حَدِّثْنِي بما سَمِعْتَ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: سافَرْتُ معهُ في بَعْضِ أسْفارِهِ - قالَ أبو عَقِيلٍ: لا أدْرِي غَزْوَةً أوْ عُمْرَةً - فَلَمَّا أنْ أقْبَلْنا قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أحَبَّ أنْ يَتَعَجَّلَ إلى أهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ، قالَ جابِرٌ: فأقْبَلْنا وأنا علَى جَمَلٍ لي أرْمَكَ ليسَ فيه شِيَةٌ، والنَّاسُ خَلْفِي، فَبَيْنا أنا كَذلكَ إذْ قامَ عَلَيَّ، فقالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا جابِرُ اسْتَمْسِكْ، فَضَرَبَهُ بسَوْطِهِ ضَرْبَةً، فَوَثَبَ البَعِيرُ مَكانَهُ، فقالَ: أتَبِيعُ الجَمَلَ؟، قُلتُ: نَعَمْ، فَلَمَّا قَدِمْنا المَدِينَةَ ودَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَسْجِدَ في طَوائِفِ أصْحابِهِ، فَدَخَلْتُ إلَيْهِ وعَقَلْتُ الجَمَلَ في ناحِيَةِ البَلاطِ، فَقُلتُ له: هذا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بالجَمَلِ ويقولُ: الجَمَلُ جَمَلُنا، فَبَعَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أواقٍ مِن ذَهَبٍ، فقالَ: أعْطُوها جابِرًا ثُمَّ قالَ: اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: الثَّمَنُ والجَمَلُ لَكَ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2861 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أكمَلَ النَّاسِ، وأحسَنَهم خُلُقًا، فكانَ يَتفَقَّدُ أحوالَ أصحابِه، ويُرشِدُهم إلى ما فيه صَلاحُهم، ويَبذُلُ مالَه فيهم، ويَبذُلُ إعانَتَه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ إيَّاهم على أُمورِ الدُّنيا والدِّينِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جَابِرُ بنُ عَبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما أنَّه سافَرَ مع النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعضِ أسْفارِه، وقد شَكَّ أحَدُ رُواةِ الحَديثِ -وهو أبو عَقيلٍ بَشيرُ بنُ عُقبةَ الدَّورَقيُّ البَصْريُّ- في كَونِ السَّفَرِ المُشارِ إليه غَزوةً أو عُمرةً، إلَّا أنَّه جُزِمَ في رِوايةٍ أُخرى لِلبُخاريِّ بأنَّ السَّفَرَ كان غَزوةَ تَبوكَ، وقيلَ: هي غَزوةُ ذاتِ الرِّقاعِ.
وأخبَرَ جابِرُ بنُ عَبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما أنَّهم لَمَّا أقبَلوا راجِعينَ إلى المَدينةِ قال لهمُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أحَبَّ أنْ يَرجِعَ إلى أهْلِه مُتعَجِّلًا قبْلَ النَّاسِ فلْيَفعَلْ، قال جَابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه: «
فأقبَلْنا وأنا على جَمَلٍ لي أرْمَكَ»،
أي: جَمَلٍ يُخالِطُ حُمْرَتَه سَوَادٌ، «
ليس فيه شِيَةٌ»،
أي: عَلامةٌ، أو ليس فيه لُمْعةٌ مِن غَيرِ لَونِه، أو لا عَيبَ فيه، «
والنَّاسُ خَلْفي»،
أي: إنَّ جَمَلَه كان يَسبِقُ جِمالَ غَيرِه، يَقولُ جابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه: «
فبَيْنَا أنا كذلك إذْ قامَ علَيَّ»،
أي: وَقَفَ جَمَلي مِنَ الإعْياءِ والتَّعَبِ، فتَخَلَّفَ جابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه عنِ القَومِ بسَبَبِ ذلك، فجاءَه النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وقال له: «
اسْتَمْسِكْ»،
أي: ثَبِّتْ نفْسَك على ظَهْرِ الجمَلِ.
وضَرَبَ الجَمَلَ بسَوْطِه، فأسرَعَ الجَمَلُ حتَّى سَبَقَ القَومَ.
ثمَّ سَألَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ جَابِرًا رَضيَ
اللهُ عنه أنْ يَبيعَه الجَمَلَ، وفي الصَّحيحَيْنِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أتَمَّ الصَّفقةَ في أثناءِ السَّفَرِ، وأعارَه رُكوبَه إلى المَدينةِ، فوافَقَ جابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه، فلَمَّا قَدِموا المَدينةَ ودَخَلَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ المَسجِدَ في جَماعةٍ مِن أصحابِه، دَخَلَ عليه جابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه، ورَبَطَ الجَمَلَ في ناحِيةِ البَلاطِ، وهي الحِجَارةُ المَفروشةُ عِندَ بابِ المَسجِدِ، فقال له جَابِرٌ رَضيَ
اللهُ عنه: هذا جَمَلُكَ الذي اشْتَريتَه مِنِّي، فخَرَج النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ المَسجِدِ، فجَعَلَ يُطيفُ بالجَمَلِ،
أي: يُقارِبُه ويُحيطُ به ويَقولُ: «
الجَمَلُ جَمَلُنا» ولَعَلَّه كِنايةٌ عن تَمامِ الصَّفقةِ، فبَعَثَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أوَاقيَ -جَمعُ أُوقيَّةٍ- مِن ذَهَبٍ، وتُقدَّرُ بأربَعينَ دِرهَمًا مِنَ الفِضَّةِ، فأعطاه النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ثَمَنَ الجَمَلِ، وأعطاه الجَمَلَ؛ هِبةً منه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا مِن جَميلِ جُودِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وكَرَمِه وسَخائِه مع أصحابِه، رِضوانُ
اللهِ عليهم.
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبُوَّتِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ إيلامِ الحَيَوانِ لِمَا يُصلِحُه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم