شرح حديث إن الله عز وجل يقول أنا مع عبدي إذا هو ذكرني
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
ذِكْرُ اللهِ تعالى مِن الأعمال اليسيرةِ، وهو معَ ذلك مِن أفضَلِ الأعمالِ، وأرفَعِها في الدَّرجاتِ، وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ يقول: "إنَّ اللهَ يقولُ: أنا مع عبْدي إذا هو ذكَرَني"، وهذه المَعِيَّةُ مَعِيَّةٌ خاصَّةٌ، تقْتَضي الحِفْظَ والتَّسديدَ والتَّوفيقَ، واللهُ سُبحانَه وتعالى فوقَ العرشِ، وهو مع جميعِ المخلوقينَ يَعلمُ سِرَّهم ونجواهم، ومُطَّلِعٌ عليهم ومحيطٌ بهم، وقُدرتُه ومشيئَتُه نافذةٌ فيهم؛ ليس كمِثلِه شيءٌ وهو السَّميعُ البصيرُ.
قولُه: "وتحرَّكَت بي شَفَتاه"، أي: تحرَّكَت شَفَتاه باسمِ اللهِ عزَّ وجلَّ وبذِكْرِه، وبسائِرِ أسمائِه تعالى الدَّالَّةِ عليه، وحالةُ الكَمالِ في الذكر أنْ يُصاحِبَ القلْبُ للِّسانِ؛ فقولُه: "وتحرَّكَت بي شَفَتاه" دليلٌ على أنَّه لا كمالَ في الذِّكْرِ القَلبيِّ فقط، بل الأكملُ هو ذِكْرُ القلْبِ مع اللِّسانِ، وأنَّه أفضَلُ مِن ذِكْرِ اللِّسانِ مِن غيرِ ذِكْرِ القلْبِ.
وقال العُلماءُ: ذِكْرُ اللهِ على ثَلاثِ مراتِبَ؛ الأُولى: ذِكْرُه عندَ أمْرِه؛ امتثالًا لأوامِرِه، وأداءً لفرائضِه.
الثَّانيةُ: ذِكْرُ اللهِ عند نواهِيهِ؛ فيَحْمِلُ على الكفِّ عنِ الفواحِشِ، والانتهاءِ عنِ المعاصي؛ حياءً مِن اللهِ، وإجلالًا له تبارَكَ وتعالى.
الثَّالثةُ: ذِكْرُ اللهِ تعالى بالقلْبِ واللِّسانِ، وهي على درجاتٍ أيضًا: الأُولى: أنْ يكونَ انْبِعاثُ الذِّكْرِ مِن القلْبِ؛ تعظيمًا وحُبًّا وحمْدًا للهِ عزَّ وجلَّ، ثمَّ يتبَعُه اللِّسانُ، وهذه أفضَلُ المراتِبِ.
والثَّانيةُ: أنْ يكونَ الذِّكْرُ باللِّسانِ، ثمَّ يتبَعُه القلْبُ، إذا تفكَّرَ في معاني الأذكارِ.
والثَّالثةُ: وهي ذِكْرُ اللهِ باللِّسانِ وحدَه، وكلُّها يُؤْجَرُ عليها صاحبُها بحسَبِها.
وفي الحديثِ: بيانُ أهميَّةِ الذِّكْرِ وفضْلِه، وبيانُ مَعِيَّةِ اللهِ لعِبادِه عندَ ذِكْرِهم إيَّاه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم