حديث صدق الله فصدقه

أحاديث نبوية | الجامع الصغير | حديث شداد بن الهاد الليثي

«صدقَ اللهَ فصدقَهُ»

الجامع الصغير
شداد بن الهاد الليثي
السيوطي
صحيح

الجامع الصغير - رقم الحديث أو الصفحة: 4971 -

شرح حديث صدق الله فصدقه


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ رجلًا مِنَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِهِ واتَّبعَهُ، ثمَّ قالَ: أُهاجرُ معَكَ، فأوصى بِهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعضَ أصحابِهِ، فلمَّا كانَت غزوةٌ غنمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ سبيًا، فقسمَ وقسمَ لَهُ، فأعطى ما قسمَ لَهُ، وَكانَ يرعى ظَهْرَهُم، فلمَّا جاءَ دفعوهُ إليهِ، فقالَ: ما هذا؟ قالوا: قَسمٌ قَسمَهُ لَكَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فأخذَهُ فجاءَ بِهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: ما هذا؟ قالَ: قَسمتُهُ لَكَ، قالَ: ما علَى هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أرمى إلى ههُنا، وأشارَ إلى حَلقِهِ بسَهْمٍ، فأموتَ فأدخلَ الجنَّةَ فقالَ: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهَضوا في قتالِ العدوِّ، فأتيَ بِهِ النَّبيُّ يحملُ قَد أصابَهُ سَهْمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ: أَهوَ هوَ؟ قالوا: نعَم، قالَ: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ، ثمَّ كفَّنَهُ النَّبيُّ في جبَّةِ النَّبيِّ، ثمَّ قدَّمَهُ فصلَّى علَيهِ، فَكانَ فيما ظَهَرَ من صلاتِهِ: اللَّهمَّ هذا عبدُكَ خرجَ مُهاجِرًا في سبيلِكَ فقُتلَ شَهيدًا أَنا شَهيدٌ على ذلِكَ
الراوي : شداد بن الهاد الليثي | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 1952 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه النسائي ( 4/60 )، وعبد الرزاق في ( (المصنف )) ( 3/545 )، والطبراني في ( (الكبير )) ( 7/271 ) باختلاف يسير.



كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم أكثرَ المُسلِمينَ إخلاصًا وصِدقًا مع اللهِ سبحانَه، وأحْرَصَهم على الشهادةِ في سَبيلِ اللهِ تعالى؛ لِمَا في قُلوبِهم من الإيمانِ بوعدِ اللهِ تعالى، وقد كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَرعَى حديثي الإسلامِ ويُوجِّههم إلى ما فيه الصَّلاحُ.
وفي هذا الحديثِ يخبِرُ شدَّادُ بنُ الهادِ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا مِن الأعرابِ"، والأعرابُ هم سُكَّانُ الباديَةِ مِن العرَبِ، "جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فآمَن به واتَّبَعه"، أي: إنَّ هذا الرَّجُلَ قَدِم مِن الباديةِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فأَسْلَمَ وآمَنَ بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم، واتَّبَعه على الهُدَى ودِينِ الحَقِّ، ثمَّ قال الرَّجلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أُهاجِرُ معَك"، أي: أَترُكُ بادِيَتي وأذهَبُ معَك إلى المدينةِ، وطلَب الرَّجُلُ هذا لِمَا عَلِمَه مِن الثَّوابِ الَّذي أعَدَّه اللهُ للمُهاجِرين، "فأوصى به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعْضَ أصحابِه"، فأَذِن له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الهِجرةِ، وأمَر أصحابَه به خيرًا؛ لِيُساعِدوه ويَهتمُّوا لأمرِه؛ لِمَا رآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الرَّجلِ مِن استِعْدادٍ للهجرةِ، وتحَمُّلِ المشاقِّ في سَبيلِ اللهِ، وقد ورَد في حديثٍ آخَرَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يأذَنْ لرَجلٍ مِن الأعرابِ بالهِجرةِ؛ وهذا محمولٌ على أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم كانَ يُعامِلُ كلَّ واحدٍ بما يُناسِبُ حالَه؛ فلَعلَّه عَلِمَ أنَّه لا يتَحمَّلُ مشَقَّةَ الهِجرةِ، فلم يأذَنْ له، وأذِنَ لهذا الذي عَلِمَ أنَّه يَتحمَّلُ، "فلمَّا كانتْ غزوةٌ غَنِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سَبْيًا"، أي: فلمَّا جاءتْ غزوةٌ، وخرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للقِتالِ فيها وأصاب غَنيمةً فيها أُسارى، "فقَسَم وقسَم له، فأعْطَى ما قسَم له"، أي: قسَم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الغَنيمةَ إلى أجزاءٍ؛ لِيُعطيَ كلَّ واحدٍ نصيبَه، وقسَم للرَّجلِ حقَّه مِن الغنيمةِ، وأعطى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصحابِه نَصيبَه لِيُعْطوه له، "وكان يَرْعى ظَهْرَهم"، أي: وكان الرَّجلُ يَعمَلُ على رعْيِ الإبلِ، "فلمَّا جاء دَفَعوه إليه"، أي: فلمَّا جاء مِن رَعْيِه وعمَلِه أعطَوْه حظَّه ونَصيبَه مِن الغَنيمةِ، "فقال: ما هذا؟"، أي: سأَلهم ما هذا الَّذي أعطَيتُموني، "قالوا: قَسْمٌ قسَمه لك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: هذا نَصيبُك وحقُّك الَّذي قسَمه لك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الغَنيمةِ، "فأخَذه، فجاء به إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: إنَّ الرَّجلَ أخَذ نَصيبَه مِن الغَنيمةِ، وأتى به النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقال: ما هذا؟"، أي: سأَل النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ما هذا؟ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "قسَمتُه لك"، أي: هذا نَصيبُك مِن الغَنائمِ الَّتي قُسِمَت، قال الرَّجلُ: "ما على هذا اتَّبعتُك"، أي: ما اتَّبعتُك، وآمنتُ بك، وهاجرتُ معَك مِن أجْلِ الحُصولِ على الغنائمِ، "ولكنِّي اتَّبعتُك على أن أُرْمى إلى هَاهنا- وأشار إلى حَلْقِه- بسَهمٍ، فأموتَ فأَدخُلَ الجنَّةَ"، أي: إنَّما اتَّبعتُك على أن أُجاهِدَ معَك، وأُقاتِلَ أعداءَ اللهِ فأُرْمَى بسَهمٍ، وأشار الرَّجلُ إلى مكانِ حَلْقِه، واستُشهِد فأُدخِلَ الجنَّةَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنْ تَصُدُقِ اللهَ يَصْدُقْكَ"، أي: إنْ كنتَ صادِقًا في قولِك ونيَّتِك هذه، فإنَّ اللهَ يُجازيك على هذا الصِّدْقِ ما تتَمنَّاه مِن الموتِ في سَبيلِه.
قال الرَّواي: "فلَبِثوا قليلًا"، أي: مكَث النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم والصَّحابةُ مُدَّةً قليلةً، "ثمَّ نهَضوا في قِتالِ العَدوِّ"، أي: قاموا للخروجِ لقتالِ العدوِّ مُسرِعين، "فأُتي به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحمَلُ قد أصابه سهمٌ حيث أشار"، أي: جيءَ بهذا الرَّجلِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مَحمولًا مَقتولًا بسَهمٍ في حَلْقِه، وهو المكانُ الَّذي كان يُشيرُ إليه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وتمنَّى أن يُرْمى فيه بسَهمٍ؛ لِيَكون شهيدًا ويَدخُلَ الجنَّةَ، فقال النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لأصحابِه: "أهو هو؟!"، أي: أهو هو هذا الرَّجلُ الَّذي قال ما قال؟ "قالوا: نعَم" هو هو الرَّجلُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "صَدَق اللهَ فصَدَقه"، أي: كان فيما قال صادقًا مخلِصًا؛ ولذا صدقَه اللهُ وأنجَز له ما تَمنَّاه من الاستشهادِ في سَبيلِه.
قال: "ثمَّ كفَّنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في جُبَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: جعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كفَنَه الَّذي كفَّنه فيه جُبَّتَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ويَحتمِلُ أن يكونَ تَكفينُه فيه لالْتِماسِ برَكةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وإلَّا فإنَّ تَكفينَ الشُّهداءِ يكونُ في ثِيابِهم، "ثمَّ قدَّمه فصلَّى عليه"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وضَع جُثْمانَ الرَّجلِ قُدَّامَه، وبينَ يدَيْه؛ لِيُصلِّيَ عليه صَلاةَ الجنازةِ، "فكان فيما ظهَر مِن صَلاتِه"، أي: كان فيما ظهَر في دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في صَلاتِه: "اللَّهمَّ هذا عبدُك، خرَج مُهاجِرًا في سَبيلِك"، أي: يا ربِّ هذا عبدُك، ترَك أهْلَه ومالَه، وهاجَر ابتِغاءَ وجْهِك ومَرْضاتِك، "فقُتِل شَهيدًا"، أي: خرَج للقِتالِ فقُتِل شَهيدًا؛ "أنا شهيدٌ على ذلك"، وفي هذا فضلٌ عظيمٌ ومنقبةٌ جليلةٌ لهذا الرجُلِ رضِيَ اللهُ عنه.
وقد استُدلَّ بهذا الحديثِ على مَشروعيَّةِ الصَّلاةِ على الشَّهيدِ.
وفي الحديثِ: فَضلُ الصِّدقِ مع اللهِ تعالى، وأنَّه سببٌ لتحقيقِ ما يُرجَى من الخيرِ.
وفيه: بيانُ شِدَّةِ عِنايةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأصحابِه، خصوصًا الغُرباءَ، حيثُ أمَرَ بعضَ أصحابِه بالقِيامِ على شأنِ هذا الأعرابيِّ؛ تهوينًا عليه مِن أمْرِ الغُربةِ، وتقويةً لدِينِه .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح الأدب المفردعن أبي الدرداء أنه كان يقول للناس نحن أعرف بكم من البياطرة بالدواب
فتح الباري لابن حجرأنه صلى الله عليه وسلم لما أفاض من مزدلفة استمر راكبا إلى أن
مسند الإمام أحمدقال عمر يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فرغ
مسند الإمام أحمدأن عمر قال يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أمر مبتدع أو
مسند أحمد تحقيق شاكرأن رجلا أتى ابن عباس فقال إني رميت بست أو سبع قال ما
مسند الإمام أحمدأن رجلا أتى ابن عباس فقال إني رميت بست أو سبع قال ما
الصحيح المسندإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قيل وما استعمله قال
صحيح الأدب المفردإنه لا بأس بالغنى لمن اتقى و الصحة لمن اتقى خير من
البحر الزخارخرجنا معه في جنازة عبد الرحمن بن سمرة وزياد يمشي أمام الجنازة
الصحيح المسندجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال
الإفصاح عن أحاديث النكاحتزوجوا الولود الودود
تخريج سنن أبي داودكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تزوجوا الودود الولود إني مكاثر


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, July 16, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب