دَعَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأنْصَارَ لِيَكْتُبَ لهمْ بالبَحْرَيْنِ، فَقالوا: لا واللَّهِ حتَّى تَكْتُبَ لِإِخْوَانِنَا مِن قُرَيْشٍ بمِثْلِهَا، فَقَالَ: ذَاكَ لهمْ ما شَاءَ اللَّهُ علَى ذلكَ، يقولونَ له، قَالَ: فإنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً، فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي علَى الحَوْضِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3163 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَعرِفُ لِكُلٍّ مِنَ المُهاجِرينَ والأنصارِ قَدْرَهم، وكان يُوصي بَعضَهم ببَعضٍ؛ حتَّى يَظَلُّوا إخوةً مُتَحابِّينَ، وأعوانًا على الحَقِّ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا الأنصارَ ليُعيِّنَ لِكُلٍّ منهم حِصَّةً على سَبيلِ الإقطاعِ مِنَ الجِزْيةِ والخَرَاجِ بالبَحرَيْن؛ وليس المُرادُ تَمليكَهم؛ لِأنَّ أرضَ الصُّلحِ لا تُقَسَّمُ ولا تُقَطَّعُ؛ فقدْ كان صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ صالَحَ أهلَ البَحرَيْنِ، وضَرَبَ عليهمُ الجِزيةَ، وكانتِ البَحرَيْنُ في القَديمِ تُطلَقُ على ما يَشمَلُ حاليًّا كُلًّا مِنَ: البَحرَيْنِ، والأحساءِ والقَطيفِ، شَرقَ المَملَكةِ العَربيَّةِ السُّعوديَّةِ، فقالوا: لا و
اللهِ، حتَّى تَكتُبَ لِإخوانِنا المُهاجِرينَ مِن قُرَيشٍ بمِثلِها، وهذا لم يَكُنْ منهم مُخالَفةً لِأمْرِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، بلْ فَهِموا أنَّه يُريدُ مُكافأةَ إحسانِهم، فهو مِن إيثارِ الأنصارِ وحُبِّهم لِلمُهاجِرينَ، فقال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «
ذاكَ لهُم ما شاءَ اللَّهُ على ذلك»، وفي رِوايةٍ في صَحيحِ البُخاريِّ: «
فلم يَكُنْ ذلك عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»،
أي: لم يَكُنْ عِندَه مِثلُ ما يُريدُ أنْ يُقطِعَه الأنصارَ، وقيلَ: معناه: لم يُرِدْ فِعلَ ذلك؛ لِأنَّه كان أقطَعَ المُهاجِرينَ أرضَ بَني النَّضيرِ.
ولكِنْ كان الأنصارُ مُصِرِّينَ على أنْ يَكتُبَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لِلمُهاجِرينَ أوَّلًا ذَلك، حتَّى قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لهم: «
فإنَّكم سَتَرَوْنَ بَعدي» مِنَ المُلوكِ إيثارًا وتَفضيلًا لِأنفُسِهم عليكم بالدُّنيا، ويُفَضِّلونَ غَيرَكم عليكم، ولا يَجعَلونَ لَكم في الأمْرِ مِن نَصيبٍ؛ «
فاصْبِروا حتى تَلْقَوْني على الحَوْضِ»، فتَنالوا الثَّوابَ الكَبيرَ، والأجْرَ الجَزيلَ، ما يُعوِّضُكم عن هذِه الأثَرةِ.
وحَوضُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ هو مَجمَعُ ماءٍ عَظيمٌ يَرِدُه المُؤمِنونَ في عَرَصاتِ القِيامةِ.
وفي رِوايةِ الصَّحيحَيْن: قال أنَسٌ: «
فلم نَصبِرْ»،
أي: على الأثَرةِ والاستِبدادِ كما أمَرَنا رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحَديثِ: ما كان عليه الأنصارُ رَضيَ
اللهُ عنهم مِنَ الأثَرةِ على أنفُسِهم، وحُسنِ التَّمادِي على الكَرَمِ.
وفيه: الأمْرُ بالصَّبرِ على الشَّدائِدِ.
وفيه: إثباتُ الحَوضِ لِلنَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ القيامةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم