لعَنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُخَنَّثي الرِّجالِ الَّذين يتَشبَّهون بالنِّساءِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ، المُتَشبِّهين بالرِّجالِ، والمُتَبتِّلين مِن الرِّجالِ، الَّذين يَقولون: لا نَتَزَوَّجُ، والمُتَبَتِّلاتِ مِن النِّساءِ، اللَّائي يَقُلنَ ذلك، وراكِبَ الفَلاةِ وَحْدَه.
فاشتَدَّ ذلك على أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى استَبانَ ذلك في وُجوهِهِم، وقال: البائِتَ وَحْدَه.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 7891 | خلاصة حكم المحدث : صحيح دون لعنة راكب الفلاة والبائت وحده
التخريج : أخرجه أبو داود ( 4098 )، والنسائي في ( (السنن الكبرى )) ( 9253 ) بنحوه مختصراً، وابن ماجه ( 1903 ) مختصراً باختلاف يسير، وأحمد ( 7891 ) واللفظ له
جبَلَ
اللهُ تعالَى الرِّجالَ على خِلقةٍ وطِباعٍ تَتَمايَزُ عن جِبِلَّةِ النِّساءِ وخِلقَتِهِنَّ، وهذه خِلْقةُ
اللهِ، لا تَبديلَ لِخِلْقَتِه تعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لعَنَ المُخَنَّثينَ مِن الرِّجالِ، واللَّعنُ هو الطَّردُ مِن رَحمةِ
اللهِ، والمُرادُ بالمُخَنَّثينَ: الَّذين يَتشَبَّهونَ بالنِّساءِ، ويَتخَلَّقونَ بأخْلاقِهِنَّ، ومنه ما كان خِلْقةً وجُبِلَ عليه، ومنه ما كان تَكلُّفًا وتَصنُّعًا، فإذا كان ذلك خِلْقةً في الإنْسانِ فلا دَخْلَ له فيه، وإذا كان تَصنُّعًا وتَشبُّهًا، وليس خِلْقةً فيه، فهذا هو المُحَرَّمُ الَّذي يُؤاخَذُ عليه الإنْسانُ، ولعَنَ أيضًا النِّساءَ المتشبِّهاتِ بالرِّجالِ في أفعالِهِم الخاصَّةِ بهمْ.
كما لعَن رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَبتِّلينَ مِن الرِّجالِ، والمُتَبتِّلاتِ مِن النِّساءِ، الَّذين يقولونَ: لا نَتزوَّجُ، بحُجَّةِ الانقِطاعِ للعِبادةِ، وقدْ قال
اللهُ تعالَى:
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } [
الرعد: 38 ]،
أي: إنَّ الرُّسلَ الكِرامَ كانوا يَأْتونَ الزَّوجاتِ، ويُولَدُ لهمْ، مع ما حَمَلوا مِن أعباءِ الرِّسالةِ، وكُلِّفوا مِن الدَّعوةِ إلى
اللهِ، فيكونُ التَّبتُّلُ مُخالِفًا لهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، والأنْبياءِ السَّابِقينَ، عِلاوةً على أنَّ الإسلامَ دِينُ تَعميرٍ للحياةِ، ولا رَهْبانيَّةَ فيه.
ثمَّ بيَّنَ أبو هُرَيْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لعَنَ «
راكبَ الفَلاةِ وَحْدَه»، وهو المُسافرُ وَحْدَه في الصَّحْراءِ؛ وذلك لِمَا في السَّفرِ مُنفَرِدًا مِن مَعنى الوَحْشةِ؛ ولأنَّ الشَّيطانَ يَطمَعُ فيه، كما يَطمَعُ فيه اللُّصوصُ، ويَطمَعُ فيه السَّبُعُ، والمُنفرِدُ وَحْدَه في السَّفرِ إنْ مات لم يكُنْ بحَضْرَتِه مَن يَقومُ بأمْرِه مِن غَسْلِه، ودَفْنِه، وتَجهيزِه، وحَمْلِ تَرِكَتِه إلى أهْلِه، وليس معَه في سَفرِه مَن يُعينُه على الحُمُولةِ، فإذا كان المُسافِرونَ جَماعةً تَعاوَنوا، وتَناوَبوا المَهامَّ والحِراسةَ، وصلَّوْا جَمَاعةً، وهذا أفضَلُ، وهذا إرشادٌ نَبويٌّ للتَّجمُّعِ عندَ السَّفرِ.
فلمَّا سَمِع أصْحابُ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك؛ اشتَدَّ عليهمُ الأمرُ حتَّى ظَهَر أثَرُ ذلك في وُجوهِهم؛ لأنَّهم كانوا كَثيري السَّفرِ، فلمَّا رأَى النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ حُزنَهم، قال: «
والبائتُ وَحْدَه»،
أي: هو مَلعونٌ أيضًا، سَواءٌ بات في بَيتِه، أو في غيرِه، ولعلَّ النَّهيَ لِمَا يَتولَّدُ له مِن الوَحْشةِ؛ ولأنَّه قد يَحتاجُ في اللَّيلِ إلى غيرِه؛ لطارِقٍ يَطرُقُه مِن مَرَضٍ، أو لِصٍّ، أوِ اسْتيحاشٍ، والمَرأةُ في ذلك مِثلُ الرَّجلِ، وهو أيضًا إشْفاقٌ على الفَردِ مِن الشَّياطينِ؛ لأنَّه وقْتُ انتِشارِهم وأذاهمْ للبشَرِ بالتَّمثيلِ لهم، وما يُفزِعُهم، ويُدخِلُ في قُلوبِهمُ الوَساوِسَ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على اجتِماعِ النَّاسِ، ومُؤانَسَتِهم لبَعضِهم.
وفيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ على حِفظِ المُسلِمِ مِن أنْواعِ الضَّرَرِ والأذى.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم