عن عليِّ بنَ أبي طالِبٍ أنهُ دخلَ علَى فاطمَةَ وحَسنٌ وحُسَيْنٌ يبكيانِ فقالَ ما يُبكيهما قالت الجوعُ فخرَج عليٌّ فوجدَ دينارًا بالسُّوقِ فجاءَ إلى فاطمةَ فأخبرَها فقالَت اذهَب إلى فلانٍ اليَهوديِّ فخُذ لَنا دقيقًا فجاءَ اليَهوديَّ فاشترى بِهِ فقالَ اليَهوديُّ أنتَ ختَنُ هذا الَّذي يزعمُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ قالَ نعَم قالَ فخُذ دينارَكَ ولَكَ الدَّقيقُ فخرجَ عليٌّ حتَّى جاءَ بِهِ فاطمةَ فأخبرَها فقالت اذهَب إلى فلانٍ الجزَّارِ فخذ لَنا بدرهمٍ لحمًا فذَهَبَ فرَهَنَ الدِّينارَ بدرهَمِ لحمٍ فجاءَ بِهِ فعجَنتْ ونصَبتْ وخبزَتْ وأرسلَت إلى أبيها فجاءَهُم فقالَت يا رسولَ اللَّهِ أذكُرُ لَكَ فإن رأيتَهُ لَنا حلالًا أَكَلناهُ وأَكَلتَ معَنا مِن شأنِهِ كذا وَكَذا فقالَ كلوا باسمِ اللَّهِ فأَكَلوا فبينَما هُم مَكانَهُم إذا غلامٌ ينشُدُ اللَّهَ والإسلامَ الدِّينارَ فأمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فدُعِيَ لَهُ فسألَهُ فقالَ سقَطَ منِّي في السُّوقِ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يا عليُّ اذهب إلى الجزَّارِ فقل لَهُ إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ لَكَ أرسل إليَّ بالدِّينارِ ودرهمُكَ عليَّ فأرسلَ بِهِ فدفعَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إليهِ
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 1716 | خلاصة حكم المحدث : حسن
لمْ يترُكِ الإسلامُ شيئًا من معاملاتِ النَّاس بعضِهم بعضًا إلَّا ضَبَطَه ووَضَعَ له قواعدَ وضوابطَ، واللُّقَطَةُ التي يَجِدُها الإنسانُ في الطَّريق بَيَّنَ قواعدَها وفَسَّرَ ضوابَطها؛ لِئَلَّا تَضيعَ الحقوقُ، ولا يأكلَ النَّاسُ أموالَهم بَينَهم بالباطِل.
وفي هذا الحديث: أنَّ عَلِيَّ بن أبي طَالِبٍ دَخَلَ على زوجتِه فَاطِمَةَ بنتِ النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم فوَجَدَ حَسَنًا وحُسَيْنًا يَبكِيانِ، فقال: ما يُبكيهُما؟ قالتْ: "الجوع"،
أي: يَبكِيان لأنَّهما جَائِعان، "فخرج عَلِيٌّ"،
أي: خرَج يَبْتَغي لهم طعامًا، "فوَجَدَ دِينارًا بالسُّوقِ"،
أي: وَجَدَهُ مُلْقًى على الأرضِ فأخَذَه، فجاء إلى فَاطِمَةَ "فأخبرها"،
أي: فأخبرها أنَّه وجَد دِينارًا، فقالتْ: اذهبْ إلى فُلانٍ اليهوديِّ "فَخُذْ لنا دَقيقًا"،
أي: فاشْتَرِ لنا دَقيقًا، فجاء اليهوديُّ فاشْتَرى "به"،
أي: بالدِّينارِ، "فقال اليهوديُّ" لِعَلِيٍّ: "أنتَ خَتَنُ هذا الَّذي يَزْعُمُ أنَّه رسولُ
اللهِ؟"
أي: زَوْجُ ابنتِه؟ "فقال عَلِيٌّ: "نَعَمْ" "قال" اليهوديُّ: "فَخُذْ دِيناركَ ولكَ الدَّقيق"،
أي: خُذ الدَّقيقَ بِلا ثَمَنٍ، وَلَعَلَّهُ جعَله هديَّةً له، أو من أَجْلِ النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم، فَخَرَجَ عَلِيٌّ حتَّى جاء "به"،
أي: بالدِّينار، إلى فَاطِمَةَ "فأخبرها" بما صَنَعَ معه اليهوديُّ، فقالتْ: اذهبْ إلى فُلانٍ الجزَّار "فَخُذْ لنا بِدِرْهَمٍ لحمًا"،
أي: فاشْتَرِ لنا لحمًا بِدِرْهَمٍ، فذهب "فَرَهَنَ"، والرَّهْنُ هو أنْ يُعطي المُشتري البائِعَ شيئًا أكبر قِيمةً من السِّلْعَةِ فيَجعله عنده مَرْهونًا حتَّى يأتيَ المُشتري بِثَمَنِ السِّلْعَةِ فيأخذ ما رَهَنَه، " فَرَهَنَ الدِّينارَ بِدِرْهَمِ لحمٍ"،
أي: أَخَذَ لحمًا بقِيمة دِرهم، وأعطاه الدِّينار رَهْنًا، فجاء "به"،
أي: باللَّحم، "فَعَجَنَتْ"،
أي: عَجَنَتِ الدَّقيقَ، "ونَصَبَتْ"،
أي: أَعَدَّتِ النَّار وجهَّزتِ القِدْرَ وَهَيَّأَتْه لِطبخِ اللَّحمِ، "وَخَبَزَتْ"،
أي: خبزتِ العَجينَ وأَنْضَجَتْهُ بالنَّار، "وأَرسَلتْ إلى أبيها"،
أي: أَرسَلتْ إلى النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم؛ لكي يأتيَ ويأكُلَ معهم، فجاءَهم فقالتْ: يا رسولَ
الله، "أَذكرُ لكَ"،
أي: أُخبِركَ بأَمرِ الدِّينار وقِصَّته، "فإنْ رَأَيْته لنا حلالًا أَكَلناه وأَكلتَ معنا"،
أي: إنْ حَكمتَ بتَحْليلِ هذه اللُّقَطَةِ وما تَمَّ شِراؤه بها كان الطعامُ حلالًا، وأَكَلنا منه وأَكلتَ معنا، فقالتْ:"مِنْ شأنه كذا وكذا"،
أي: حَكَتْ له قِصَّة الدِّينار وكيف وَجَدَهُ عَلِيٌّ، "فقال" النَّبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم: "كُلوا بِاسْمِ
الله"،
أي: كُلوا؛ فإنَّه حلالٌ، فأَكَلوا فبينما هم مكانهم إذا غُلامٌ "يُنْشِدُ
اللهَ والإسلامَ الدِّينارَ"،
أي: يَبحثُ عن الدِّينار الَّذي وَقَعَ منه ويُنادي في الطَّريق، فَأَمَرَ بِه رسولُ
الله صلَّى
الله عليه وسلَّم "فَدُعِيَ له"،
أي: فَطَلَبَ النَّبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم هذا الغُلامَ لِيَسأله، "فسأله"،
أي: عن الدِّينار، "فقال" الغُلام: سَقَطَ مِنِّي في السُّوق، فقال النَّبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم: يا عَلِيُّ، اذهبْ إلى الجزَّارِ فَقُلْ له: إنَّ رسولَ
الله صلَّى
الله عليه وسلَّم يقولُ لكَ: "أَرْسِلْ إليَّ بالدِّينار"،
أي: أَعْطِني الدِّينار، "ودِرْهَمُكَ"،
أي: الدِّرهمُ ثَمَنُ اللَّحم، "عَلَيَّ"،
أي: على النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم، وهو مُلْزَمٌ بِدَفْعِهِ، "فأَرسلَ به"،
أي: فأَعطى الجزَّارُ الدِّينارَ لِعَلِيٍّ، "فَدَفَعَهُ رسولُ
الله صلَّى
الله عليه وسلَّم إليه"، أي فأعطاه للغُلام الَّذي وَقَعَ منه، وكان يَبحثُ عنه.
وفي الحديثِ: بَيانُ ما كان عليه حالُ آل النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم من شِدَّةِ الحالِ والفقرِ، مع صَبرِهم ابتغاءَ مَرْضاتِ
الله تعالى.
وفيه: الحَثُّ على رَدِّ الحُقوق إلى أهلِها.
وفيه: مَشروعِيَّة الانْتِفاع باللُّقَطَةِ قليلةِ القِيمة، حتَّى يَتَبَيَّنَ صاحبُها، فإنْ جاء رُدَّتْ إليه.
وفيه: الرَّهْنُ عندَ الحاجةِ.
وفيه: قَبولُ الهَدِيَّةِ ولو مِن غيرِ المسلِمين..
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم