حديث أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة إئذن

أحاديث نبوية | صحيح الترمذي | حديث أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو

«أنَّهُ قالَ لعمرِو بنِ سعيدٍ - وَهوَ يبعثُ البعوثَ إلى مَكَّةَ - إئذَنْ لي أيُّها الأميرُ أحدِّثْكَ قولًا قامَ بهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الغدَ من يومِ الفتحِ سمعَتهُ أذُنايَ ووعاهُ قلبي وأبصرتهُ عينايَ حينَ تَكَلَّمَ بهِ أنَّهُ حمدَ اللَّهَ ثمَّ أثنَى عليهِ ثمَّ قالَ إنَّ مَكَّةَ حرَّمَها اللَّهُ تعالى ولم يحرِّمها النَّاسُ ولا يحلُّ لامرئٍ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أن يسفِكَ بِها دمًا أو يعضدَ بِها شجرةً فإنْ أحدٌ ترخَّصَ لقتالِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فيها فقولوا لَه إنَّ اللَّهَ أذِنَ لرسولِهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يأذن لَكَ وإنَّما أذِنَ لي فيها ساعةً منَ نهارِ وقد عادت حرمتُها اليومَ كحرمتِها بالأمسِ وليبلِّغِ الشَّاهدُ الغائبَ»

صحيح الترمذي
أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو
الألباني
صحيح

صحيح الترمذي - رقم الحديث أو الصفحة: 809 -

شرح حديث أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

عَنْ أبِي شُرَيْحٍ، أنَّه قَالَ لِعَمْرِو بنِ سَعِيدٍ: - وهو يَبْعَثُ البُعُوثَ إلى مَكَّةَ - ائْذَنْ لي أيُّها الأمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الغَدَ مِن يَومِ الفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ ووَعَاهُ قَلْبِي، وأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بهِ: حَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قَالَ: إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، ولَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فلا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ يَسْفِكَ بهَا دَمًا، ولَا يَعْضِدَ بهَا شَجَرَةً، فإنْ أحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيهَا، فَقُولوا: إنَّ اللَّهَ قدْ أذِنَ لِرَسولِهِ ولَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وإنَّما أذِنَ لي فِيهَا سَاعَةً مِن نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليومَ كَحُرْمَتِهَا بالأمْسِ، ولْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ.
فقيلَ لأبِي شُرَيحٍ: ما قالَ عَمْرٌو؟ قال: أَنا أعْلَمُ مِنكَ يا أبا شُرَيحٍ، لا يُعِيذُ عاصِيًا، ولا فارًّا بِدَمٍ، ولا فارًّا بِخَرْبةٍ.
الراوي : أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 104 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



تَبليغُ العِلمِ الشَّرعيِّ أمْرٌ حَتْميٌّ على العُلماءِ، ويَزدادُ وُجوبُه في وقْتِ الفتَنِ والشَّدائدِ؛ ليُبيِّنوا للناسِ الحقَّ مِن الباطلِ، ويُبيِّنوا لهم طَريقَ الهِدايةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو شُرَيحٍ الخُزاعيُّ رَضيَ اللهُ عنه -وهو الصَّحابيُّ المشهورُ، وكان مِن عُقلاءِ أهلِ المدينةِ- أنَّه طلَبَ مِن عَمرِو بنِ سَعيدٍ والي يَزيدَ بنِ مُعاويةَ على المدينةِ آنذاكَ، أنْ يَأذَنَ له أنْ يُحدِّثَه، وكان عمرُو بنُ سَعيدٍ يُرسِلُ الجيوشَ إلى مكَّةَ لقِتالِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنهما؛ لكونِه امتَنَعَ مِن مُبايَعةِ يَزيدَ بنِ مُعاويةَ، واعتصَمَ بالحرَمِ، فطلَبَ منه أبو شُريحٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يُحدِّثَه بحَديثٍ سَمِعَه مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُؤكِّدًا أنَّه سَمِعَه بأُذنِه، وفَهِمَه وحَفِظَه بقلْبِه، وهذا إشارةٌ إلى تَحقُّقِ حِفظِه عندَه مُباشرةً مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دونَ واسطةٍ أو نِسيانٍ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد حدَّثَ بهذا الحديثِ صَباحًا مِن يومِ فتْحِ مكَّةَ في السَّنةِ الثامنةِ مِن الهِجرةِ، وقولُه: «قَامَ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، أي: كان يَخطُبُ في الناسِ بهذا الحديثِ، وبيَّن فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مكَّةَ حرَّمها اللهُ تعالى بنفْسِه، وفي مُحكَمِ كِتابِه، حيثُ قال: { وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ } [ الحج: 25 ]، وقال: { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا } [ النمل: 91 ]، فلا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ يَسفِكَ بها دمًا بقِتالٍ أو غيرِه، ولا يَقطَعَ فيها شَجرةً، فإنِ استباحَ أحَدٌ القِتالَ في مكَّةَ مُستدلًّا على ذلك بقتالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها يومَ الفَتْحِ، فجوابُه: أنَّ اللهَ قدْ أذِنَ لرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقِتالِ فيها ذلك اليومَ ساعةً مِن نَهارٍ، والمرادُ: في وقْتٍ مَحدودٍ وجُزءٍ معيَّنٍ مِن يومِ الفَتْحِ، ولم يَأذَنْ لكم أو يُحِلَّ لكم القتالَ فيها أبدًا، ثمَّ عادَتْ حُرمتُها كما كانت.ثمَّ أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه السامعينَ والحاضرينَ لحَديثِه هذا أنْ يُبلِّغوه مَن بعْدَهم، سواءً كانوا في زمَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو بعْدَه؛ حتى يَحذَروا ولا يَتجرَّؤوا على ما حرَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ؛ خاصةً لمَن أقدَمَ على سَفْكِ الدِّماءِ وتَجهَّزَ له، كحالِ عمرِو بنِ سَعيدٍ، وهو ما جعَلَ أبا شُريحٍ رَضيَ اللهُ عنه يُحدِّثُه بهذا الحديثِ، كما أَوصى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.فسُئِلَ أبو شُريحٍ: وماذا كان ردُّ عمرٍو عليك؟ فأجابَ قال لي: أنا أعْلَمُ مِنكَ يا أبا شُرَيحٍ، إنَّ حَرَمَ مكَّةَ لا يَعصِمُ العاصيَ عن إقامةِ الحدِّ عليه، ولا يَعصِمُ هاربًا عليه دَمٌ، يَعتصِمُ بمكَّةَ كيْلا يُقتَصَّ منه، وقولُه: «بخرْبةٍ» يُرْوى بفتْحِ الخاءِ، فالمعنى: أنَّه لا يَعصِمُ سارقًا فارًّا بسَرِقَتِه، ويُرْوى بضمِّ الخاءِ، وهي: الفسادُ في الدِّينِ.
وجَوابُ عمرٍو كَلامٌ ظاهرُه حقٌّ، لكنْ أراد به الباطلَ؛ فإنَّ الصَّحابيَّ أنكَرَ عليه نَصْبَ الحرْبِ على مكَّةَ، فأجابَهُ بأنَّها لا تَمنَعُ مِن إقامةِ القِصاصِ، وابنُ الزُّبَير لم يَرتكِبْ أمْرًا يَجِبُ عليه فيه شَيءٌ مِن ذلك، فليس هذا بجَوابٍ لكَلامِ أبي شُريحٍ؛ لأنَّه لم يَختلِفْ معه في أنَّ مَن أصاب حدًّا في غيرِ الحرَمِ، ثمَّ لَجَأَ إلى الحرَمِ؛ هل يَجوزُ أنْ يُقامَ عليه الحدُّ في الحرَمِ، أمْ لا؟ وإنَّما أنكَرَ عليه أبو شُريحٍ بَعْثَه الخيلَ إلى مكَّةَ، واستباحةَ حُرمتِها، ونَصْبَ الحرْبِ عليها، فأحسَنَ في استِدلالِه، وحَادَ عمرٌو عن الجوابِ، وجاوَبَه عن غيرِ سُؤالِه، وهو الرجُلُ يُصيبُ حدًّا في غيرِ الحرَمِ، هل يُعيذُه الحرَمُ؟ وهذا مِن المُماطَلةِ واللَّجاجِ في المُناظَرةِ؛ لأنَّه أميرٌ مَأمورٌ، فتَكلَّفَ الخُروجَ مِن المأزقِ بأيِّ تَأويلٍ.
وفي الحديثِ: صَراحةُ نقْلِ العِلمِ، وإشاعةُ السُّنَنِ والأحكامِ.
وفيه: حُسنُ التَّلطُّفِ في الإنكارِ، لا سيَّما مع الملوكِ فيما يُخالِفُ مَقصودَهم؛ لأنَّه أدْعى لقَبولِهم.
وفيه: النَّصيحةُ لوُلاةِ الأمورِ، وعَدمُ الغِشِّ لهم والإغلاظِ عليهم إذا أُمِنتِ المفسَدةُ.
وفيه: أنَّ التَّحريمَ والتَّحليلَ مِن عندِ اللهِ تعالَى، لا مَدخَلَ لبشَرٍ فيه، وأنَّ الرُّجوعَ في كلِّ حالةٍ دُنيويَّةٍ وأُخْرويَّةٍ إلى الشَّرعِ، وأنَّ ذلك لا يُعرَفُ إلَّا منه؛ فِعلًا، وقَولًا، وتَقريرًا.
وفيه: عِظَمُ مكَّةَ وشرَفُها، زادَها اللهُ شرَفًا وتَعظيمًا.
وفيه: مشروعيَّةُ القِياسِ على أفعالِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا إذا عُلِمَ اختصاصُه بذلك الفِعلِ.
وفيه: اختِصاصُ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بخَصائصَ ليستْ لغَيرِه من البشرِ.
وفيه: فضْلُ أبي شُرَيحٍ؛ لاتِّباعِه أمْرَ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بالتَّبليغِ عنه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح الترمذيكانت قريش ومن كان على دينها وهم الحمس يقفون بالمزدلفة يقولون نحن قطين
صحيح الترمذيالاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع
صحيح الترمذيما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط كان إذا اشتهاه
صحيح الترمذيالظهر يركب إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى
صحيح الترمذيأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد
صحيح الترمذيإن الله حرم من الرضاعة ما حرم من الولادة
سنن الترمذيأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة وأرسلت إليه أم الفضل بلبن
سنن الترمذيسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل
صحيح الترمذيإن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي
صحيح الترمذيخرج النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته فقال التمس لي ثلاثة أحجار
صحيح الترمذيلا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن
سنن الترمذيأول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والثانية على لون أحسن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب