كنَّا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكسَفَتِ الشَّمسُ فقام صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عجلانًا إلى المسجدِ فجرَّ إزارَه أو ثوبَه وثاب إليه ناسٌ فصلَّى بهم ركعتينِ نحوَ ما تُصلُّون ثمَّ جُلِّي عنها فأقبَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وثاب إليه النَّاسُ فقال: ( إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ مِن آياتِ اللهِ يُخوِّفُ بهما عبادَه وإنَّهما لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ مِن النَّاسِ - وكان ابنُه توفِّي - فإذا رأَيْتُم منها فصلُّوا حتَّى يُكشَفَ ما بكم )
الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم: 2835 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرطهما
كُسوفُ الشَّمسِ آيَةٌ مِن آياتِ
اللهِ سُبحانَه، وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي صَلاةً مَخْصوصةً عندَ ذلك، وهي صَلاةُ الكُسوفِ، ويَأمُرُ بالرُّجوعِ إلى
اللهِ عزَّ وجلَّ، والإنابةِ إليه والتَّوبةِ، وفِعلِ الأعْمالِ الصَّالحةِ؛ حتَّى تَنجَليَ هذه الظَّاهِرةُ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي الصَّحابيُّ أبو بَكْرةَ نُفيعُ بنُ الحارِثِ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّهم كانوا عندَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في جَماعةٍ مِن أصْحابِه، «
فكسَفَتِ الشَّمسُ»؛
أي: اخْتَفى ضَوؤُها في النَّهارِ بغَيرِ غُروبٍ، ففزِعَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فقام على عجَلٍ، فهَبَّ إلى المَسجِدِ وهو يجُرُّ إزارَه، أو ثَوبَه، وكأنَّه من شدَّةِ الخَوفِ لم يجِدِ الوَقتَ لرَفعِ ثِيابِه وضَبْطِها على جسَدِه، واجتَمَع إليه ناسٌ في المَسجِدِ ليَرَوْا ماذا يَفعَلُ في هذه الحادِثةِ، فصلَّى بهم رَكعَتَينِ، وهي صَلاةُ الكُسوفِ، وكانت كما يُصَلُّونَ في صَلاةِ الكُسوفِ؛ لأنَّ أبا بَكْرةَ خاطَبَ أهلَ البَصرةِ بهذا الكَلامِ، وقدْ كان ابنُ عبَّاسٍ رَضِي
اللهُ عنهما عَلَّمَهم أنَّها رَكعَتانِ، في كلِّ رَكعةٍ رُكوعانِ وقِراءَتانِ، ويُطيلُ في القِراءةِ والرُّكوعِ، ويكونُ الرُّكوعُ بقَدْرِ طُولِ القِراءةِ، وقيلَ: يَعْني أنَّها مِثلُ صَلاةِ النَّافِلةِ؛ رَكْعتَانِ في كلِّ رَكعةٍ رُكوعٌ واحِدٌ مِثلُ الصَّلاةِ الَّتي يُصلِّيها النَّاسُ في أصْلِ الأرْكانِ وهَيْئتِها، وظلَّ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي حتَّى ظهَرَتِ الشَّمسُ مرَّةً أُخْرى، وانكشَفَتْ، وزالَ خُسوفُها، ثمَّ أقبَلَ رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وتوَجَّهَ إلى النَّاسِ الَّذين تَوجَّهوا إليه، واجتَمَعوا حولَه، فقال: «
إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ، يُخوِّفُ بهما عِبادَه، وإنَّهما لا يَنكسِفانِ لمَوتِ أحدٍ مِن النَّاسِ»، وفي هذا ردٌّ لمَا كان قدْ تَوهَّمَه بَعضُ النَّاسِ مِن أنَّ كُسوفَ الشَّمسِ كان لأجْلِ مَوتِ إبْراهيمَ ابنِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان قدْ مات وكسَفَتِ الشَّمسُ؛ فتَوهَّمَ بعضُ المُسلِمينَ أنَّ الكُسوفَ كان لأجْلِ هذا، فبَيَّنَ لهمُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الكُسوفَ لا يكونُ سَببُه موْتَ أحدٍ مِن أهلِ الأرضِ،ثمَّ أرْشَدَهم ووعَظَهم أنَّهم إذا رأَوْا خُسوفَ الشَّمسِ أنْ يُصلُّوا حتَّى يُكشَفَ كُسوفُها.
وفي الحَديثِ: المُبادَرةُ بالصَّلاةِ، والذِّكرِ، والتَّكبيرِ، والصَّدَقةِ عندَ وُقوعِ الكُسوفِ والخُسوفِ.
وفيه: الرَّدُّ على مَن زعَم أنَّ للكَواكبِ تأْثيرًا في حَوادثِ الأرضِ.
وفيه: اهْتِمامُ الصَّحابةِ رَضيَ
اللهُ تعالى عنهم بنَقْلِ أفْعالِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليُقْتَدى به فيها.
وفيه: أنَّ صَلاةَ الكُسوفِ رَكْعتانِ، ولكنْ على هَيْئةٍ مَخْصوصةٍ؛ مِن تَطْويلٍ زائدٍ في القيامِ وغَيرِه على العادةِ، وزِيادةِ رُكوعٍ في كلِّ رَكعةٍ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم