بيْنَما نَحْنُ في سَفَرٍ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ رَجُلٌ علَى رَاحِلَةٍ له، قالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا زَادَ له.
قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ ما ذَكَرَ، حتَّى رَأَيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1728 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
التَّعاونُ وبَذلُ الخيرِ للغيرِ فِطرةٌ جِبليَّةٌ، خَلَقَها
اللهُ في جَميعِ مَخلوقاتِه، وقدْ حَضَّ
اللهُ عزَّ وجلَّ عليه وأمَرَ به، وعَلَّم النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ
اللهُ عنهم كَيفيَّةَ التَّعاوُنِ والتَّآزُرِ؛ لِما فيه مِن نَشرِ المؤاخاةِ والمحبَّةِ بيْنَ النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّهم كانوا في سَفَرٍ مع رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاءَه رَجُلٌ على "راحِلَةٍ له" وهي الدَّابَّةُ الَّتي اتُّخِذَت للسَّفرِ والرُّكوبِ عليها، فشَرَع الرَّجلُ في الالتفاتِ يَمِينًا وشِمالًا ببَصرِه، والمعنى: كانت راحلتُه ضَعيفةً لم يَقدِرْ أنْ يَركَبَها، ويَمْشي مُترجِّلًا، ويَسقُطُ مِن الضَّعفِ، ويَحتمِلُ أنْ تكونَ راحلتُه قَويَّةً، إلَّا أنَّها قدْ حَمَل عليها زادَهُ، ولم يَقدِرْ أنْ يَركَبَها مِن ثِقَلِ حَملِها، فلمَّا رآهُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ على تلك الحالِ، قال في أصحابِهِ: مَن كان معه «
فَضْلُ ظَهْرٍ»
أي: رَكوبةٌ زائدةٌ عمَّا يَركَبُها، والمرادُ بالظَّهرِ: الدَّابَّةُ وما في مَعناها مِن الوسائلِ الحديثةِ والمعاصِرةِ، كالسَّيَّارةِ ونحوِها، «
فَلْيَعُدْ به»
أي: فلْيَتصدَّقْ به ويُعْطِه إلى مَن لا يَملِكُ ما يَسيرُ به ويَحمِلُه، «
ومَن كان له فَضْلُ زادٍ»، وهو ما فَضَل مِن طَعامٍ مِنْه «
فَلْيَعُدْ» لَيَجُدْ بذلك الفاضلُ وليَرجِعْ بالإحسانِ به على المحتاجِ إليه.
وأخبَرَ أبو سَعيدٍ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَر مِن «
أصنافِ المالِ» كالثَّوْبِ والنِّعالِ والقِرْبَةِ والماءِ والخَيْمَةِ والنُّقُودِ ونحوِها، حتَّى ظنَّ الصَّحابةُ رَضيَ
اللهُ عنهم وفَهِموا مِن أمرِه هذا «
أنَّه لا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ»، يعني: أنَّ الإنسانَ ليْس له حقٌّ في إمساكِ ما زاد على حاجتِه مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ والرَّحْلِ وغيرِ ذلك، وهذا كلُّه مِن بابِ الإيثارِ، وهكذا الحُكمُ إذا نَزَلَت حاجةٌ أو مَجاعةٌ، في السَّفرِ أو في الحضَرِ؛ واسَى المسْلمُ بما زاد على كِفايةِ تلك الحالِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الصَّدَقَةِ، والمُواساةِ والإحسانِ إلى الرُّفْقَةِ والأصحابِ والاعتِناءِ بِمَصالِحِهم، والسَّعْيِ في قَضاءِ حاجةِ المُحتاجِ.
وفيه: التَّعرُّضُ لسُؤالِ النَّاسِ، وإنْ كان للسَّائلِ راحلةٌ، وعليه ثِيابٌ.
وفيه: أنَّه يَكفي في حاجةِ المحتاجِ بتَعرُّضِه للعطاءِ، وتَعريضُه مِن غيرِ سُؤالٍ.
وفيه: مُواساةُ ابنِ السَّبيلِ والصَّدَقةُ عليه إذا كان مُحتاجًا.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم