أنَّ الضَّحَّاكَ بنَ قَيسٍ، أرسَلَ معهُ إلى مَروانَ بكِسوَةٍ، فقال مَروانُ: انظُروا مَن تَرَوْن بالبابِ؟ قال: أبو هُرَيرةَ.
فأذِنَ لهُ، فقال: يا أبا هُرَيرةَ حدِّثْنا بشيءٍ سمِعتَهُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
فقال: سمِعتُهُ يَقولُ: ليتَمَنَّيَنَّ أقوامٌ وُلُّوا هذا الأمْرِ أنَّهم خَرُّوا مِن الثُّرَيَّا وأنَّهم لم يَلوا شيئًا.
قال: زِدْنا يا أبا هُرَيرةَ.
قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: يَجري هلاكُ هذه الأُمَّةِ على يَدَيْ أُغَيلِمةٍ مِن قُريشٍ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 10737 | خلاصة حكم المحدث : حسن
التخريج : أخرجه البزار ( 9629، 9630 ) باختلاف يسير دون ذكر القصة في أوله، وقوله: "يَجري هلاكُ ..." أخرجه البخاري ( 3605 ) باختلاف يسير، ومسلم ( 2917 ) بنحوه
الإمارةُ وغَيرُها مِنَ الوِلاياتِ والمسؤوليَّاتِ الَّتي لا يَنتظِمُ صَلاحُ النَّاسِ، ولا يَتِمُّ مَعاشُهُم دونَها، وظاهرُها أنَّأصْحابَها مأْجورونَ عليها؛ إلَّا أنَّ فيها خطَرًا، والقيامُ بحُقوقِها عَسيرٌ، فلا يَنبَغي للعاقِلِ أنْ يَقتحِمَ عليها، ويَميلَ بطَبْعِه إليها؛ فإنَّ مَن زلَّتْ قدَمُه فيها عنِ الصَّوابِ وحَقيقةِ ما أقام نفْسَه فيه قدْ يَندفِعُ بها إلى فِتَنٍ تُودِي به إلى عَذابِ
اللهِ عزَّ وجَلَّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ يَزيدُ بنُ شَريكٍ أنَّ الضَّحَّاكَ بنَ قَيسٍ رضِيَ
اللهُ عنه أرسَلَ معه إلى مَرْوانَ بنِ الحكَمِ بكُسوةٍ، ولعلَّ ذلكَ قبْلَ أنْ يقَعَ بيْنَهمُ اقْتِتالٌ؛ فإنَّ مَرْوانَ بنَ الحكَمِ قتَلَ الضَّحَّاكَ رضِيَ
اللهُ عنه بِمَرْجِ راهِطٍ بعْدَ أنْ دَعا مَرْوانُ لنفْسِه بالخِلافةِ، ودَعا الضَّحَّاكُ لِخِلافةِ عبْدِ
اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، وذلكَ بعْدَ مَوتِ مُعاويةَ بنِ يَزيدَ بنِ مُعاويةَ الخليفةِ الثَّالثِ لِبَنِي أُمَيَّةَ.
فاستَأْذنَ أبو هُرَيرةَ رضِيَ
اللهُ عنه على مَرْوانَ،وكان يَزيدُجالسًاعِنده، فقال مَرْوانُ لخَدَمِه: انظُروا مَن تَرَونَ بالبابِ؟ فأخبَرَوه أنَّه أبو هُرَيرةَ رضِيَ
اللهُ عنه، فأذِنَ له، فلمَّا دخَلَ أبو هُرَيرةَ رضِيَ
اللهُ عنه طلَبَ مَرْوانُ مِنه أنْ يُحدِّثَه بحَديثٍ عن رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال أبو هُرَيرةَ رضِيَ
اللهُ عنه: سَمِعتُه يقولُ: «
لَيَتمنَّيَنَّ أَقْوامٌ»؛ وذلكَ في يَومِ القيامةِ، «
وَلُوا هذا الأَمْرَ»؛ والمرادُ بهم: الأُمَراءُ، والوُلاةُ، وكلُّ مَن تولَّى أمْرًا مِن أُمورِ المسلِمينَ، «
أنَّهم خَرُّوا»؛
أي: سقَطوا «
مِنَ الثُّرَيَّا» وهُم في الدُّنْيا، مُتمنِّيينَ أنَّهم لمْ يَلُوا شَيئًا مِن أُمورِ المسلِمينَ؛ لَمَّا رأَى الَّذينَ ظلَموا وخانوا في عَمَلِهِم عَذابَ
اللهِ يَومَ القيامةِ نَدِموا على ما عَمِلوا، فإنَّ مَن قام بها حقَّ القيامِ، وتَجنَّبَ فيها الظُّلمَ والحَيفَ؛ استَحقَّ به الثَّوابَ، ومَن عَمِلَ في رَعيَّتِه غَيْرَ ذلكَ استَحقَّ العقابَ يَومَ القيامةِ.
والثُّرَيَّا: نَجمٌ مَعروفٌ، يَطلُعُ معَ الفَجْرِ أوَّلَ فَصلِ الصَّيفِ عندَ اشْتِدادِ الحَرِّ في بلادِ الحِجازِ وابتداءِ نُضجِ الثِّمارِ.
فاستَزادَ مَرْوانُ مِن حَديثِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أبي هُرَيرةَ رضِيَ
اللهُ عنه، فقال أبو هُرَيرةَ رضِيَ
اللهُ عنه: سَمِعتُ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «
يَجري هَلاكُ هذه الأُمَّةِ»؛
أي: في المسلِمينَ، والمرادُ بالهلاكِ: ضَعْفُهم والتَّنكيلُ بهم، «
على يَدَيْ أُغَيْلِمةٍ»؛ جَمعُ قِلَّةٍ لغُلامٍ، وهو الشَّابُّ الَّذِي بَدَا شارِبُه، وهذا للدَّلالةِ على سَفاهةِ عقولِهم، وحَداثةِ أَسْنانِهم، يَنتسِبونَ لقُريشٍ، وقدْ وقَعَ ذلكَ في المسلِمينَ بالفِتَنِ، والاقتِتالِ الَّذي جرَى بيْنَ المسلِمينَ، والاستِئثارِ بالمالِ، والحُكمِ بغَيرِ حقِّ.
وفي الحَديثِ: ذمُّ الحِرصِ على تَولِّي الإمارةِ ونَحوِها.
وفيه: بَيانُ سُوءِ عاقِبةِ مَن تَولَّى أُمورَ النَّاسِ ولمْ يَقُمْ بِحُقوقِهم.
وفيه: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: تَحذيرٌ لِمَن يَتولَّى أمْرًا مِن أُمورِ المسلِمينَ، يكونُ سبَبًا في إيقاعِ الفِتَنِ بيْنَهم، وإضعافِ شَوكتِهم أمامَ أعدائِهِم.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم