حديث ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاة ماله إلا جيء به يوم

أحاديث نبوية | مسند الإمام أحمد | حديث أبو هريرة

«بنَحْوِ هذا الكلامِ كُلِّهِ. (أي حديثِ: ما من صاحِبِ كَنزٍ لا يُؤَدِّي زَكاةَ مالِهِ، إلَّا جِيءَ به يَومَ القيامةِ وبكَنزِهِ، فيُحْمى عليه صفائِحُ في نارِ جَهنَّمَ، فيُكْوى بها جَبينُهُ، وجَنْبُهُ، وظَهْرُهُ، حتى يَحكُمَ اللهُ بيْنَ عِبادِهِ في يَومٍ كان مِقْدارُهُ خَمْسينَ أَلْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ، ثم يَرى سَبيلَه إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ، وما من صاحِبِ إبِلٍ لا يُؤَدِّي زَكاتَها، إلَّا جِيءَ به يَومَ القيامةِ وبإبِلِهِ كأوْفَرِ...)»

مسند الإمام أحمد
أبو هريرة
شعيب الأرناؤوط
إسناده صحيح على شرط مسلم

مسند الإمام أحمد - رقم الحديث أو الصفحة: 8978 - أخرجه مسلم (987)، وأبو داود (1658)، وأحمد (8978) واللفظ له

شرح حديث بنحو هذا الكلام كله أي حديث ما من صاحب كنز لا يؤدي


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ.
قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالإِبِلُ؟ قالَ: ولا صاحِبُ إبِلٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها -ومِنْ حَقِّها حَلَبُها يَومَ وِرْدِها- إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ ما كانَتْ، لا يَفْقِدُ مِنْها فَصِيلًا واحِدًا، تَطَؤُهُ بأَخْفافِها وتَعَضُّهُ بأَفْواهِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ.
قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْبَقَرُ والْغَنَمُ؟ قالَ: ولا صاحِبُ بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، لا يَفْقِدُ مِنْها شيئًا، ليْسَ فيها عَقْصاءُ، ولا جَلْحاءُ، ولا عَضْباءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونِها وتَطَؤُهُ بأَظْلافِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ.
قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْخَيْلُ؟ قالَ: الخَيْلُ ثَلاثَةٌ: هي لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وهي لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وهي لِرَجُلٍ أجْرٌ؛ فأمَّا الَّتي هي له وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها رِياءً وفَخْرًا ونِواءً علَى أهْلِ الإسْلامِ، فَهي له وِزْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِها ولا رِقابِها، فَهي له سِتْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له أجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ لأَهْلِ الإسْلامِ في مَرْجٍ ورَوْضَةٍ، فَما أكَلَتْ مِن ذلكَ المَرْجِ أوِ الرَّوْضَةِ مِن شَيءٍ، إلَّا كُتِبَ له عَدَدَ ما أكَلَتْ حَسَناتٌ، وكُتِبَ له عَدَدَ أرْواثِها وأَبْوالِها حَسَناتٌ، ولا تَقْطَعُ طِوَلَها فاسْتَنَّتْ شَرَفًا أوْ شَرَفَيْنِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ آثارِها وأَرْواثِها حَسَناتٍ، ولا مَرَّ بها صاحِبُها علَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ منه ولا يُرِيدُ أنْ يَسْقِيَها؛ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ ما شَرِبَتْ حَسَناتٍ.
قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْحُمُرُ؟ قالَ: ما أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيءٌ، إلَّا هذِه الآيَةُ الفاذَّةُ الجامِعَةُ: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }.
[ الزلزلة: 7-8 ]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 987 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 2371 ) مختصراً، ومسلم ( 987 ) واللفظ له



المالُ زِينةُ الحياةِ الدُّنيا، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الحُقوقَ الواجبةَ على مَن ملَكَ مالًا وافرًا؛ مِن الزَّكاةِ والصَّدقةِ، وبيَّن ما لَه مِن الفضْلِ والأجْرِ على ذلك، كما بيَّنَ عُقوبةَ مانعِ هذه الحُقوقِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ كُلَّ مَالِكٍ للمالِ مِن الذَّهَبِ أو الفِضَّةِ، ويَكْنِزُه، ولا يُؤُدِّي منه حقَّه بإخراجِ الزَّكاةِ وحُقوقِ اللهِ منه، إلَّا كان هذا المالُ يومَ القِيامةِ مُجَسَّدًا في صُورةِ رَقائقَ مِن الحدِيدِ، وقيل: مِن نَفْسِ المعدِنِ الَّذي يَكْنِزُه، فتُسَخَّنُ في نارِ جهنَّمَ، فيُكوَى بها جَنْبُه وجَبِينُه -كِنايةٌ عن وَجهِه- وظَهْرُه، فتُوضَعُ على جسَدِه ليُعذَّبَ بها، وهذا مِصْدَاقٌ لقولِ اللهِ تعالَى: { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } [ التوبة: 35 ]، فجعَلَ عيْنَ الذَّهبِ والفِضةِ والأموالِ هي المُحْمى عليها في نارِ جهنَّمَ يوْمَ القيامةِ، فيُوقَدُ على ما جَمَعوه ومَنَعوا حقَّه في نارِ جَهنَّمَ، فإذا اشتَدَّت حَرارتُها وُضِعَت على جِباهِهم وعلى جُنوبِهم وعلى ظُهورِهم، ويُقال لهم على سَبيلِ التَّوبيخِ: هذه هي أموالُكم الَّتي جمَعْتموها ولم تُؤدُّوا الحُقوقَ الواجبةَ فيها، فذُوقوا وَبالَ ما كُنتُم تَجمَعونه ولا تُؤدُّون حُقوقَه، وعاقبةَ ذلك.
ثمَّ أخبَرَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه كلَّما خَفَّت حَرارتُها وسُخونتُها، أُعِيدَ تَسخينُها ويُعادُ تَعذيبُه بها، والمرادُ مِن ذلك استمرارُ التَّعذيبِ ودَوامُه، ويكونُ هذا العذابُ واقعًا له في يومِ القِيامةِ، الَّذي مِقدارُه خمْسينَ ألفَ سنَةٍ، وهذا طُولُ يومِ الحسابِ، فيَظَلُّ طُوالَ هذه المُدَّةِ يُعَذَّبُ حتَّى يَحكُمَ اللهُ بيْن النَّاسِ جميعًا، ثمَّ يَعْرِفُ صاحبُ المالِ مَصيرَه وجزَاءَه بعْدَ هذا العذابِ؛ إمَّا أنْ يَرْحَمَه اللهُ فيُدْخِلَه الجَنَّةَ بفضْلِه، وإمَّا أنْ يَمْكُثَ في عَذابِ النَّارِ جَزاءً عادِلًا على سُوءِ عَملِه.
وبعْدَ بَيانِ حالِ وجَزاءِ الَّذي يَكنِزُ الذَّهبَ والفِضَّةَ، سَأل الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن أموالِ الإبِلِ ما يُصْنَعُ فيها، وما جَزاءُ مَن لم يُؤَدِّ حَقَّها وزَكاتَها؟ فأخبَرَهم النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ كُلَّ صاحِبِ مالٍ مِن الإبِل لا يُخرِجُ زَكاتَها، ولا يَتصَدَّقُ منها، ومِن هذه الحقوقِ في الإبلِ أنْ تُحْلَبَ ويُتَصَدَّقَ مِن لَبَنِها، خاصَّةً وهي ذاهِبةٌ لِتَشرَبَ على أحواضِ الآبارِ ونحوِها؛ لأنَّها تَشرَبُ كلَّ ثَلاثِةِ أو أربعةِ أيَّامٍ، فيُسْقَى لَبنُها لِمَن يَحتاجُه أو للمارَّةِ، وهكذا؛ وذلك لأنَّ الحَلْبَ يَومَئذٍ أَوفَقُ للنَّاقةِ وأَرْفقُ للمُحتاجينَ؛ فقدْ كانَ المعتادُ مِنَ المساكينِ والفقراءِ أنْ يَأتوا إلى المكانِ الَّذي تَرِدُ فيه الإبلُ لِلشُّربِ؛ لِيَنالوا مِن ألبانِها، فمَن لم يَفعَلْ ولم يُؤَدِّ هذه الحقوقَ، كان جَزاؤه يومَ القيامة أنْ يُجْلَسَ ويُلْقِى مُنْبَطِحًا على وَجْهِه لهذه الإبلِ «بِقَاعٍ قَرْقَرٍ»، وهو المكانُ المُتَّسِعُ المُستَوِي؛ حتَّى يكونَ ذلك أوْسَعَ للإِبلِ فتَطَأَه دونَ عائِقٍ، وتأتِي الإبلُ ويُعادُ خَلْقُها على أكثَرِ ما كانت عليه مِن عدَدٍ وهي عنده، وبأحسَنِ حالٍ، وتأتِي بأكمَلِها دونَ نُقْصانٍ، حتَّى فَصيلُ النَّاقَةِ يَأتِي معها، والفَصِيلُ: وَلَدُ النَّاقَةِ الصَّغِيرُ، «تَطَؤُه بأخْفَافِها وتَعَضُّه بأفْوَاهِها»، أي: تَمشِي عليه، والأخفَافُ: كالقدَمِ للإنسانِ، وهي كِفَّةُ رِجْلِها، وكلَّما ذهَبَتْ ومرَّت عليه بآخِرِ جمَلٍ منها رجَعَتْ عليه بأُخرَاها، حتَّى يكونَ هو أوَّلَها، وهذا كِنايةٌ على أنَّها تظَلُّ تَمشِي عليه دونَ توقُّفٍ، في يومِ القِيامةِ الَّذي مِقدَارُه خمسونَ ألفَ سنَةٍ، حتَّى يَحكُمَ اللهُ بيْن العبادِ، فيَعرِفُ مَصيرَه إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ، مِثْلُ الأوَّلِ صاحِبِ الفِضَّةِ والذَّهَبِ.
فسَأل الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن الأموالِ الأُخرى مِن البَقَرِ والغَنَمِ إذا لم يُؤدِّ صاحبُها حُقوقَها الشَّرعيَّةَ، فماذا يكونُ جَزاؤه؟ فأخبَرَهم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه ما مِن صاحِبِ بقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤدِّي منها حقَّها، إلَّا كان جَزاؤه يومَ القيامة أنْ يُجْلَسَ ويُلْقِى مُنْبَطِحًا على وجْهِه لهذه البقرِ والغنَمِ بمَكانٍ مُتَّسِعٍ مُستَوٍ؛ حتَّى يكونَ ذلك أوْسَعَ للبقرِ والغنمِ، فتَأتِي على أكمَلِ عدَدٍ كانت به في الدُّنيا، «ليْس فيها عَقْصَاءُ»، أي: مُلْتَوِيَة القَرْنَيْنِ، بل يكونُ قَرْناها مُستويينِ مَمْدُودينِ، فتكونُ أقْوى وأشدَّ في الضَّرْبِ، «ولا جَلْحَاءُ»، أي: وليس فيها مَعدومةُ القُرُونِ، بلْ كلُّها ذاتُ قرونٍ، وليس فيها عَضْبَاءُ، وهي مَكْسُورةُ القَرنِ، فتَأتي هذه الحيواناتُ كلُّها على صاحبِها، فتَضْرِبُه بقُرونها ورأسِها، وتَدوسُه بأظافِرِها وأرْجُلِها، والظِّلْفُ مِثلُ الظُّفُرِ، وهو العَظْمُ النَّاتِئُ في أطرافِ أقدامِ البقَرِ والغَنَمِ، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخرَاها، في يومِ القِيامةِ الَّذي مِقدَارُه خمسونَ ألفَ سنَةٍ، حتَّى يَحكُمَ اللهُ بيْن العبادِ، فيَعرِف مَصيرَه إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ.
فسَأل الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ماذا نَصْنَعُ في الخيلِ وما الواجِبُ فيها؟ فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «الخَيْلُ ثَلاثةٌ»، أي: أنَّ أصحابَها في الأجْرِ والجزاءِ على ثَلاثةِ أنواعٍ؛ الأوَّلُ: «هي لرَجُلٍ وِزْرٌ»، أي: جَالِبَةٌ للذَّنْبِ والإِثْمِ، وهو الَّذي أمْسَكَها وربَّاها للفَخْرِ بيْن النَّاسِ بكثْرَتِها وقِيمَتِها، وهيْئتِها ورُكوبِها، وربَّما كانت للمُعاداةِ وللحَربِ على أهلِ الإسلامِ؛ فهذه جَالِبَةٌ للوِزْرِ والإِثْمِ لصاحِبِها.
والثَّاني: «هي لرَجُلٍ سِتْرٌ»، أي: تَستُرُه وتُغنِيه عن سُؤالِ النَّاسِ، وهو الَّذي ربَطَها وربَّاها ونمَّاها في وُجوهِ الخيرِ لنفْسِه ولغَيرِه.
وفي روايةِ البُخاريِّ: «ربَطَها تَغنِّيًا وتَعفُّفًا»؛ كأنْ يُتاجِرَ فيها أو يَستخدِمَها في مَصالحِه ومَنافِع أرضِه وغيرِ ذلك، وإنْ لم يُخرِجْها للجهادِ في سَبيلِ اللهِ والحربِ عليها، ولم يَنْسَ حقَّ الله فيها، بلْ أدَّى الحُقوقَ الواجبةَ عليه فيها؛ مِن تَوصيلِ مَنفعَتِها للنَّاسِ بإعارَتِها للمُحتاجِ إليها، والثَّالثُ: «هي لرَجُلٍ أَجْرٌ»، أي: جالِبةٌ لصاحِبها الأجْرِ والثَّوابَ، وهو الَّذي أوقَفَها على خِدمةِ أهلِ الإسلامِ ونشْرِ الدِّينِ والجِهادِ في سَبيلِه، ومِن حِفظِه لها أنَّه رَعاها «في مَرْجٍ ورَوْضَةٍ»، أي: في حَدائقَ وبَساتينَ تَرْعَى وتَأكُلُ فيها، فكلَّما أكَلَت أو شَرِبت مِن الحَديقةِ أو البُستانِ، إلَّا كُتبَ له أجرٌ وثَوابٌ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وكُتِبَ له حَسَناتٌ بعدَدِ ما أخرَجَتْه مِن فَضَلاتِ طَعامِها، والرَّوَثُ: هو رَجيعُ الحَيوَاناتِ مِن الفَضَلاتِ والمخَلَّفاتِ الخَارِجةِ مِن بُطونِها، وهذا مِن المُبالَغَةِ في احتِسابِ الثَّوابِ؛ لأنَّه إذا كُتِب بعَدَدِ الأرواثِ والأبوالِ حَسناتٌ؛ فكيْف بغَيرِها؟!
وقيل: إنَّما كُتِبَت الأرواثُ والأبوالُ حَسناتٍ؛ لأنَّ بها بَقاءَ حَياتِها، مع أنَّ أصْلَها قبْلَ الاستحالةِ غالبًا مِن مالِ مالكِها.
ثمَّ بيَّن صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم المزيدَ مِن الثَّوابِ الَّذي يَنالُه صاحبُها على آثارِها وما يَصدُرُ منها مِن حرَكاتٍ؛ فأخبَرَ أنَّه لا «تَقْطَعُ طِوَلَهَا»، أي: لا تَقْطَعُ حَبْلًا مِن حِبَالِها، «فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ»، أي: فجَرَتْ وأسْرَعَتِ الجَرْيَ، فذَهَبتْ وصَعِدَتْ فوقَ مُرتَفَعٍ مِن الأرضِ أو جَبَلٍ أو جَبَليْنِ، «إلَّا كَتَب اللهُ له عدَدَ آثارِها»، أي: بعدَدِ خُطُواتِها، «وأرواثِها، حَسَناتٍ، ولا مَرَّ بها صاحِبُها على نَهرٍ، فشَرِبَتْ منه ولا يُريدُ أنْ يَسقِيَها؛ إلَّا كتَبَ اللهُ له عدَدَ ما شَرِبَتْ حَسَناتٍ»، والمرادُ: أنَّ كُلَّ أوقاتِ حَياتِها وحَرَكاتِها وأكلِها وشُربِها؛ تُكْتَبُ لصاحِبِها أجرًا وحَسناتٍ بفضْلِ اللهِ ونِعمَتِه.
ثمَّ سَأله الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم: ماذا يَجِبُ في الحَميرِ الأهليَّةِ الَّتي تُستخدَمُ في الحرثِ وخِدمةِ الأرضِ؟ فأجاب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه لم يَنزِلْ عليه شَيءٌ خاصٌّ بالحُمرِ وما يَجِبُ فيها، «إلَّا هَذِهِ الآيَةُ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ»، أي: المُتفرِّدَةُ الجامِعَةُ لكُلِّ مَعانِي الخيْرِ والشَّرِّ في العَمَلِ مِن الفَرائِضِ أو النَّوَافِلِ، وهي قولُه تعالى: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [ الزلزلة: 7- 8 ]، والذَّرَّةُ هي النَّمْلَةُ الصَّغِيرَةُ، أو هِي الْهَبَاءُ والتُّرَابُ النَّاعِمُ المُتطايرُ في الهواءِ يُرَى في الضَّوءِ، ومعناها: أنَّ كُلَّ عمَلٍ ولو كان في غايةِ الصِّغَر مِن الخيْرِ أو الشَرِّ، فسَوف يُرَى أثَرُه ويُحاسَبُ عليه عندَ اللهِ تعالَى، فلو أعانَ واحدًا على رُكوبِها يُثابُ، ولو استعانَ برُكُوبِها على فِعْلِ معْصِيةٍ يُعاقَبُ.

وفي الحديثِ: التَّرهِيبُ مِن كَنْزِ الأموالِ وترْكِ إخْراجِ حقِّ اللهِ فيها.
وفيه: بيانُ التَّغليظِ في عُقوبةِ منْعِ الزَّكاةِ.
وفيه: بيانُ وُجوبِ الزَّكاةِ في الفضَّةِ والذَّهبِ، والإبلِ والبقَرِ والغنمِ، بشُروطِها.
وفيه: فضْلُ الخَيلِ وما يكونُ في نَواصِيها مِن الخَيرِ والبَركةِ إذا كان اتِّخاذُها في الطَّاعةِ.
وفيه: التَّرغِيبُ في عَملِ كُلِّ خَيْرٍ مهما قلَّ حَجْمُه أو خَفَّ وزْنُه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
مسند الإمام أحمدأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا كما أخذ على النساء أو
مسند الإمام أحمدوفيه إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين
مسند الإمام أحمدإنما هي التسبيح والتكبير والتحميد وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى
مسند الإمام أحمدأن رجلا من المشركين قال لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
مسند الإمام أحمدقال وأخبرني زياد أيضا أنه أخبره هلال بن أسامة أنه سمع أبا سلمة
مسند الإمام أحمدمعناه أي حديث لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابوا ألا
مسند الإمام أحمدنحو هذا الحديث أي حديث من يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن
مسند الإمام أحمدوزائدة أيضا حدثناه معاوية يعني عنه أي حديث الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم
مسند الإمام أحمدوكذا قال يعني ابن فضيل أيضا أي حديث الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم
مسند الإمام أحمدفذكر معناه أي معنى حديث أفيكم أحد من غيركم قالوا لا إلا ابن
مسند الإمام أحمدعن أنس بمثله قال وكان قتادة يذكر هذا الحديث إذا سئل عن هذه
مسند الإمام أحمدعن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله أي مثل حديث إن رسول الله


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 27, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب