شرح حديث ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
خَصَّ الله سُبحانه وتعالى نَبِيَّه مُحَمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بخَصائِصَ ومُعجِزاتٍ ظاهِراتٍ، ومن ذلك أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم تُرَدُّ إليه رُوحُه لِيَرُدَّ السَّلام على كُلِّ مَنْ سَلَّمَ عليه؛ إكرامًا له، واتِّصالًا مع الأُمَّةِ بعدُ مَوتِه؛ كما في هذا الحديثِ حيث يقولُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما من أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ"، يعني: أيُّ شَخْصٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ فَيذكُرُني بالسَّلام، "إلَّا رَدَّ الله عَلَيَّ رُوحِي"، أي: أَرْجَعَ اللهُ له رُوحَه صلَّى الله عليه وسلَّم "حتَّى أَرُدَّ عليه السَّلامَ"، أي: أَرُدَّ على مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ؛ وذلك كرامة له صلَّى الله عليه وسلَّم، وحياةُ البَرْزَخِ والقُبورِ أَمْرُ غَيْبٍ، لا يَعلمُ حَقيقتَة إلَّا الله، وهو على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ، وقد صَحَّت الأحاديثُ أنَّ الأنبياءَ أحياءٌ في قبورِهم يُصَلُّونَ ويَذكُرون الله.
وقد يُتوهَّم أنَّ في هذا الحديث إِشْكَالًا؛ لأنَّ ظاهِرَهُ أنَّ عَوْدَةَ الرُّوحِ إلى الجَسَدِ تَقتضِي انفصالَها عنه بالموت، والجوابُ عنه مِن وجوهٍ؛ منها: أنَّ رَدَّ رُوحِه كانتْ سابِقةً عَقِبَ دَفْنِهِ؛ فهو حَيٌّ في قَبْرِهِ، لا أنَّها تُعادُ ثُمَّ تُنْزَعُ ثُمَّ تُعادُ.
ومنها: أنَّها تُعادُ ثُمَّ تُنْزَعُ بسَلامٍ بِلا مَشَقَّةٍ.
ومنها: أنَّه يَسْتَغْرِقُ في أُمورِ المَلَأِ الأَعْلى، فإذا سَلَّمَ عليه رَجَعَ إليه فَهْمُهُ لِيُجيبَ مَنْ سَلَّمَ عليه، وقيل غيرُ ذلك، وعلى كُلِّ حالٍ فإنَّ أُمورَ الآخِرة لا تُدْرَكُ بالعَقْلِ، وأحوال البَرْزَخِ أَشْبَهُ بأحوالِ الآخِرةِ.
أو أنَّ المُرادَ بِالرُّوحِ هو الْمَلكُ المُوكَّلُ بِذَلكَ، كما عِنَد النَّسائِيِّ: ( إنَّ للَّهِ ملائِكةً سيَّاحينَ في الأرضِ، يُبلِّغونِي مِن أُمَّتي السَّلامَ ).
وفي الحديث: بَيانٌ لكرامة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على رَبِّه.
وفيه: بَيانٌ لِمُطْلَقِ القُدرةِ الإِلَهِيَّةِ على المَوْتِ والبَعْثِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم