َ ضَربَ اللهُ مثلًا صِراطًا مستقِيمًا ، وعَنْ جَنَبَتِي الصِّراطِ سُّورانِ فيهِما أبوابٌ مفتحةٌ ، وعلى الأبوابِ سُتُورٌ مُرْخاةٌ ، وعِند رأسِ الصِّراطِ داعٍ يقولُ : استقِيمُوا على الصِّراطِ ولا تَعْوَجُّوا ؛ وفَوقَ ذلكَ داعٍ يدعُوكلَّما هَمَّ عبدٌ أنْ يفتحَ شيئًا من تلكَ الأبوابِ ؛ قال : ويْلَكَ ! لا تفتحْه ، فإنَّك إنْ تَفْتَحْه تَلِجْهُ ، ثمَّ فَسَّرَهُ ، فأخبرَ أنَّ الصِّراطَ هو الإسلامُ ، وأنَّ الأبوابَ المُفتَّحةَ محارمُ اللهِ ، وأنَّ السُّتُورَ الْمُرخاةَ حُدودُ اللهِ ، والدَّاعِي على رأسِ الصِّراطِ هو القرآنُ ، والدَّاعِي من فوقِه هو واعظُ اللهِ في قلبِ كلِّ مُؤْمِنٍ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 2348 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه رزين كما في ( (الترغيب والترهيب )) للمنذري ( 3/171 ) واللفظ له، وأخرجه أحمد ( 4142 )، والنسائي في ( (السنن الكبرى )) ( 11174 ) بمعناه
مِن الأساليبِ التي امتازَ بها البَيانُ في
القُرآنِ والسُّنَّةِ النَّبويَّةِ: ضَربُ الأمثالِ لِتَقريبِ المفاهيمِ للنَّاسِ عندَ وَعْظِهم وتَعليمِهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "ضرَبَ
اللهُ مَثلًا"،
أي: بيَّن مَثلًا لعِبادِه، "صِراطًا مُستقيمًا"، وهو: الطَّريقُ المُمتَدُّ الَّذي لا اعوِجاجَ فيه، "وعن جَنَبَتَيِ الصِّراطِ"،
أي: على طَرَفَيْ أو جانِبَيْ هذا الطَّريقِ، "سُورانِ"،
أي: جِدارانِ يُحيطانِ به مِن جِهَتَيه، "فيهما"،
أي: يتَخلَّلُ هذينِ الجِدارَينِ "أبوابٌ مُفتَّحةٌ، وعلى الأبوابِ سُتورٌ"، جمعُ سِتْرٍ، "مُرخاةٌ"،
أي: مُرسَلةٌ، والمعنى: أنَّه مُلْقًى على تلك الأبوابِ ستائِرُ لا تُظهِرُ للمارِّ مِن على الصِّراطِ مَن بداخِلِها، "وعندَ رأْسِ الصِّراطِ داعٍ"،
أي: في أوَّلِه، والمرادُ بالدَّاعي: هو مَن يُرشِدُ للنَّاسِ أمْرَهم على هذا الطَّريقِ، وهذا الدَّاعي يقولُ للناسِ: "استَقيموا على الصِّراطِ ولا تَعْوَجُّوا"،
أي: سِيروا عليه دونَ أنْ تَمِيلوا إلى الأطرافِ والجوانبِ، "وفوقَ ذلك داعٍ يَدْعو"،
أي: وهناك داعٍ آخَرُ فوقَ الدَّاعي الَّذي يَدْعو النَّاسَ على رأْسِ الصِّراطِ؛ وهذا الدَّاعي: "كلَّما همَّ عبْدٌ"،
أي: قصَدَ وأراد "أنْ يَفتَحَ شيئًا"،
أي: قدْرًا يَسيرًا "مِن تلك الأبوابِ"،
أي: مِن سُتورِها، "قال له"،
أي: هذا الدَّاعي: "وَيلَك" وهي كلمةُ تَرحُّمٍ وتَوجُّعٍ تُقال لمَن وقَعَ في هلَكةٍ لا يَستحِقُّها، ثم استُعمِلَت لِمُجرَّدِ الزَّجْرِ، "لا تَفتَحْه"،
أي: زجَرَه عن فتْحِه لهذه الأبوابِ، وحذَّرَه مِن ذلك؛ "فإنَّك إنْ تَفْتَحْه تَلِجْهُ"،
أي: لو فتَحْتَ هذه الأبوابَ لنْ تَستطيعَ أنْ تُمسِكَ نفْسَك عن الدُّخولِ، "ثم فسَّره"،
أي: فسَّر النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ هذا المَثَلَ؛ "فأخبَرَ أنَّ الصِّراطَ هو الإسلامُ"؛ وهو طريقٌ مُستقيمٌ، والمطلوبُ مِن العبْدِ الاستقامةُ عليه، "وأنَّ الأبوابَ المُفتَّحةَ مَحارِمُ
اللهِ"،
أي: الأمورُ التي حرَّمَها، والشُّبهاتُ الَّتي نَهى عنها العِبادَ؛ فإنَّها أبوابٌ للخُروجِ عن كَمالِ الإسلامِ والاستقامةِ، والدُّخولِ في العذابِ والملامةِ، فلا يقَعُ أحَدٌ في حُدودِ
اللهِ حتَّى يُكشَفَ السِّترُ الَّذي على تِلك الأبوابِ؛ فمَن انتَهَكَ المحارِمَ هتَكَ السُّتورَ، وقد قال
اللهُ تعالى:
{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا } [
البقرة: 187 ]، "والدَّاعي على رأْسِ الصِّراطِ هو القرآنُ" يَدْعو الناسَ إلى الاستقامةِ على أمْرِ
اللهِ عزَّ وجلَّ بما فيه مِن أوامِرَ ونواهٍ، وإرشاداتٍ وآدابٍ، وغيرِ ذلك ممَّا به يكونُ صلاحُ الناسِ وهِدايتُهم، "والدَّاعي مِن فوقِه هو واعظُ
اللهِ في قلْبِ كلِّ مُؤمنٍ"، قِيل: هي لَمَّةُ الملَكِ في قَلْبِ كلِّ مُؤمنٍ، واللَّمَّةُ الأُخرى هي لَمَّةُ الشَّيطانِ.
وفي الحديثِ: الأمرُ باتِّباعِ
القُرآنِ وما جاء فيه مِن أوامِرَ ونَواهٍ، والنَّهيُ عن الوُقوعِ في مَحارِمِ
اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: أنَّ
اللهَ سُبحانه جعَلَ للعِبادِ حواجِزَ تَمنَعُهم مِن الوُقوعِ في المعاصي
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم