حديث احذر غلام قريش لا يفتنك ويمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله فيشيرون

أحاديث نبوية | صحيح ابن حبان | حديث جابر بن عبدالله

«أنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لبِث عَشْرَ سنينَ يتتَبَّعُ النَّاسَ في منازلِهم في المَوسِمِ ومَجَنَّةَ وعُكاظٍ ( و) وفي منازلِهم ( بمنًى ) يقولُ : ( مَن يُؤويني وينصُرُني حتَّى أُبلِّغَ رسالاتِ ربِّي وله الجنَّةُ ) فلا يجِدُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحَدًا ينصُرُه ولا يُؤويه حتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيرحَلُ مِن مِصْرَ أو مِن اليَمنِ إلى ذي رحِمِه فيأتيه قومُه فيقولونَ له : احذَرْ غُلامَ قُرَيشٍ لا يفتِنْكَ ويمشي بَيْنَ رحالِهم يدعوهم إلى اللهِ فيُشيرونَ إليه بالأصابعِ حتَّى بعَثنا اللهُ له مِن يثرِبَ فيأتيه الرَّجُلُ فيُؤمِنُ به ويُقرِئُه القُرآنَ فينقلِبُ إلى أهلِه فيُسلِمونَ بإسلامِه حتَّى لَمْ يَبْقَ دارٌ مِن دُورِ يَثرِبَ إلَّا وفيها رهطٌ مِن المُسلِمينَ يُظهِرونَ الإسلامَ فأْتَمَرْنا واجتمَعْنا فقُلْنا : حتَّى متى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُطرَدُ في جبالِ مكَّةَ ويُخافُ ؟ فرحَلْنا حتَّى قدِمْنا عليه في المَوسِمِ فواعَدَنا شِعْبَ العَقَبةِ فقال عمُّه العبَّاسُ : يا أهلَ يثرِبَ فاجتمَعْنا عندَه مِن رجُلٍ ورجُلَيْنِ فلمَّا نظَر في وجوهِنا قال : هؤلاءِ قومٌ لا أعرِفُهم هؤلاءِ أحداثٌ فقُلْنا : يا رسولَ اللهِ على ما نُبايِعُكَ ؟ قال : ( تُبايِعوني على السَّمعِ والطَّاعةِ في النَّشاطِ والكسَلِ وعلى النَّفقةِ في العُسرِ واليُسرِ وعلى الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عنِ المُنكَرِ وعلى أنْ تقولوا في اللهِ لا يأخُذُكم في اللهِ لومةُ لائمٍ وعلى أنْ تنصُروني إذا قدِمْتُ عليكم وتمنَعوني ما تمنَعونَ منه أنفسَكم وأزواجَكم وأبناءَكم فلكم الجنَّةُ ) فقُمْنا نُبايِعُه فأخَذ بيدِه أسعدُ بنُ زُرارةَ وهو أصغَرُ السَّبعينَ إلَّا أنا قال : رُوَيدًا يا أهلَ يثرِبَ إنَّا لَمْ نضرِبْ إليه أكبادَ المَطيِّ إلَّا ونحنُ نعلَمُ أنَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإنَّ إخراجَه اليومَ مُفارَقةُ العربِ كافَّةً وقتلُ خيارِكم وأنْ تعَضَّكم السُّيوفُ فإمَّا أنتم قومٌ تصبِرونَ عليها إذا مسَّتْكم وعلى قَتْلِ خِيارِكم ومُفارَقةِ العرَبِ كافَّةً فخُذوه وأجرُكم على اللهِ وإمَّا أنتم تخافونَ مِن أنفسِكم خيفةً فذَرُوه فهو أعذَرُ عندَ اللهِ قالوا : يا أسعَدُ أَمِطْ عنَّا يدَك فواللهِ لا نذَرُ هذه البَيعةَ ولا نستقيلُها قال : فقُمْنا إليه رجُلٌ رجُلٌ فأخَذ علينا شَريطةَ العبَّاسِ وضمِن على ذلك الجنَّةَ»

صحيح ابن حبان
جابر بن عبدالله
ابن حبان
أخرجه في صحيحه

صحيح ابن حبان - رقم الحديث أو الصفحة: 7012 -

شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتتبع الناس في


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لَبِثَ عَشْرَ سِنينَ يَتْبَعُ الحاجَّ في مَنازِلِهم في المَوسِمِ وبِمِجَنَّةَ وبعُكاظَ، وبمَنازِلِهم بمِنًى يقولُ: مَن يُؤْويني؟ مَن يَنصُرُني؟ حتى أُبَلِّغَ رِسالاتِ ربِّي وله الجَنَّةُ؟ فلا يَجِدُ أحَدًا يَنصُرُهُ ويُؤْويه، حتى إنَّ الرَّجُلَ يَرْحَلُ مِن مُضَرَ، أو مِن اليَمَنِ، إلى ذي رَحِمِه، فيَأْتيه قَومُه، فيَقولون: احْذَرْ غُلامَ قُرَيشٍ لا يَفتِنُكَ، ويَمشي بَينَ رِحالِهم يَدعوهم إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ يُشيرون إليه بالأصابِعِ، حتى بَعَثَنا اللهُ عَزَّ وجَلَّ له مِن يَثرِبَ، فيَأتيه الرَّجُلُ فيُؤمِنُ به، فيُقرِئه القُرآنَ، فيَنقَلِبُ إلى أهلِهِ، فيُسلِمون بإسْلامِه، حتى لم يَبقَ دارٌ مِن دُورِ يَثرِبَ إلَّا فيها رَهْطٌ مِن المُسلِمين يُظهِرون الإسلامَ، ثُمَّ بَعَثَنا اللهُ عَزَّ وجَلَّ، فأْتَمَرْنا، واجتَمَعْنا سَبْعون رَجُلًا منَّا، فقُلْنا: حتى متى نَذَرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم يُطرَدُ في جِبالِ مكَّةَ، ويَخافُ، فرَحَلْنا حتى قَدِمْنا عليه في المَوسِمِ، فواعَدْناه شِعْبَ العَقَبةِ، فقال عَمُّه العبَّاسُ: يا ابنَ أخي، إنِّي لا أدْري ما هؤلاء القَومُ الذين جاءوكَ؟ إنِّي ذو مَعْرِفةٍ بأهلِ يَثرِبَ، فاجتَمَعْنا عِندَه مِن رَجُلٍ ورَجُلَينِ، فلمَّا نَظَرَ العبَّاسُ في وُجوهِنا، قال: هؤلاء قَومٌ لا أعْرِفُهم، هؤلاء أحْداثٌ، فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، عَلامَ نُبايِعُكَ؟ قال: تُبايِعوني على السَّمعِ والطاعةِ في النَّشاطِ والكَسَلِ، وعلى النَّفَقةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، وعلى الأمْرِ بالمَعْروفِ، والنَّهْيِ عن المُنكَرِ، وعلى أنْ تَقولوا في اللهِ لا تَأخُذُكُم فيه لَومةُ لائِمٍ، وعلى أنْ تَنصُروني إذا قَدِمْتُ يَثرِبَ، فتَمْنَعوني ممَّا تَمنَعون منه أنفُسَكُم وأزْواجَكُم وأبْناءكُم ولكم الجَنَّةُ، فقُمْنا نُبايِعُه، فأخَذَ بِيَدِه أسْعَدُ بنُ زُرارةَ، وهو أصغَرُ السَّبْعين، فقال: رُوَيدًا يا أهلَ يَثرِبَ، إنَّا لم نَضرِبْ إليه أكْبادَ المَطيِّ إلَّا ونحن نَعلَمُ أنَّه رسولُ اللهِ، إنَّ إخْراجَه اليومَ مُفارَقةُ العَرَبِ كافَّةً، وقَتْلُ خيارِكُم، وأنْ تَعَضَّكُم السُّيوفُ، فإمَّا أنتم قَومٌ تَصْبِرون على السُّيوفِ إذا مَسَّتْكُم، وعلى قَتْلِ خيارِكُم، وعلى مُفارَقةِ العَرَبِ كافَّةً، فخُذوه وأجْرُكُم على اللهِ، وإمَّا أنتُم قَومٌ تَخافون مِن أنفُسِكُم خيفةً فذَروه، فهو أعْذَرُ عِندَ اللهِ، قالوا: يا أسْعَدُ بنَ زُرارةَ أمِطْ عنَّا يَدَكَ، فواللهِ لا نَذَرُ هذه البَيعةَ، ولا نَستَقيلُها، فقُمْنا إليه رَجُلًا رَجُلًا يَأخُذُ علينا بشُرْطةِ العبَّاسِ، ويُعْطينا على ذلك الجَنَّةَ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 14653 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أحمد ( 14653 ) واللفظ له، والبزار كما في ( (مجمع الزوائد )) ( 6/49 )، وابن حبان ( 6274 )



لقدْ لقِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شدائدَ عظيمةً في دَعوتِه في مكَّةَ، وقد دعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهْلَ القُرى والمُدنِ المُجاورةِ لها، مِثلَ الطَّائفِ، ولكنَّهم صَدُّوه أيضًا، ثمَّ كانتْ بَيعةُ الأنصارِ، وكانوا أوَّلَ مَن قرَّرَ بعَزْمٍ وحزْمٍ أنْ يُهاجِرَ إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، على أنْ يُؤمِنوا به ويُوقِّروه ويَنْصُروه.
وهذا الحديثُ يَحكي فيه جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما قِصَّةَ الدَّعوةَ مِن بِدايتِها في مكَّةَ حتى الهِجرةِ إلى المدينةِ؛ فيَقولُ: "إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَبِثَ عشْرَ سِنين" في مكَّةَ في أوَّلِ الدَّعوةِ، "يَتبَعُ الحاجَّ في مَنازِلِهم"، أي: في أماكِنِهم ومَساكِنِهم التي نَزَلوا فيها للحَجِّ، وكان الحجُّ حِينئذٍ مُحرَّفًا وباطِلًا، يُدخَلُ فيه كَثيرٌ مِن الشِّركيَّاتِ قبْلَ أنْ يأتِيَ الإسلامُ ويُمحِّصَ هذا كلَّه، "في المَوسمِ" وهو مَوسِمُ الحجِّ، وهو أكبَرُ تَجمُّعٍ للعَرَبِ، "وبمَجَنَّةٍ وبعُكَاظٍ"، وهُما مِن أسواقِ العَرَبِ حيثُ يَجتمِعون لِلبيعِ والشِّراءِ، والتَّباري في الشِّعرِ والخَطابةِ، "وبمَنازلِهم بمِنًى؛ يقولُ: مَن يُؤْويني؟ مَن يَنصُرُني؟" أي: مَن يَحْميني فيُسْكِنَني في بِلادِه وعِندَ قَومِه، ويَحْفَظني ويَنصُرني، وهذا مِن الأخْذِ بالأسبابِ مع ما يَشمَلُ ذلك مِن نُصرةِ اللهِ تعالى لِنَبيِّه، "حتى أُبلِّغَ رِسالاتِ ربِّي؛ وله الجنَّةُ؟" جَزاءً على ذلك النَّصرِ والتَّأييدِ والتَّصديقِ، "فلا يَجِدُ أحدًا يَنصُرُه ويُؤْوِيه" ويَمنعُه من الأذَى، بل كانوا يَصدُّون الناسَ عنه، "حتى إنَّ الرَّجُلَ يَرحَلُ" ويُسافِرُ "مِن مُضَرَ" وهي: قَبيلةٌ عَربيَّةٌ مُنتشِرةٌ في أرضِ شَرْقِ الجَزيرةِ العربيَّةِ وفي العراقِ، "أو مِن اليَمَنِ" وهي البلادُ الواقعةُ في أقْصى جَنوبِ الجزيرةِ العربيَّةِ على البحْرِ الأحمرِ، "إلى ذي رَحِمَه" قاصِدًا زِيارةَ أقارِبِه، "فيَأْتِيه قَومُه" قبْلَ خُروجِه وسَفَرِه، "فيَقولون: احْذَرْ غُلامَ قُريشٍ" يَقصِدون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "لا يَفْتِنْك"، أي: لا يَخْدَعْك، فتَخرُجَ ممَّا أنت فيه وتَدخُلَ في دِينِه، وهذا يَدلُّ على أنَّ أمْرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدِ انتَشَرَ في الجزيرةِ العربيةِ كلِّها، وكانوا يُحذِّرون بَعضَهم بَعضًا مِن اتِّباعِه عِندَ الخُروجِ للحجِّ أو التِّجارةِ في مكَّةَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "يَمْشي بيْن رِحالِهم" وخِيامِهم، "يَدْعوهم إلى اللهِ عزَّ وجلَّ"، يَدْعُوهم إلى التَّوحيدِ وتَرْكِ عِبادةِ الأوثانِ والأصنامِ، "يُشِيرون إليه بالأصابِعِ" اسْتِهزاءً به وسُخريةً.
قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "حتى بَعَثَنا اللهُ عزَّ وجلَّ له مِن يَثرِبَ" وهي المدينةُ النَّبويَّةُ، ويَثرِبُ اسْمُها قبْلَ الإسلامِ، "فيَأْتيه الرَّجُلُ فيُؤمِنُ به، فيُقرِئُه القُرآنَ"، أي: فيُعلِّمُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرآنَ، "فيَنقَلِبُ إلى أهْلِه"، ويَرجِعُ إليهم فيَدْعُوهم، "فيُسْلِمون بإسلامِه، حتى لمْ يَبْقَ دارٌ مِن دُورِ يَثرِبَ إلَّا فيها رَهطٌ"، أي: جَماعةٌ، "مِن المسلمينَ يُظهِرون الإسلامَ"، ويُعْلِنونَه أمامَ الناسِ، "ثمَّ بَعَثَنا اللهُ عزَّ وجلَّ، فأْتَمَرْنا"، أي: فتَشاوروا جميعًا، "واجْتَمَعْنا سَبْعون رجًلًا منَّا، فقُلْنا: حتى متى نَذَرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" ونَتركُه "يُطرَدُ في جِبالِ مكَّةَ، ويُخافُ؟! فرَحَلْنا حتى قَدِمْنا عليه في المَوسِمِ، فواعَدْناهُ شِعبَ العَقَبةِ"، أي: أخَذوا مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَوعدًا لِمُقابَلتِه في شِعْبِ العَقَبةِ بَعيدًا عن أَعيُنِ قُريشٍ، والعقَبةُ مِن الشَّيءِ: الموضِعُ المُرتفِعُ منه، وهي بَيعةُ العَقَبةِ الثَّانيةِ، وكان ذلك عِندَ جَمرةِ العقَبةِ بمِنًى، "فقال عمُّه العبَّاسُ: يا ابنَ أخي، إنِّي لا أدْري ما هؤلاء القومُ الذين جاؤوكَ؟ إنِّي ذو مَعرفةٍ بأهْلِ يَثرِبَ"، يُشِيرُ العبَّاسُ إلى أنَّ مَن يُرِيدُ مُواعَدةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليس مِن وُجهاءِ الأنصارِ المَعروفينَ لَدَيه، ومَقصِدُه: تَحذيرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منهم؛ لعلَّهم لا يَقدِرون على الوَفاءِ بما سَيَتواعَدون عليه، قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فاجتَمَعْنا عِندَه مِن رجُلٍ ورَجُلينِ، فلمَّا نظَرَ العبَّاسَ في وُجوهِنا، قال: هؤلاء قَومٌ لا أعْرِفُهم، هؤلاء أحداثٌ"، أي: شَبابٌ صِغارُ السِّنِّ! "فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، عَلامَ نُبايِعُك؟ قال: تُبايِعوني على السَّمْعِ والطاعةِ في النَّشاطِ والكَسَلِ"، أي: على السَّمْعِ والطاعةِ في كلِّ الأحوالِ، "وعلى النَّفقةِ في العُسرِ واليُسْرِ"، أي: النَّفقةِ في سَبيلِ اللهِ في كلِّ الأحوالِ دُونَ بُخْلٍ أو إقتارٍ، "وعلى الأمْرِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عن المُنكَرِ، وعلى أنْ تَقولوا في اللهِ" فَتَدْعوا إلى الحقِّ، "لا تَأْخُذُكم فيه لَومةُ لائمٍ، وعلى أنْ تَنصُروني إذا قَدِمْت يَثرِبَ، فتَمْنَعوني ممَّا تَمْنَعون منه أنفُسَكم وأزْواجَكم وأبْناءَكم"، وهذا عَهْدٌ مُؤكَّدٌ على أنْ يَحْموا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن كلِّ أذًى كما يَحْمُون أعْراضَ نِسائِهم ويَحفَظون أولادَهم، "ولكمُ الجنَّةُ"؛ جَزاءً على صِدْقِكم في بَيعتِكم جَزاءً وِفاقًا، إذا أطَعْتُم اللهَ ورَسولَه في كلِّ ما سَبَقَ وأخَذَ به البَيعةَ عليكم، "فقُمْنا نُبايِعُه، فأخَذَ بيَدِه أسعَدُ بنُ زُرارةَ، وهو أصغَرُ السَّبعينَ، فقال: رُويدًا يا أهْلَ يَثرِبَ"، أي: تَمهَّلُوا يا أهلَ يَثرِبَ، حتى تَستَجْمِعوا عُقولَكم وتُفكِّروا فيما بايَعْتُم عليه، وما سَيَكونُ له مِن عَواقِبَ، "إنَّا لم نَضرِبْ إليه أكْبادَ المَطِيِّ إلَّا ونحن نَعلَمُ أنَّه رسولُ اللهِ"، أي: لم نَرْكَبِ الإبِلَ ولم نَسِرْ إليه إلَّا ونحن مُؤمِنون بأنَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "إنَّ إخْراجَه اليومَ مُفارقةُ العَرَبِ كافَّةً"، وسَيَكونُ مُقابِلَ تلك البَيعةِ والمُعاهَدةِ القَطيعةُ مع باقِي قَبائلِ العرَبِ، "وقتْلُ خِيارِكم" في حُروبٍ سَوفَ تُشَنُّ عليكم، "وأنْ تَعَضَّكُم السُّيوفُ" وهذا كِنايةٌ عن إثْخانِ الحُروبِ فيهم، ثمَّ خيَّرَ أسعدٌ رضِيَ اللهُ عنه، فقال: "فإمَّا أنتُم قَومٌ تَصبِرون على السُّيوفُ إذا مسَّتْكم، وعلى قتْلِ خِيارِكم، وعلى مُفارَقةِ العرَبِ كافَّةً"، بمعنى: إذا كان لَدَيْكم مِن الصَّبرِ والقُوَّةِ والعزْمِ التي لا تَجعَلُكم تَتخلَّون عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَتْرُكونه، "فخُذُوه، وأجْرُكم على اللهِ"، أي: فعاهِدُوه وبايِعُوه وأْوُوه في قَبيلتِكم، ويكون أجْرُكم عِندَ اللهِ يومَ القِيامةِ، "وإمَّا أنتم قَومٌ تَخافون مِن أنفُسِكم خِيفةً"، أي: فإنْ كُنتُم تَخافون القِتالَ وليس عِندكم صَبْرٌ، "فَذَرُوه"، أي: اتْرُكُوه في قَومِه وبَلَدِه مِن الآنِ؛ "فهو أعْذَرُ عِندَ اللهِ"؛ فتَرْكُه الآنَ وقبْلَ المُبايَعةِ أفضَلُ وأقبَلُ عُذْرًا عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن أنْ يَترُكُوه بعْدَ أنْ يُبايعوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثمَّ لا يَنْصُروهُ، وما فَعَلُه أسعَدُ بنُ زُرارةَ رضِيَ اللهُ عنه بتلك الكلماتِ هو للتَّأكيدِ على قُوَّةِ الإيمانِ والنُّصرةِ التي سَتَنشَأُ مِن تلك المُبايَعةِ وما أقْدَموا عليها، وبَيانٌ لِحَقيقةِ ما همْ عليه، "قالوا: يا أسعَدَ بنُ زُرارةَ، أمِطْ عنَّا يَدَكَ"، أي: ابْتعِدْ واتْرُكْ هذا القولَ، "فوَاللهِ لا نَذَرُ هذه البَيعةَ، ولا نَستقِيلُها، فقُمْنا إليه رجُلًا رجُلًا يَأخُذُ علينا بشُرْطةِ العبَّاسِ"، يعني المواثيقَ التي أخَذَها العبَّاسُ عليهم بالوَفاءِ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "ويُعْطينا على ذلك الجنَّةَ"، ويَعِدُهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالجنَّةِ يَومَ القِيامةِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ مَدى الأذى الذي لَحِقَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَبيلِ الدَّعوةِ.

وفيه: بَيانُ صِدْقِ الأنصارِ في بَيعةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وفيه: أنَّ المُصارَحةَ الكاملةَ عِندَ العقْدِ والعهدِ هي السَّبيلُ الأوفَقُ لِبَيانِ الحُقوقِ والواجباتِ على أطرافِ المُعاهَدةِ .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح ابن حبانكنت قائد أبي بعدما ذهب بصره وكان لا يسمع الأذان بالجمعة إلا قال
صحيح ابن حبانخرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن نوفل بن عبد مناف في زمن
صحيح ابن حبانخرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار إلى الشام فلما قدمنا حمص
صحيح ابن حباندخلت على أنس بن مالك فقال لي من أنت قلت
صحيح ابن حبانإن عم الرجل صنو أبيه
صحيح ابن حبانكنت في بيت ميمونة بنت الحارث فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم
صحيح ابن حبانأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسح مخاط أسامة بن زيد
صحيح ابن حبانقلنا لحذيفة بن اليمان أنبئنا برجل قريب الهدي والسمت من رسول الله
صحيح ابن حبانقرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة وسبعين سورة وإن زيدا
صحيح ابن حبانأن أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما بشراه أن رسول الله صلى الله
صحيح ابن حبانأن عبد الله بن مسعود كان يحتز لرسول الله صلى الله عليه وسلم
صحيح ابن حبانكنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء عمار يستأذن فقال صلى


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, July 26, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب