حديث أن الربيع لطمت جارية فكسرت ثنيتها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه

أحاديث نبوية | شرح معاني الآثار | حديث -

«أنَّ الرُّبَيِّعَ لطمَتْ جارِيةً فكسرتْ ثَنيَّتَها فاختصموا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأمرَ بالقِصاصِ»

شرح معاني الآثار
-
الطحاوي
صحيح

شرح معاني الآثار - رقم الحديث أو الصفحة: 3/190 -

شرح حديث أن الربيع لطمت جارية فكسرت ثنيتها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

غَابَ عَمِّي أَنَسُ بنُ النَّضْرِ عن قِتَالِ بَدْرٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، غِبْتُ عن أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ ما أَصْنَعُ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ وانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعْتَذِرُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي أَصْحَابَهُ- وأَبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي المُشْرِكِينَ-، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقالَ: يا سَعْدُ بنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ ورَبِّ النَّضْرِ، إنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِن دُونِ أُحُدٍ، قالَ سَعْدٌ: فَما اسْتَطَعْتُ يا رَسولَ اللَّهِ ما صَنَعَ، قالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا به بِضْعًا وثَمَانِينَ ضَرْبَةً بالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً برُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بسَهْمٍ، ووَجَدْنَاهُ قدْ قُتِلَ وقدْ مَثَّلَ به المُشْرِكُونَ، فَما عَرَفَهُ أَحَدٌ إلَّا أُخْتُهُ ببَنَانِهِ، قالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُرَى -أَوْ نَظُنُّ- أنَّ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ فيه وفي أَشْبَاهِهِ: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } [ الأحزاب: 23 ]، إلى آخِرِ الآيَةِ.
وَقالَ: إنَّ أُخْتَهُ -وهي تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ، فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقِصَاصِ، فَقالَ أَنَسٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا.
فَرَضُوا بالأرْشِ، وتَرَكُوا القِصَاصَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ مَن لو أَقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2805 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 2805 )، ومسلم ( 1903 )



لم يَدَّخِرْ أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَفْسًا ولا مالًا في سَبيلِ إعلاءِ كَلِمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ونُصرةِ دِينِه، وضَرَبوا في ذلك أروَعَ الأمثِلةِ وأعلاها.
وفي هذا الحَديثِ يَضرِبُ أنَسُ بنُ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه مِثالًا فَريدًا في صِدقِ العَهدِ معَ اللهِ والتَّضحيةِ بالنَّفْسِ مِن أجْلِ إعلاءِ كَلِمَتِه سُبحانَه، فيُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عَمَّه أنَسَ بنَ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه قدْ غابَ عَن غَزوةِ بَدرٍ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُعلِنِ النَّفيرَ العامَّ، فلمْ يكُنْ خُروجُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلقِتالِ، وإنَّما خَرَجَ لِقافِلةِ أبي سُفيانَ، ولكِنْ أرادَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ القِتالَ، ونَصْرَ رَسولِه والمُؤمِنينَ، وكانت هذه الغَزوةُ في رَمضانَ مِنَ السَّنةِ الثَّانيةِ مِنَ الهِجرةِ.
فلمَّا غابَ أنَسٌ عن غَزوةِ بَدْرٍ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقال له: يا رَسولَ اللهِ، غِبتُ عَن أوَّلِ قِتالٍ قاتَلتَ فيه المُشرِكينَ، ولَئِنْ أشهَدَني اللهُ -أيْ: أحضَرَني- قِتالَ المُشرِكينَ، لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أصْنَعُ.
وأبْهَمَ رَضيَ اللهُ عنه ما سيَصنَعُ؛ تَعظيمًا له وتَهويلًا.
فلَمَّا كانت غَزوةُ يَومِ أُحُدٍ -وكانَتْ في شَوَّالٍ مِنَ السَّنةِ الثَّالِثةِ مِنَ الهِجرةِ، وأُحُدٌ جَبَلٌ مِن جِبالِ المَدينةِ، وكانَتْ بَينَ قُرَيشٍ والمُسلِمينَ- وانكَشَفَ المُسلِمونَ لِعَدُوِّهم، يَعني: بَدَتْ هَزيمَتُهم، قال: اللَّهمُّ إنِّي أعتَذِرُ إليكَ ممَّا صَنَعَ هؤلاء، يَعني أصحابَه الذين تَرَكُوا أمْرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونَزَلوا مِن فَوقِ الجَبَلِ لِجمْعِ الغَنائِمِ، «وأبرَأُ إليكَ ممَّا صَنَعَ هؤلاء، يَعني: المُشرِكينَ»، مِن قِتالِهم لِأهلِ الإسلامِ، وإيذاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ثم تَقدَّمَ رَضيَ اللهُ عنه، فاستَقبَلَه الصَّحابيُّ سَعدُ بنُ مُعاذٍ رَضيَ اللهُ عنه مُنهَزِمًا، فقال: «يا سَعدُ بنَ مُعاذٍ، الجَنَّةَ»، أي: أُرِيدُ الجنَّةَ، وهي مَطْلوبي، ثمَّ أقسَمَ باللهِ تعالَى فَقال: «ورَبِّ النَّضْرِ»، يَقصِدُ والِدَه، إنِّي أجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ وطِيبَها عِندَ جَبَلِ أُحُدٍ.
والمَعنى: إنِّي أجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ حَقيقةً، أو أجِدُ رِيحًا طَيِّبةً تُذَكِّرُ بِريحِ الجَنَّةِ.
قال سَعدُ بنُ مُعاذٍ رَضيَ اللهُ عنه: فما استَطَعتُ يا رَسولَ اللهِ أنْ أصنَعَ مِثلَ ما صَنَعَ؛ مِن إقدامِه وقِتالِه لِلمُشرِكينَ.
قال أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه -مُبَيِّنًا عِظَمَ بَلاءِ أنَسِ بنِ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه، وصَبرِه في القِتالِ-: فوَجَدْنا به بِضعًا وثَمانينَ ضَربةً بالسَّيفِ، أو طَعنةً برُمحٍ، أو رَميةً بسَهمٍ، والبِضْعُ: ما بَينَ الثَّلاثِ والتِّسعِ، ووَجَدْناه قدْ قُتِلَ، وقد مَثَّلَ به المُشرِكونَ، أي: قَطَعوا مِن أعضائِه بعْدَ مَوتِه، فما عَرَفَه أحَدٌ إلَّا أُختُه -واسمُها الرُّبَيِّعُ بِنتُ النَّضْرِ- ببَنانِه، يَعني: عَرَفتْه بطَرَفِ إصبَعِه.
قال أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه: كُنَّا نُرى -أو نَظُنُّ- أنَّ هذه الآيةَ نَزَلتْ فيه، وفي أشباهِه، وهي قولُ اللهِ تَعالى: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } [ الأحزاب: 23 ].
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ أنَسِ بنِ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: فَضلُ الوَفاءِ بالعَهدِ مع اللهِ، ولو شَقَّ على النَّفْسِ.
وفيه: أنَّ طَلَبَ الشَّهادةِ لا يَتَناوَلُه النَّهيُ عنِ الإلقاءِ بالنَّفْسِ إلى التَّهلُكةِ.
ثم أخبر أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أُختَ أنَسِ بنِ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه -واسمُها الرُّبَيِّعُ رَضيَ اللهُ عنها- كَسَرتْ ثَنيَّةَ امرأةٍ، والثَّنيِّةُ هي الأسنانُ الأماميَّةُ، فأمَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقِصاصِ، أي: بكَسْرِ سِنِّها مِثلَما كَسَرتْ سِنَّ المرأةِ، كما قال اللهُ تعالى: { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } [ المائدة: 45 ]، فقال أنَسُ بنُ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه: يا رَسولَ اللهِ، والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، لا تُكسَرُ ثَنيَّتُها.
قال ذلك توَقُّعًا ورَجاءً مِن فَضلِه تعالَى أنْ يُرضِيَ المَجْنيَّ عليها لِتَعفُوَ عنها؛ ابتِغاءَ مَرضاتِه، ويَحتَمِلُ أنَّ ذلك قبْلَ أنْ يَعرِفَ أنَّ الحكْمَ في كِتابِ اللهِ القِصاصُ على التَّعيينِ، وظَنَّ التَّخييرَ بيْن القِصاصِ والدِّيةِ.
فأخبَرَ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ قَومَ المَجنيِّ عليها رَضُوا بالأرْشِ، وتَرَكوا القِصاصَ، والأرْشُ: هو العِوَضُ الماليُّ عنِ الجِنايةِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ مِن عِبادِ اللهِ مَن لو أقسَمَ على اللهِ» -يَعني: حَلَفَ يَمينًا؛ طَمَعًا في كَرَمِ اللهِ تعالَى- «لَأبَرَّهُ» في قَسَمِه، أي: لمْ يَلزَمْه كَفَّارةُ يَمينٍ؛ لِأنَّ اللهَ تعالى سَوفَ يُبِرُّ قَسَمَه، ويُجري له ما أقسَمَ عليه؛ وذلك لِمكانَتِه عِندَ اللهِ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ أنَسِ بنِ النَّضْرِ رَضيَ اللهُ عنه، وما كان عليه مِن قُوَّةِ الإيمانِ واليَقينِ باللهِ عَزَّ وجَلَّ.
وفيه: مَشروعيَّةُ العَفوِ في القِصاصِ وقَبولِ العِوَضِ المَشروعِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
فتح الباري لابن حجرحديث في لعن الراشي والمرتشي
فتح الباري لابن حجرحضرت رجلا من المسلمين الوفاة بدقوقا ولم يجد أحدا من المسلمين فأشهد
مسند أحمد تحقيق شاكرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم للفرس سهمين وللرجل سهما
مسند أحمد تحقيق شاكرقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المسيح الدجال فقال
مسند أحمد تحقيق شاكراطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القليب ببدر ثم
مسند أحمد تحقيق شاكرإنها صلاة العشاء فلا يغلبنكم الأعراب على أسماء صلاتكم فإنهم يعتمون عن الإبل
مسند أحمد تحقيق شاكررمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين مرة أو خمسا وعشرين
مسند أحمد تحقيق شاكرسيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا يفعلون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم
مسند أحمد تحقيق شاكرقلت لابن عمر أراك تزاحم على هذين الركنين قال إن أفعل فقد سمعت
مسند أحمد تحقيق شاكركنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل
البدر المنيرأنه صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر
مسند أحمد تحقيق شاكرأقيموا الصفوف فإنما تصفون بصفوف الملائكة وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا في


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, June 10, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب