أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه كَتَبَ له الَّتي فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ولَا يُجْمَعُ بيْنَ مُتَفَرِّقٍ، ولَا يُفَرَّقُ بيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1450 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
الزَّكاةُ رُكنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، وفَريضةٌ فرَضَها
اللهُ عزَّ وجلَّ على الأغنياءِ لِتُرَدَّ على الفُقراءِ، وقد حدَّدَ
اللهُ عزَّ وجلَّ ورسولُه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ ما يَتعلَّقُ بهذه الفريضةِ مِن تَفاصيلَ وأحكامٍ؛ حتَّى لا يُظلَمَ الغنيُّ أو يَضيعَ حقُّ الفقيرِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رَضيَ
اللهُ عنه كتَبَ له كِتابًا يُبيِّنُ له فيه فَريضةَ الزَّكاةِ الَّتي فرَضَها النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وذلك عندَما وجَّهَه إلى البَحرينِ لجمْعِ الزَّكاةِ مِن أهْلِها، وهي مَنطقةٌ تُطلَقُ على ما يَشمَلُ حاليًّا كلًّا مِن: البَحرينِ، والأحساءِ والقَطيفِ؛ في شَرْقِ المملكةِ العربيَّةِ السُّعوديَّةِ.
وممَّا جاء في كتابِه هذا: ألَّا يُجمَعَ بيْن مُتفرِّقٍ، ولا يُفرَّقَ بيْن مُجتمِعٍ خَشيةَ الصَّدقةِ، بمعنى: لا يَجوزُ لأربابِ المواشي أنْ يَجمَعوا المواشيَ المُتفرِّقةَ بيْن عدَّةِ أشخاصٍ، ويَضُمُّوا بَعضَها إلى بَعضٍ في مَجموعةٍ واحِدةٍ؛ احتِيالًا منهم لِتَنقيصِ الصَّدقةِ، كأنْ يكونَ هناك ثلاثةُ أشخاصٍ، لكلِّ واحدٍ منهم أرْبعون شاةً، فلمَّا عَرَفوا أنَّ على كلِّ واحدٍ منهم شاةً، أرادوا جمْعَها معًا حتَّى تَصيرَ مئةً وعِشرين، فتُصبِحَ عليهم شاةٌ واحدةٌ؛ لأنَّه احتيالٌ لتَنقيصِ فَريضةِ الزَّكاةِ.
كذلك لا يَجوزُ لهم التَّفريقُ بيْن مُجتمِعٍ مِن أجْلِ تَنقيصِ الزَّكاةِ، كأنْ يكونَ للشَّريكينِ مِئتا شاةٍ، فيكون عليهما ثَلاثُ شِياهٍ، فيُرِيدا أنْ يَفترِقَا حتَّى يكونَ لكلٍّ منهما مِئةُ شاةٍ، فلا تَجِب عليه سِوى شاةٍ واحدةٍ، فلا يَجوزُ لهما التَّفريقُ؛ لأنَّه حِيلةٌ لتَنقيصِ الزَّكاةِ.
ويَحتمِلُ أيضًا أنْ يكونَ الخِطابُ مُوجَّهًا لِعاملِ الزَّكاةِ؛ ألَّا يَجمَعَ بيْن الأموالِ المُتفرِّقةِ التي لا تَبلُغُ نِصابًا، فيَجمَعَ بيْن الرَّجُلينِ والثَّلاثةِ؛ لِيَبلُغَ ما معهم النِّصابَ، فيَأخُذَ منه زَكاةً.
ولا يُفرِّقَ بيْن المُخالِطين مِن أجْلِ أنْ يَأخُذَ مِن كلِّ واحدٍ منهم زَكاتَه على حِدةٍ، يَحتالُ بذلك ليُكثِّرَ الزَّكاةَ المَجموعةَ.
وعليه؛ فيكونُ الخِطابُ لصاحبِ المالِ وللعامِلِ، وتكونُ الخَشيةُ في قولِه: «
خَشيةَ الصَّدَقةِ» خَشيتَينِ: خَشيةَ السَّاعي أنْ تَقِلَّ الصَّدقةُ التي يَجمَعُها، وخَشيةَ ربِّ المالِ أنْ تَكثُرَ الصَّدَقةُ التي يَدفَعُها، فأمَرَ كلَّ واحدٍ منهما ألَّا يُحدِثَ شَيئًا مِن الجمْعِ والتَّفريقِ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن الاحتِيالِ للهُروبِ مِن الزَّكاةِ، أو أخْذِها ممَّن لم تجِبْ عليه.
وفيه: مُعاملةُ المُحتالِ بنَقيضِ قَصْدِه.
وفيه: مَشروعيَّةُ الشَّرِكةِ في المَواشي.
وفيه: أنَّ مِن مَقاصِدِ الشَّرعِ تَنفيذَ أوامرِ
اللهِ وفَرائضِه، لا جمْعَ المالِ بتَكثيرِ الزَّكاةِ.
وفيه: بَيانُ أنَّ الإسلامَ دِينٌ مُنظَّمٌ في فَرائضِه وأحكامِه، ولا يَظلِمُ أحدًا ولا يَجورُ على الحُقوقِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم