إنها حرم آمن

خصَّ اللهُ سُبحانَه وتعالَى بعضَ بِقاعِ الأرضِ بِبَركاتٍ لم يَجعَلْها في غيرِها، وجعَلَ بعضَها مَوطِنَ الشُّرورِ والفِتنِ، وبعضَها مَوطِنَ الخيرِ والبَرَكاتِ، وقدِ اختُصَّتِ المدينةُ النبويَّةُ بكثيرٍ منَ الخيرِ والبَرَكةِ.
وفي هَذا الحَديثِ يَرْوي الصَّحابيُّ الجَليلُ سَهلُ بنُ حُنَيْفٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشارَ إلى المدينةِ بيَدِه، ثُمَّ قالَ: «إنَّها حَرَمٌ آمِنٌ»، فجعَلَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -كما في رِوايةٍ أُخْرى لمسلِمٍ-: «حَرامًا ما بينَ مَأْزِمَيْها ألَّا يُهراقَ فيها دمٌ، ولا يُحمَلَ فيها سِلاحٌ لقتالٍ، ولا تُخبَطَ فيها شَجرةٌ إلَّا لعلَفٍ»، وهو اسمٌ للحَشيشِ والتِّبْنِ والشَّعيرِ ونحوِه، وفي رِوايةٍ أُخْرى في صَحيحِ مُسلمٍ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنِّي أُحرِّمُ ما بينَ لَابَتَيِ المدينةِ أنْ يُقطَعَ عِضاهُها، أو يُقتَلَ صيدُها»، يَعني: أنَّها مَنهيٌّ عنْ قَطعِ شَجرِها وقَتلِ صَيدِها.
وحَرَمُها ما بيْنَ لابتَيْها -وهُما الحرَّتانِ الشَّرقيَّةُ والغَربيَّةُ- والحَرَّةُ هي الأرضُ ذاتُ الحِجارةِ السُّودِ كأنَّها أُحرِقَتْ بالنَّارِ، ويَحُدُّ المدينةَ شَمالًا جَبلُ ثَوْرٍ خَلفَ أُحدٍ، وجَنوبًا جَبلُ عَيْـرٍ.