الشَّريفِ، كان فُقراءُ المهاجرين يَأْوُونَ إليه، فسَألهم: «
أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ» وهو الذَّهابُ أوَّلَ النَّهارِ، «
كلَّ يومٍ إلى بُطْحَانَ»، وهو مَوضعٌ بِقُرْبِ المدينةِ يَسيرُ مِن جَنوبِها وحتى غَربِها، «
أو إلى الْعَقِيقِ»، وهُوَ وادٍ بالمدينةِ تَتجمَّعُ مِياهُه مِن منْطقةِ العقيقِ الَّتي تَبعُدُ عن المدينةِ أكثَرَ مِن مائةِ كيلومترٍ جَنوبًا، ويَسيرُ إلى مَشارفِ المدينةِ، وخَصَّ بُطْحَانَ والعَقِيقَ بالذِّكرِ؛ لأنَّهما أقرَبُ المواضعِ الَّتي تُقامُ فيها أسْواقُ الإبلِ إلى المدينةِ، «
فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِناقتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ»، والكَوْمَاءُ: النَّاقَةُ العظيمةُ السَّنَامِ، وضَربَ المثلَ بها لأنَّها مِن خِيارِ مالِ العربِ، وأنْ يَحصُلَ على النَّاقتَيْنِ بغيرِ إِثْمٍ كَسرقةٍ، أو أنْ يَقطعَ رَحِمًا بهما؟ فأجابَ الصَّحابةُ رِضوانُ
اللهِ عليهم أنَّهم يَودُّون ذلك ويُحِبُّونه، فقال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم لمَن أراد ذلك الخيْرَ: «
أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ» فيُبكِّرُ ويَذهَبُ إليه، «
فيَعْلَمُ أوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ»،
أي: فيكونُ الخيرُ الَّذي يَأتي مِن تَعَلُّمِ الآيتَيْنِ أو قِراءتِهما أفضَلَ عندَ
اللهِ مِن الحُصولِ على ناقتَيْنِ ومِن خيْرِهما الَّذي كان سَيَعودُ عليه منْهما، وكذلك ثَلاثُ آياتٍ أفضَلُ مِن ثَلاثِ ناقاتٍ، وأيضًا أربعُ آياتٍ أفضلُ مِن أربعِ ناقاتٍ، وقولُه: «
ومِن أعْدَادِهِنَّ مِن الإِبِلِ»،
أي: كلَّما زادَ مِن عدَدِ الآياتِ في عِلمِها أو قِراءتِها، كان له بعَددِ تلك الآياتِ أفضَلُ مِن مِثلِها مِنَ الإبلِ، وفي هذا أنَّ تَعلُّمَ القرآنِ أفضلُ مِن طلَبِ المالِ، وهذا على العُمومِ، وهو أَوْلَى لِمَن كان عِندَه وقْتُ فراغٍ.
وفي الحديثِ: فَضلُ طَلبِ العِلمِ، وفضلُ تَعلُّمِ
القُرآنِ.
وفيه: تَعاهُدُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم لأصحابِه بالمَوعظةِ والإرشادِ، وفي هذا تَعليمٌ لوُلاةِ الأُمورِ؛ لِيَتأسَّوا بالنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم في تَعامُلِهم مع رَعيَّتِهم.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم