شرح حديث الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه و يحمر وجهه و يقشعر
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
عن رَجُلٍ شَهِدَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخطُبُ فقال: تَدْرونَ ما الرَّقوبُ؟ قالوا: الذي لا وَلَدَ له، فقال: الرَّقوبُ كُلُّ الرَّقوبِ، الرَّقوبُ كُلُّ الرَّقوبِ، الرَّقوبُ كُلُّ الرَّقوبِ: الذي له وَلَدٌ فماتَ ولم يُقدِّمْ منهم شَيئًا، قال: تَدْرونَ ما الصُّعلوكُ؟ قالوا: الذي ليس له مالٌ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الصُّعلوكُ كُلُّ الصُّعلوكِ، الصُّعلوكُ كُلُّ الصُّعلوكِ: الذي له مالَ فماتَ ولم يُقدِّمْ منه شَيئًا.
قال: ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما الصُّرَعةُ؟ قال: قالوا: الصَّريعُ، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الصُّرَعةُ كُلُّ الصُّرَعةِ، الصُّرَعةُ كُلُّ الصُّرَعةِ: الرَّجُلُ يَغضَبُ فيَشتَدُّ غَضَبُه، ويَحمَرُّ وَجْهُه، ويَقشَعِرُّ شَعَرُه، فيَصرَعُ غَضَبَه.
الراوي : رجال من الصحابة | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 23115 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره دون قصة الصعلوك
التخريج : أخرجه أحمد ( 23115 )
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَنصَحُ أصحابَه ويُرشِدُهم ويُصوِّبُ لهمُ المَفاهيمَ الشائِعةَ إلى مَعانٍ شَرعيَّةٍ تَنفَعُهم في الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو حَصبةَ، أوِ ابنُ حَصبةَ: "عن رَجُلٍ شَهِدَ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَخطُبُ، فقال: تَدرونَ ما الرَّقوبُ؟ قالوا: الذي لا وَلَدَ له" الرَّقوبُ
في اللُّغةِ: الرَّجُلُ والمَرأةُ إذا لم يَعِشْ لهما وَلَدٌ؛ لأنَّه يَرقُبُ مَوتَه ويَرصُدُه؛ خَوفًا عليه، "فقال: الرَّقوبُ كُلُّ الرَّقوبِ، الرَّقوبُ كُلُّ الرَّقوبِ، الرَّقوبُ كُلُّ الرَّقوبِ: الذي له وَلَدٌ فماتَ ولم يُقدِّمْ منهم شَيئًا" والمَعنى: إنَّكم تَعتقِدونَ أنَّ الرَّقُوبَ هو المُصابُ بمَوتِ أولادِه في الدُّنيا، وليس هو كذلك شَرعًا، بل هو مَن لم يَمُتْ أحَدٌ مِن أولادِه في حَياتِه، فيَحتسِبَه، ويُكتَبَ له ثَوابُ مُصيبَتِه به وثَوابُ صَبرِه عليه، ويَكونَ له فَرَطًا وسَلَفًا.
"قال: تَدرونَ ما الصُّعلوكُ؟ قالوا: الذي ليس له مالٌ" يُريدونَ بذلك الفَقيرَ، فقال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: الصُّعلوكُ كُلُّ الصُّعلوكِ، الصُّعلوكُ كُلُّ الصُّعلوكِ: الذي له مالٌ فماتَ ولم يُقدِّمْ منه شَيئًا" فهو صُعلوكٌ في الآخِرةِ، فَقيرٌ إلى الثوابِ والأجْرِ، وقد كان في دُنياه يَملِكُ المالَ الذي لو أنفَقَه لَنَفَعه ولَحَصلَ الثَّوابُ والأجْرُ ورِفعةُ الدَّرَجاتِ، ولكِنَّه لم يَفعَلْ؛ فافتَقَرَ في الآخِرةِ وقَلَّ أجْرُه.
"قال: ثم قال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: ما الصُّرَعةُ؟ قال: قالوا: الصَّريعُ" ففَهِمَ الصَّحابةُ رَضيَ
اللهُ عنهم أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَسألُهم عنِ الصُّرَعةِ التي هي مِنَ الصَّرْعِ، وهو الذي يَصرَعُ ويَغلِبُ مَن يُصارِعُه مِنَ النَّاسِ، ولا يَصرَعونَه إلَّا نادِرًا، "قال: فقال رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: الصُّرَعةُ كُلُّ الصُّرَعةِ، الصُّرَعةُ كُلُّ الصُّرَعةِ: الرَّجُلُ يَغضَبُ فيَشتَدُّ غَضَبُه، ويَحمَرُّ وَجهُه" بسَبَبِ فَوَرانِ الدَّمِ فيه "ويَقشعِرُّ شَعرُه" فيَقِفُ شَعرُه ويَرتَعِدُ جِلدُ رأسِه "فيَصرَعُ غَضَبَه" فيَقهَرُ غَضَبَه مع شِدَّتِه وعُنفوانِه، فالصُّرَعةُ الحَقُّ والقَويُّ الحَقُّ هو الذي يَكظِمُ غَيظَه عِندَ ثَوَرانِ الغَضَبِ، ويُقاوِمُ نَفسَه ويَغلِبُها.
وهذا هو الفاضِلُ المَمدوحُ الذي قَلَّ مَن يَقدِرُ على التَّخلُّقِ بخُلُقِه ومُشارَكَتِه في فَضيلَتِه، بخِلافِ الأوَّلِ الذي يَغلِبُ الرِّجالَ.
وهذه الأسئلةُ بهذه الطَّريقةِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لِجَذبِ اهتِمامِ الناسِ إلى مَعرِفةِ حَقيقةِ الأُمورِ على عَكسِ ما يَعتَقِدونَه في الدُّنيا.
وفي الحَديثِ: فَضلُ الصَّبرِ على مَوتِ الأولادِ.
وفيهِ: فَضلُ مَن يَملِكُ نَفْسَه عِندَ الغَضَبِ، والحَثُّ على كَظمِ الغَيظِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم