حديث من كانت له أرض فليمنحها أو ليدعها ونهى عن المزابنة

أحاديث نبوية | صحيح النسائي | حديث رافع بن خديج

«نهانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أمرٍ ، كان لنا نافعًا ، وطاعةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خيرٌ لكم ، نهاكم عن : الحقلِ ، وقال : من كانت له أرضٌ فليمنَحْها ، أو ليدَعْها . ونهَى عن المُزابَنةِ : والمُزابَنةُ الرَّجلُ يكونُ له المالُ العظيمُ من النَّخلِ ، فيجيءُ الرَّجلُ فيأخذُها بكذا وكذا وسقا من تمرٍ»

صحيح النسائي
رافع بن خديج
الألباني
صحيح

صحيح النسائي - رقم الحديث أو الصفحة: 3873 -

شرح حديث نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

لَمَّا جاء الإسلامُ نظَّمَ المُعاملاتِ بين النَّاسِ، وخاصَّةً في الأموالِ؛ حتَّى يَنزِعَ أسبابَ الشِّقاقِ والاختلافِ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّةَ التَّعامُلِ في الأراضي المزْروعةِ، وكيفيَّةَ المُشاركاتِ فيها بأنواعِها المُختلفةِ.
وفي هذا الحديثِ بَيانُ بعضِ ذلك؛ حيث يقولُ أُسَيدُ بنُ ظُهيرٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أتانا رافِعُ بنُ خَديجٍ، فقال: نهانا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أمْرٍ كان لنا نافِعًا"، أي: كان ينفَعُ النَّاسَ في ظَنِّهم؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَنْهى عن المنافِعِ، وإنَّما يَنهى عن المضارِّ، إلَّا أنَّ هذه المنافعَ إنَّما مَنشؤُها ظَنُّهم فقطْ، وإنْ كانت نافعةً لآحادِ النَّاسِ، ولمَّا كان الصَّحابيُّ يعلَمُ أنَّ المَنفعةَ الَّتي يَراها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَنفعةً مُحقَّقةً للجميعِ، بخلافِ المَنفعةِ الَّتي كانوا يَظنُّونها؛ فإنَّها مَنفعةٌ قاصرةٌ، قال: "وطاعةُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خيرٌ لكم"، ثمَّ بدَأَ يُعدِّدُ هذه المَناهي؛ فقال رافعٌ رضِيَ اللهُ عنه: "نهاكم عن الحقْلِ"، من المُحاقلةِ، وهي: بيعُ الزَّرعِ في سُنبلِه بالمالِ، أو بَيعُه في سُنبلِه بالحِنْطةِ والحُبوبِ القديمةِ، وقد بيَّنَت رِواياتٌ أُخرى أنَّ المقصودَ به: بَيعُه قبْلَ أنْ يَبْدُوَ صلاحُه وينضُجَ؛ لِمَا فيه من الجهالةِ والغَررِ، فرُبَّما فسَدَ أو تلِفَ، وربَّما زاد قدْرُه أو نقَصَ عمَّا تَمَّ الاتِّفاقُ عليه، أو يكونُ المقصودُ بالحقْلِ هنا المُزارعةُ بالثُّلثِ، أو الرُّبعِ، أو أقلَّ، أو أكثرَ، أو إجارةُ الأرضِ بالحِنْطةِ والحُبوبِ.
وقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن كانتْ له أرضٌ فلْيَمْنَحْها"، والمقصودُ: مَن كانتْ له أرضٌ تصلُحُ للزِّراعةِ وهو لا يَستطيعُ زِراعتَها، فلْيُعطِها على سبيلِ المِنْحةِ بلا إجارةٍ لِمَن يَستطيعُ أنْ يزرَعَها، "أو ليَدَعْها"، أي: يترُكْها بلا زَرْعٍ، وليُهمِلْها.
وهذا لا يَعني إهمالَها ولا تَضييعَ مَنفعتِها، وليس هو من إضاعةِ المالِ المنهيِّ عنه؛ وذلك لأنَّ نَهيُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هنا مَحمولٌ على إضاعةِ عَينِ المالِ، أو إضاعةِ مَنفعةٍ لا تُعوَّضُ، ولكنَّ الأرضَ إذا تُرِكَت بغيرِ زَرعٍ لم تُعطَّلْ مَنفعتُها؛ فإنَّها قد تُنبِتُ من الكلأِ ما يَنفَعُ في الرَّعيِ وغيرِه مِثْلَ مَنفعةِ الزِّراعةِ، أو أكثرَ، أو أنْ يكونَ ترْكُها مُؤقَّتًا، وقد يكونُ تأخيرُ الزَّرعِ عنها إصلاحًا لها، وهذا كلُّه إنْ حُمِلَ النهيُ عن الكِراءِ على عُمومِه، فأمَّا لو حُمِلَ الكِراءُ على ما كان مألوفًا لهم مِن الكراءِ بجُزءٍ ممَّا يخرُجُ من الأرضِ ولا سيَّما إذا كان غيرَ معلومٍ؛ فلا يستلزمُ ذلك تعطيلَ الانتفاعِ بها في الزراعةِ، بل يُكريها بالذَّهبِ أو الفِضَّةِ.
قال رافعٌ رضِيَ اللهُ عنه: "ونَهى عن المُزابنةِ.
والمُزابنةُ: الرَّجلُ يكونُ له المالُ العظيمُ من النَّخلِ، فيَجيءُ الرَّجلُ، فيأخُذُها بكذا وكذا وسْقًا مِن تَمْرٍ"، الوسْقُ: سِتُّون صاعًا بصاعِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو ما يُساوي ما بين 195 إلى 122.4 كيلو جرامٍ بالأوزانِ الحديثةِ، حسَبَ اختلافِ تَقديراتِ المذاهبِ، والمقصودُ: أنَّه نَهى عن بَيعِ الثَّمرِ في رُؤوسِ النَّخلِ والشَّجرِ جُزافًا دونَ كيلٍ، ويأخُذُ مُقابلَه قَدْرًا مَعلومًا من الثَّمارِ القديمةِ، ولكنْ يَنتظِرُ حتَّى ينضُجَ الثَّمرُ، ويجمَعَه ويَكِيلَه، ثمَّ يَبيعَه كيف شاء؛ حتَّى لا يقَعَ في الغَررِ والجَهالةِ.
وقد ورَدَ في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ زَيدَ بن ثابتٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم رخَّصَ في بَيعِ العَرايا"، والعرايا جمْع عَريَّة، وهي النَّخلةُ، هو نَوعٌ من أنواعِ البُيوعِ، ومعناه: أنْ يَبيعَ الرُّطبَ على النَّخلِ بتمر على الأرضِ،  أو العِنبَ على الشَّجرِ بخَرْصِه-أي: بمِقدارِه - مِن الزَّبيبِ، على أنْ يكونَ ذلك خَمسةَ أَوسقٍ فما دُونَ ذلك، وسُمِّيَ ببيعِ العرايا؛ لأنَّ النخلةَ يَعرُوها -أي: يُعطيها- مالكُها لرَجُلٍ مُحتاجٍ إلى أكْلِ ثَمرتِها مُدَّةً معيِّنةً، وقيل: لأنَّ هذِه النخلةَ عَرِيتْ عن حُكمِ باقي البُستانِ، حيثُ تَخلَّى صاحبُها عنها من بَينِ سائرِ نخْلِه، وهذا البيعُ مُستثنًى مِن بَيعِ المزابنةِ المنهيِّ عنه.
وفي الحديثِ: حِرْصُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الحثِّ على التَّراحُمِ والتَّعاطُفِ، وعدَمِ طلَبِ المُقابلِ على الإحسانِ.
وفيه: التَّرغيبُ فيما يَجلِبُ المودَّةَ والمحبَّةَ، والتَّرهيبُ ممَّا يُورِثُ الشَّحناءَ والبغضاءَ.
وفيه: بَيانُ ما كان عندَ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم مِن تَقديمِ مَنفعةِ الآخِرَةِ على مَنفعةِ الدُّنيا، وسُرعةِ استجابتِهم لأوامِرِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح النسائينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المجثمة ولبن الجلالة
صحيح النسائينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع
صحيح النسائيابتعت طعاما من طعام الصدقة فربحت فيه قبل أن أقبضه فأتيت رسول الله
صحيح النسائيأن جنازة مرت بالحسن بن علي وابن عباس فقام الحسن ولم يقم ابن
صحيح النسائيأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب الخطبتين وهو قائم وكان
صحيح النسائيأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يخضب إنما كان الشمط
صحيح النسائيأن رسول الله كان إذا صلى جخى
صحيح النسائيأن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغسل من الجنابة
صحيح النسائيأن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها
صحيح النسائيأيما إهاب دبغ فقد طهر
صحيح النسائيحدثني بعض من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح
صحيح النسائيالزبيب والتمر هو الخمر


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب