إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهاكم عن أمرٍ كان ينفعُكم ، وطاعةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خيرٌ لكم ممَّا ينفعُكم نهاكم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن : الحقلِ والحقلُ المزارَعةُ بالثُّلثِ والرُّبعِ ، فمن كان له أرضٌ فاستغنَى عنها ، فليمنَحْها أخاه أو ليدَعْ، ونهاكم عن المُزابَنةِ والمُزابَنةُ الرَّجلُ يجيءُ إلى النَّخلِ الكثيرِ بالمالِ العظيمِ فيقولُ : خُذْه بكذا وكذا وسقا من تمرِ ذلك العامِ
الراوي : رافع بن خديج | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 3874 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان في الجاهليَّةِ أنواعٌ مِن البُيوعِ الَّتي قد تَشتمِلُ على جَهالةٍ وغرَرٍ ربَّما تُضِرُّ بأحَدِ المتبايعَينِ؛ فلمَّا جاء الإسلامُ نَهى عن تِلك البُيوعِ، وضبَطَ أُمورَ التعاملاتِ كلِّها بما لا يَضرُّ بمصلحةِ أحدٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رافِعُ بنُ خَديجٍ رضِيَ
اللهُ عَنه: "إنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم نَهاكم عن أَمرٍ كان يَنفَعُكم"،
أي: كان لكم في ظاهِرِه مَنفعةٌ ومَصلَحةٌ، وربَّما يُحمَلُ على أنَّ المنفعَةَ قائِمةٌ مِن جِهةِ المالِكِ لا مِن جِهةِ المستأجِرِ، "وطاعَةُ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم خيرٌ لكم ممَّا ينفَعُكم"،
أي: لِما يترتَّبُ على تِلك الطَّاعةِ مِن مَصلحَةٍ في الدُّنيا والآخِرةِ، "نهاكم رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم عن الحَقلِ، والحَقْلُ: المزارَعَةُ بالثُّلثِ والرُّبعِ"،
أي: أنْ يَكْرِيَ الأرضَ ويُؤجِّرَها بثُلثِ أو رُبعِ ما يَخرُجُ منها؛ "فمَن كان له أرضٌ فاستَغنى عنها"،
أي: ليس له حاجَةٌ في زِراعَتِها أو بعمَلٍ آخَرَ، "فَلْيمنَحْها أخاه"،
أي: ليُعطِها له بدون أُجرةٍ، "أو لِيَدَعْ"،
أي: أو ليُمسِكْها دونَ أنْ يُعطِيَها لأحَدٍ.
قال رافِعٌ: "ونَهاكم عن المُزابنَةِ، والمًزابنَةُ: الرَّجلُ يَجيءُ إلى النَّخلِ الكثيرِ بالمالِ العَظيمِ، فيقولُ: خُذْه بكَذا وكَذا وَسقًا مِن تَمرِ ذلك العامِ"، وهذا هو بَيعُ التَّمرِ على رُؤوسِ النَّخلِ بالتَّمرِ الرُّطَب ِكيلًا، أو ثِمارِ العِنبِ وهي على الشَّجَرِ بالزَّبيبِ كيلًا، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، وهذا في كلِّ الثِّمارِ؛ فنهَى أن تُباعَ حتَّى يَبدُوَ صلاحُها، فلا يباعُ النخلُ حتَّى يَزهُوَ، ويكون بذلك قد سَلِمَ من العاهةِ والتَّلفِ وعُرِفَ قدْرُه ناضجًا، ولا يكون فيه جهالةٌ أو غررٌ يَضرُّ بالبائِعِ أو المشتري؛ فربّما اشترَى المشتري قبلَ بُدوِّ الصلاحِ والنضجِ، ثم يتْلَفُ الثمرُ على الشجرِ، أو يقلُّ الناتجُ فيضرُّ المشتري، أو يَزيدُ زيادةً كبيرةً فيَتضرَّرُ البائعُ، وهذا مُختِلفٌ عن بَيعِ العَرايا الذي رَخَّصَ فيه النبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم، وهو بَيعُ ثَمرِ النخلةِ التي أرطبَ بلحُها ويُريدُ مَن ليس لدَيهِ نخلٌ شِراءَها ليأكلَها رطبًا، فتُباعَ بِخَرْصِها
أي: تُباع بعدَ مَعرِفةِ ما تحملُه من الثمرِ وتقديرِه كيلًا، ويُعطَى صاحبُ النَّخلِ نفْسَ المقدارِ من التَّمرِ الجافِّ، وهذا البيعُ مُستثنًى من النَّهيِ؛ فيمكن بيعُ الثَّمرِ على رُؤوس النَّخل، وقيل العَرِية: هي النخلةُ التي تُعطَى للمساكينِ؛ لأنَّهم لا يستطيعونَ الحُصولَ على الرطب.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ طاعةَ
اللهِ ورسولِه خيرٌ وأنفعُ ممَّا يُظنُّ من المنافِعِ في غيرِها، وأنَّ
اللهَ عزَّ وَجلَّ ورَسولَهُ صلَّى
الله عليهِ وسلَّم لا يَنْهيانِ عنِ المنافِعِ والمَصالحِ، وإنَّما يَنْهيانِ عنِ المفاسِدِ، وما يُؤدِّي إليها.
وفيه: الحثُّ على الإحسانِ بمَنحِ الأرضِ لِمن يَحتاجُ إلى زِراعتِها؛ وهذا ممَّا يورِثُ المودَّةَ والمحبَّةَ بين أفرادِ المجتمَعِ.
وفيه: بيانُ ما كان عند الصَّحابةِ رضِيَ
اللهُ عَنهم مِن تَقديمِ مَنفَعةِ الآخِرَةِ على مَنفعةِ الدُّنيا، وسُرعةِ استِجابَتِهم لأوامرِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم