قال
اللهُ تعالى:
{ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [
النساء: 103 ]،
أي: محدودًا بوقتٍ معلومٍ؛ ومِن أَجْلِ ذلك كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَهُ مواقيتَ الصَّلاةِ بِدِقَّةً شديدةٍ، حيث بَيَّنَ لهم مِيعادَ كُلِّ صلاةٍ على حِدَةٍ.
وفي هذا الحديثِ يقول التَّابعيُّ الجليلُ سَيَّارُ بنُ سلامةَ الرِّيَاحِيُّ: "سَمِعْتُ أَبي يسألُ أبا بَرْزَةَ"، وهو الصَّحابيُّ الجليلُ أبو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، "عن صَلاةِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم"،
أي: عن مواقيتِ الصَّلواتِ؛ متى كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّيها؟ "قال"،
أي: قال شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ لِسَيَّارِ بنِ سلامةَ: "قُلْتُ: آنتَ سَمِعْتَه؟"،
أي: هل أنتَ سمِعتَ أباك يسألُ أبا بَرْزَةَ؟ قال "فقال"،
أي: سَيَّارُ بنُ سلامةَ: "كأنَّما أَسمعُكَ السَّاعَةَ"،
أي: سمعتُهُ مِثلَما أَسْمَعُكَ الآنَ، "قال"،
أي: سَيَّارُ بنُ سلامةَ، "سمِعتُ أَبي يسألُهُ عن صلاةِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم"،
أي: سمِعتُ أَبي سلامةَ الرِّيَاحِيَّ يسأل أبا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيَّ عن صلاةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم متى كان يُصلِّيها، "فقال"،
أي: أبو بَرْزَةَ، "كان لا يُبالي بَعْضَ تأخيرِها"،
أي: كان لا يَكْتَرِثُ أنْ يُؤخِّرَ صلاةَ العِشاءِ، والمعنى: أنَّه كان يُؤخِّرها أحيانًا وأحيانًا لا يُؤخِّرها، "قال:
يَعني العِشاءَ"،
أي: صلاةَ العِشاءَ، "إلى نِصْفِ اللَّيلِ"،
أي: يُؤخِّرُ صلاةَ العِشاءِ إلى نِصْفِ اللَّيلِ، "ولا يُحِبُّ النَّومَ قَبْلَها"،
أي: ولا يحبُّ النَّومَ قَبْلَ صَلاةِ العِشاءِ؛ وذلك لِئلَّا يَغلِبَ النَّومُ المرءَ، فتفوتَهُ الصَّلاةُ، "ولا الحديثَ بَعْدَها"،
أي: وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم لا يُحِبُّ السَّمَرَ بَعْدَ صلاةِ العِشاءِ؛ وذلك لِأَنَّ السَّمَرَ بَعْدَ العِشاءِ والإفراطَ في الحديثِ والكلامِ يُؤدِّي إلى السَّهَرِ، وقِلَّةِ النَّومِ؛ ممَّا يَجْعَلُ المرءَ يَكْسَلُ عَنِ الطَّاعاتِ نهارًا، "قال شُعْبَةُ: ثمَّ لَقِيتُهُ"،
أي: لَقِيَ سَيَّارَ بنَ سلامةَ، "بَعْدُ"،
أي: بَعْدَ ذلك، "فسألتُهُ"،
أي: فسأل شُعبةُ سَيَّارًا عن مواقيتِ صلاةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم، "فقال"،
أي: سَيَّارٌ، "وكان يُصلِّي الظُّهرَ حين تَزولُ الشَّمسُ"،
أي: وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الظُّهرَ حين تَميلُ الشَّمسُ عن وَسَطِ السَّماءِ، وتَبدأُ في الزَّوالِ، "والعَصْرَ يذهَبُ الرَّجُلُ إلى أقصى المدينةِ، والشَّمسُ حَيَّةٌ"،
أي: وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي العصرَ والشَّمسُ لا تَزالُ قويَّةً، ولها حرارةٌ وشُعاعٌ، حيثُ يذهَبُ الرَّجُلُ بَعْدَمَا يُصلِّي العصرَ إلى أقصى المدينةِ، والشَّمسُ لا تَزالُ بِقوَّتِها وحرارتِها، "قال: والمَغرِبَ لا أَدري أيَّ حِينٍ ذَكَرَ"،
أي: وقال شُعبةُ: ولا أَذْكُرُ ما قال لي سَيَّارٌ عن وقتِ صلاةِ المغربِ؛ فقدْ نسيتُ، "قال: ثمَّ لَقِيتُهُ بَعْدُ، فسألتُهُ"،
أي: ثمَّ لَقِيَ شُعبةُ سَيَّارًا بَعْدَ ذلك، فسألَه عن بَقِيَّةِ مواقيتِ الصَّلواتِ، "فقال"،
أي: سَيَّاٌر، "وكان يُصلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجلُ، فينظُرُ إلى وَجْهِ جَليسِهِ الَّذي يَعرِفُ، فيَعرِفُه"،
أي: وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الصُّبحَ حين يكون الضَّوْءُ قد بَزَغَ، فإذا انتهينا مِنَ الصَّلاةِ فَنَظَرَ أحدُنا إلى وَجْهِ مَنْ بِجوارِهِ عَرَفَهُ؛ لِأَنَّ الصُّبْحَ قد طَلَعَ، واتَّضَحَ النَّهارُ، فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ ظَلامٌ، "قال"،
أي: سَيَّارٌ، "وكان يَقرأُ فيها بالسِّتِّينَ إلى المِئةِ"،
أي: وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ في صلاةِ الصُّبحِ من سِتِّين آيةً إلى مِئة، والمقصودُ أنَّه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم كان يُطيلُ القِراءةَ في صَلاةِ الصُّبحِ.
وفي الحديثِ: الحِرْصُ على العِلْمِ والتَّعلُّمِ.
وفيه: بيانُ مَواقيتِ الصَّلاةِ.
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم