سُئِلَتْ عائِشةُ عن صَلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالليلِ، فقالَتْ: كان يُصلِّي العِشاءَ، ثم يُصلِّي بعدها رَكعَتَينِ، ثم يَنامُ، فإذا استَيقَظَ وعِندَه وُضوءُه مُغَطًّى، وسِواكُه اسْتاكَ، ثم تَوَضَّأَ، فقامَ فصلَّى ثَمانيَ رَكَعاتٍ، يَقرَأُ فيهنَّ بفاتِحةِ الكِتابِ، وما شاءَ مِن القُرآنِ، وقال مرَّةً: ما شاءَ اللهُ مِن القُرآنِ، فلا يَقعُدُ في شَيءٍ منهنَّ إلَّا في الثامِنةِ؛ فإنَّه يَقعُدُ فيها، فيتَشَهَّدُ ثم يقومُ ولا يُسَلِّمُ، فيُصَلِّي رَكعةً واحِدةً، ثم يَجلِسُ فيتَشَهَّدُ ويَدْعو، ثم يُسَلِّمُ تَسليمةً واحِدةً، السلامُ عليكم، يَرفَعُ بها صَوتَه؛ حتى يوقِظَنا، ثم يُكَبِّرُ وهو جالِسٌ، فيَقرَأُ ثم يَركَعُ، ويَسجُدُ وهو جالِسٌ، فيُصَلِّي جالِسًا رَكعَتَينِ، فهذه إحْدى عَشْرةَ رَكعةً، فلمَّا كَثُرَ لَحمُه وثقُلَ جعَلَ التِّسعَ سَبعًا، لا يَقعُدُ إلَّا كما يَقعُدُ في الأُولى، ويُصلِّي الرَّكعَتَينِ قاعِدًا، فكانَتْ هذه صَلاةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى قبَضَه اللهُ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 25987 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه أبو داود ( 1347 )، وأحمد ( 25987 ) واللفظ له
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيْه وسلَّم قُدْوةً لأُمَّتِه في كلِّ شيءٍ، ومِن ذلك الاجْتِهادُ في العِبادةِ، وقد كان صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ على قِيامِ اللَّيلِ والوُقوفِ بينَ يَدَيِ
اللهِ سُبحانَه في كلِّ أحْوالِه، ورَغمَ كلِّ مَشاغِلِه،
وفي هذا الحديثِ يقولُ التابِعيُّ زُرارةُ بنُ أوْفى: "سُئلَتْ عائشةُ عن صلاةِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بالليلِ"، والمُرادُ قيامُ الليلِ والوِترُ، فقالت عائشةُ رضِيَ
اللهُ عنها: "كان يُصلِّي العِشاءَ، ثم يُصلِّي بعدَها رَكعَتَينِ"، والمُرادُ بهما السُّنةُ البَعديَّةُ للفَريضةِ، "ثم يَنامُ" جُزءًا منَ الليلِ، "فإذا استَيقَظَ وعندَه وَضوءُه مُغَطًّى، وسِواكُه استاكَ"، فكان من عادتِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يكونَ في حُجْرتِه الماءُ والسِّواكُ الخاصُّ به، فيُطيِّبُ فمَه بالسِّواكِ أولًا، "ثم توضَّأَ، فقام فصلَّى ثَمانيَ رَكَعاتٍ، يَقرَأُ فيهنَّ بفاتحةِ الكِتابِ، وما شاء من
القُرآنِ -وقال مرةً: "ما شاء
اللهُ منَ
القُرآنِ"- فيَقرَأُ في كلِّ رَكعةٍ الفاتحةَ وما تَيسَّرَ منَ
القُرآنِ، "فلا يَقعُدُ في شيءٍ منهُنَّ إلَّا في الثامنةِ؛ فإنَّه يقعُدُ فيها"، فيُصلِّيها مُتواصِلةً مُتصِلةً دونَ فَصلٍ بينَها، ثم يَجلِسُ بعدَ الركعةِ الثامنةِ، "فيَتشهَّدُ" التشهُّدَ الأوسَطَ، "ثم يقومُ ولا يُسلِّمُ، فيُصلِّي رَكعةً واحدةً" يوتِرُ بها الثمانيَ رَكَعاتٍ الفائتةَ، "ثم يَجلِسُ فيَتشهَّدُ ويَدْعو" بعدَ الانتهاءِ منَ التشهُّدِ، "ثم يُسلِّمُ تَسليمةً واحدةً، السلامُ عليكم، يَرفَعُ بها صَوتَه؛ حتى يوقِظَنا"،
أي: ليوقِظَ النائمينَ برَفعِ صَوتِه، وقدِ اقتصَرَ على تَسليمةٍ واحدةٍ، وهي مُجْزئةٌ، وتصِحُّ الصلاةُ بها، وأكثَرُ الرِّواياتِ أنَّ الانصِرافَ منَ الصلاةِ بتَسْليمَتَينِ، "ثم يُكبِّرُ وهو جالسٌ" في مكانِه، "فيَقرَأُ" الفاتحةَ وما تَيسَّرَ منَ
القُرآنِ، "ثم يَركَعُ، ويَسجُدُ وهو جالسٌ، فيُصلِّي جالسًا رَكعَتَينِ، فهذه إحْدى عَشْرةَ رَكعةً، فلمَّا كثُرَ لَحمُه وثقُلَ" كِنايةً عن كِبَرِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وضَعفِه، "جعَلَ التِّسْعَ سَبعًا" خفَّفَ رَكعتَينِ وصلَّى ستَّ رَكَعاتٍ مُتواصِلاتٍ، ثم جلَسَ للتشهُّدِ الأوسَطِ، ثم قام فصلَّى رَكعةً، ثم سلَّمَ "لا يَقعُدُ إلَّا كما يَقعُدُ في الأُولى، ويُصلِّي الركعَتَينِ قاعدًا"؛ فيكونُ عددُ الركَعاتِ كلِّها تِسعَ رَكَعاتٍ لصلاةِ الليلِ، "فكانتْ هذه صلاةَ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى قبَضَه
اللهُ"، وهذه آخِرُ صُورةٍ من صُوَرِ صلاةِ اللَّيلِ التي صَلَّاها النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
وهذا يدُلُّ على اجتِهادِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في التعبُّدِ والتقَرُّبِ إلى
اللهِ، معَ أنَّه قد غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذَنبِه وما تأخَّرَ، فيَنبَغي على المُسلِمِ أنْ يَتعلَّمَ من نَبيِّه ويَقْتَديَ به.
وقد جاء في أكثَرِ الرِّواياتِ أنَّ النبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي قِيامَ الليلِ رَكعَتَينِ رَكعَتَينِ، يَفصِلُ بينَهنَّ بالتشهُّدِ والتسليمِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم