شرح حديث ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب الله عليه فيصلي
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كُنْتُ أضَعُ لِعُثْمانَ طَهُورَهُ فَما أتَى عليه يَوْمٌ إلَّا وهو يُفِيضُ عليه نُطْفَةً وقالَ عُثْمانُ: حَدَّثَنا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ انْصِرافِنا مِن صَلاتِنا هذِه، قالَ مِسْعَرٌ: أُراها العَصْرَ، فقالَ: ما أدْرِي أُحَدِّثُكُمْ بشيءٍ، أوْ أسْكُتُ؟ فَقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، إنْ كانَ خَيْرًا فَحَدِّثْنا، وإنْ كانَ غيرَ ذلكَ فاللَّهُ ورسولهُ أعْلَمُ، قالَ: ما مِن مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ، فيُتِمُّ الطُّهُورَ الذي كَتَبَ اللَّهُ عليه، فيُصَلِّي هذِه الصَّلَواتِ الخَمْسَ، إلَّا كانَتْ كَفّاراتٍ لِما بيْنَها.
الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 231 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
تَفضَّلَ
اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بأن جَعَلَ أداءَ العِباداتِ بشُروطِها سَببًا للمَغفرةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعباداتِ بذِكرِ الأجرِ والثَّوابِ عليها.
وفي هذا الحديثِ يَروي التَّابعيُّ حُمرانُ بنُ أبانَ مَولى عُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّه كانَ يُعِدُّ لعُثمانَ طَهُورَه -وهوَ الماءُ الطَّاهرُ الذي يُستخدَمُ للوُضوءِ أو للاغتِسالِ وغيرِ ذلكَ- ويَضَعُه له في المكانِ المُخصَّصِ لذلك، «
فَما أَتَى علَيْه يومٌ إلا وهو يُفيضُ عليه نُطفةٌ»،
يَعني: يأخُذُ القليلَ منه ولم يَستعمِله كلَّه، ومُرادُه: لم يَكُن يَمُرُّ عليه يومٌ إلَّا اغتسَلَ فيه، وكانت مُلازَمتُه للاغتسالِ مُحافَظةً على تَكثيرِ الطُّهرِ وتَحصيلِ ما فيه من عظيمِ الأجرِ الذي سيَذكُرُه في هذا الحديثِ.
ثُمَّ ذكَرَ عُثمانُ بنُ عفَّانَ رَضيَ
اللهُ عنه حَديثًا عن رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ انصِرافهم من صلاةِ العَصرِ، كما أخبَرَ بذلك أحدُ رُواةِ الحديثِ، فأخبَرَ أنَّه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «
ما أَدْري أُحَدِّثُكُمْ بِشَيْءٍ أوْ أَسْكُتُ؟»،
أي: إنَّ النبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ خيَّرَهُم بينَ أن يُكلِّمَهم ويُحدِّثَهم وبينَ عدَمِ ذلكَ، وهذا من بابِ جَذبِ الانتباه والتَّشويقِ للمَعرِفة، فقَالوا: «
يا رسولَ اللهِ، إن كانَ خَيْرًا»،
أي: إن كانت بُشرى في طاعةٍ أو تَنفيرٍ في مَعصيةٍ، فأخبِرنا وعلِّمنا، وإن كان مِنَ الأمورِ التي لا يَعلمُها إلَّا
اللهُ ورسولُه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فأنت أعلَمُ ما هو فيه الخيرُ لنا، وهذا الردُّ من الصَّحابَةِ يدُلُّ على حُسنِ تأدُّبِهم مع النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخبَرَهمُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ما مِن مُسلمٍ يَتَطهَّرُ للصَّلاة، ويتوضَّأُ وُضوءًا تامًّا سابِغًا، ويُعطي كلَّ عضوٍ حقَّه مِنَ الماءِ، فيُصلِّي هذه الصَّلواتِ الخَمسَ
( الفَجرَ والظُّهرَ والعَصرَ والمَغربَ والعِشاءَ ) على أوقاتِها، كما يُؤكِّدُ ذلك الثَّابتُ منَ الرِّواياتِ؛ إلَّا كانت هذِه الأعمالُ وهذه الصَّلاةُ سَببًا لتَكفيرِ
اللهِ وغُفرانِه ذُنوبَ المُسلمِ وخَطاياه التي ارتَكَبَها بينَ هذِه الصَّلواتِ، وقد أوضحت رِوايةٌ أُخرى عندَ مُسلمٍ «
ما لم تُغْشَ الكبائرُ»، فبيَّنَت أنَّ ذلك الغُفرانَ يَكونُ لصغائرِ الذُّنوبِ، أمَّا الكبائرُ فأمرُها إلى
اللهِ: إمَّا أن يَغفِرَها، أو يُعذِّبَ بها.
وفي الحديثِ: بيانُ فضلِ المُداوَمةِ على العِباداتِ، وأنَّها سبَبٌ لمغفرةِ الذُّنوبِ.
وفيه: بيانُ فضلِ الوُضوءِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ وَعظِ الإمامِ للنَّاسِ؛ لأنَّ عُثمانَ كانَ حينَئذٍ خليفةً للمُسلِمينَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم