شرح حديث إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
فَضلُ اللهِ على أُمَّةِ الإسلامِ عَظيمٌ، ومن ذلك أنَّه جعل ثوابَ العملِ الصَّالحِ يَبْقى أثَرُه ونفْعُه للمُسلمِ في الدُّنيا والآخِرةِ.
كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخْبِرُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ اللهَ تصدَّقَ عليكم"، أي: جعَلَ لكم حقًّا بالتَّصرُّفِ وإنْ لم تَرْضَ الورثةُ، "عندَ وفاتِكم بثُلثِ أموالِكم"، أي: بالتَّصدُّقِ والوصيةِ بثُلثِ أموالِكم في وُجوهِ البِرِّ والخيرِ، "زِيادةً في أعمالِكم"، أي: ليَزيدَ لكم في أعمالِكم وأجْرِها وثَوابِها، كما أخبَرَ بذلك في حديثٍ آخرَ بقولِه: "إذا مات الإنسانُ انقطَعَ عنه عمَلُه إلَّا مِن ثلاثةٍ: إلَّا مِن صَدقةٍ جاريةٍ، أو علْمٍ يُنْتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يَدْعو له".
فمَن تَرَك ترَكَ مالًا كثيرًا، ولم يكُنْ ورثَتُه في حاجةٍ إلى هذا المالِ، يُندَبُ له الوصيَّةُ والتَّبرُّعُ بجُزءٍ مِن المالِ؛ فله أنْ يُوصِيَ بالثُّلثِ فأقلَّ في أعمالِ البِرِّ؛ كبناءِ المساجدِ، أو الحجِّ عنه، أو إطعامِ الفُقراءِ وكلِّ وُجوهِ البِرِّ، بشَرْطِ ألَّا تكونَ الوصيَّةُ بأكثرَ مِن ثُلثِ المالِ؛ لقولِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضِيَ اللهُ عنه لَمَّا أراد أنْ يُوصِيَ بمالِه كلِّه: "الثُّلثُ، والثُّلثُ كثيرٌ"، وهو حديثٌ متَّفَقٌ عليه.
ومَن أراد أنْ يُوصِيَ من مالِه، فلْيُبادِر بكتابةِ وصيَّتِه قبلَ أنْ يُفاجِئَه الأجلُ، ولْيَعتنِ بتَوثيقِها والإشهادِ عليها، ومِن بابِ أَولى عليه أنْ يُبيِّنَ ما عليه مِن حُقوقٍ للنَّاسِ -مثلُ الدِّيونِ وغيرِها- لتُقْضَى بعدَ موتِه.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ اللهَ سُبحانَه تَفضَّلَ علينا بالتَّصدُّقِ ممَّا جعَلَنا مُستخلَفينَ فيه ويُعطينا الأجْرَ على ذلك.
وفيه: أنَّ الوصيَّةَ تكون في ثُلثِ المالِ أو أقلَّ ولا تَزيدُ عن ذلك.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم