حديث يا رسول الله إني حديث عهد بعرس فقال أبكرا تزوجتها أم ثيبا

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث جابر بن عبدالله

«كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في غَزَاةٍ، فَلَمَّا أَقْبَلْنَا تَعَجَّلْتُ علَى بَعِيرٍ لي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ خَلْفِي، فَنَخَسَ بَعِيرِي بعَنَزَةٍ كَانَتْ معهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجْوَدِ ما أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإبِلِ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ما يُعْجِلُكَ يا جَابِرُ؟ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي حَديثُ عَهْدٍ بعُرْسٍ، فَقالَ: أَبِكْرًا تَزَوَّجْتَهَا، أَمْ ثَيِّبًا؟ قالَ: قُلتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قالَ: هَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ. قالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقالَ: أَمْهِلُوا حتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا -أَيْ عِشَاءً- كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ. قالَ: وَقالَ: إذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الكَيْسَ.»

صحيح مسلم
جابر بن عبدالله
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 715 - أخرجه البخاري (5079)، ومسلم (715).

شرح حديث كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فلما أقبلنا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

الزَّواجُ فِطرةٌ وسُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ تعالَى الكونيَّةِ، وله مَصالحُ شَرعيَّةٌ كَثيرةٌ، وقدِ اهتمَّ شَرعُنا الحَنيفُ بتلك الفِطرةِ، وحَثَّ عليها، ورغَّبَ فيها، ودلَّنا على كَيفيَّةِ الاخْتيارِ، وأسْبابِ الحِفاظِ على تلك النِّعمةِ الجَليلةِ بحُسْنِ الخُلقِ، وطِيبِ العِشرةِ بيْنَ الرَّجلِ وأهْلِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم كانوا معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةٍ خارجَ المدينةِ، قيلَ: كان ذلك في فَتحِ مكَّةَ، وإنَّهم كانوا راجِعينَ منها إلى المدينةِ، وفي طَريقِ عَودَتِهم إلى المدينةِ كان جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه مُستَعجِلًا، وأسرَعَ السَّيْرَ على جَمَلٍ له، وكان الجمَلُ قَطُوفًا، أي: بَطيءَ المَشيِ معَ تَقارُبِ الخَطوِ، فلَحِقَه أحدٌ من خَلفِه، فنخَسَ بَعيرَه، أي: طعَنَ الجمَلَ وضرَبَه في مُؤخِّرتِهِ لِيُسرِعَ مِن سَيْرِهِ، «بِعَنَزةٍ كانت معَه»، والعَنَزةُ هي عصًا قَصيرةٌ تُشبِهُ الرُّمحَ، في آخِرِها حَديدةٌ عَريضةٌ، فأسرَعَ الجمَلُ في السَّيْرِ، واشتَدَّ في الحركةِ، «كأَجْوَدِ ما أنتَ رَاءٍ مِنَ الإبلِ»، أي: كأفضَلِ وأسرَعِ ما تَرى مِنَ الجِمالِ.
فالتفَتَ جابرٌ وأدارَ رأسَه لِينظُرَ مَنِ الَّذي طعَنَ جَملَه فأسرَعَ سَيْرَهُ، فوجَدَهُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن سَبَبِ استِعجالِه وإسْراعِه في السَّيْرِ، فأجابَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه «حديثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ»، أي: قد تزوَّجَ منذُ زمنٍ قريبٍ، فسأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هل تزوَّجْتَ بِكْرًا، وهي الَّتي لم تَتزوَّجْ مِن قَبلُ، أمْ ثَيِّبًا -وهي الَّتي سَبَقَ لها الزَّواجُ-؟ فأخبَرَه جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تزوَّجَ امرأةً قدْ تزوَّجَتْ مِن قبلُ، وليستْ بِكرًا، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «هلَّا جاريةً»، والمرادُ بها البِكرُ، يُرغِّبُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في زَواجِ الأبْكارِ، «تُلاعِبُها وتُلاعِبُكَ»، أي: تَلعَبُ معَها، وتَلعَبُ معَكَ، وتُلاطِفُها وتُلاطِفكَ؛ فإنَّ الثَّيِّبَ قدْ تكونُ مُتعلِّقةَ القَلْبِ بزَوجِها الأوَّلِ، بخِلافِ الصَّغيرةِ الَّتي لم يَسبِقْ لها الزَّواجُ؛ فإنَّ قَلْبَها غالبًا ما يَتعلَّقُ بأوَّلِ زَوْجٍ لها، فتَنشَطُ له وتَسْعى في سَعادتِه، وغيرُ ذلك مِنَ المواصَفاتِ الَّتي تُعرَفُ بها البِكْرُ، وتَتَقدَّمُ بها على الثَّيِّبِ، وفي الصَّحيحَينِ: «قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، تُوفِّيَ والِدي أوِ استُشهِدَ ولي أخَواتٌ صغارٌ، فكرِهْتُ أنْ أتزوَّجَ مثلَهنَّ، فلا تؤدِّبُهنَّ، ولا تَقومُ عليهنَّ، فتزوَّجْتُ ثَيِّبًا لتَقومَ عليهنَّ وتؤدِّبَهنَّ».
وزادَ في مُسلمٍ: «فبارَكَ اللهُ لكَ أو قال لي خَيرًا».
ثُمَّ أخبَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم لمَّا رجَعوا إلى المدينةِ، همُّوا وأسْرَعوا ليَدخُلوا على أهْليهم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَمْهِلُوا»، أي: اصْبِروا وانتَظِروا، ولا تَدخُلوا الآنَ على أهْليكم، «حتَّى ندخُلَ ليلًا، أي عِشاءً»، أي: بَعدَ صلاةِ العِشاءِ؛ وعلَّلَ ذلك التَّأخيرَ فقال: «كَيْ تَمتَشِطَ»، أي: لكيْ تُهذِّبَ شَعرَ رأسِها وتُجمِّلَه، «الشَّعِثةُ»، أي: الَّتي تَفرَّقَ شَعرُ رأسِها، فأصبَحَ قَبيحَ الهيئةِ، «وتَستَحِدَّ المُغِيبةُ»، فتَستخدِمَ المُوسَى الحديدَ لإزالةِ شَعرِ العانَةِ، والمُغِيبةُ: هي الَّتي غابَ عنها زوجُها، والمقصودُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَعَهم أنْ يُسرِعوا الدُّخولَ على أهْليهم، وأمَرَهم أنْ يَنتَظِروا إلى اللَّيلِ؛ لكيْ يُعْطوا النِّساءَ فُرصةً لكيْ يَتَجَهَّزْنَ لهم، ويُصْلِحْنَ مِن هَيئتهِنَّ وشُعورهِنَّ، وَيَتَجَمَّلْنَ لهم، ويَستَعدِدْنَ لاستِقبالِهم، ثُمَّ أوْصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جابرًا رَضيَ اللهُ عنه فقال له: «إذا قَدِمْتَ»، أي: إذا دخلْتَ على أهلِكَ، «فالْكَيْسَ الْكَيْسَ»، قيلَ: يَعني الجِماعَ، كأنَّه يَحُثُّهُ على الجِماعِ، وقيلَ: بلْ أرادَ ما هو أَخَصُّ مِن ذلك، وهو الوَلَدُ، فكأنَّه يُرغِّبُهُ في ابتغاءِ الولدِ، وقيلَ: هو العقلُ والحِلْمُ، كأنَّه يقولُ له: عليكَ بالعقلِ والحِلْمِ إذا دخَلْتَ على أهلِكَ، فراعِ حالَهم مِن حيثُ الطُّهرُ والحَيضُ.
وفي الحَديثِ: حُسنُ عِشرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحابِه، واهْتمامُه بشُؤونِهم، وسُؤالُه عليهم.
وفيه: فَضلُ نِكاحِ البِكرِ.
وفيه: فَضلُ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه، حيثُ خرَجَ للجهادِ وهو حديثُ عهدٍ بعُرسٍ.
وفيه: بيانُ بعضِ آدابِ العائدِ مِنَ الغَزْوِ والسَّفَرِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع
صحيح مسلمكتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفي عني فقال ولد
صحيح مسلمقال عبد الله إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث
صحيح مسلمعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إن في البحر شياطين مسجونة
صحيح مسلمأتي ابن عباس بكتاب فيه قضاء علي رضي الله عنه فمحاه إلا قدر
صحيح مسلممن صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا
صحيح مسلمأتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله ما الموجبتان
صحيح مسلمقال علي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله
صحيح مسلمقلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا
صحيح مسلمما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان
صحيح مسلمليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر
صحيح مسلمالإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب